حسن الهاشمي
لشد ما تشطرا ضرعيها من عطاءات مادية ومعنوية لها أول وليس لها آخر. والسائح اللبيب حين يتخطى الرقاب سيحا وتأملا واستغراقا يتضوع من نسائمها التي تتقاذفه ذات الشمال وذات الجنوب وتتجاذبه قوة غيبية ذات الشرق وذات الغرب. وبين تلك وذينك يعيش أجواء قلما يجد لها مثيلا في العالم، وينتشي انتشاء لا مثيل له في الوجود، ويحتفي بشربه نخب المودة والعشق، وهو يرفل بهالة تغييرية لا يفيق منها إلا وهو يشعر ببراءات الطفولة وعطاءات الشبيبة ورشديات الكهولة وحكميات الشيخوخة. وفي تلك الأجواء المفعمة تتهادل من بين ثناياها جدائل معرفية وتنموية ومعنوية، وتنسدل على وجهها الحسن وصدرها الرحب فترسم صورة تختالها باحات عطاء وواحات إخاء وفضاءات هي خضراء ولا خضرة بلاد السواد.أينما وليت وجهك فثمة وجه الحقيقة والصواب والرشاد والنقاء. جدران وسقوف وأعمدة وأروقة ومشاهد وما عليها من ذهب وفضة وزخارف وأزهار ومرايا ملونة وما تسمع في أجوائها من أوراد وتضرع وتوسل وتنسك واستفاضة واستزادة. كل تلك المحطات تزيل عن قلب الواحد منا صدأ الغوائل والأحقاد والذنوب والمشاكل، وتضخه بهالة وضاءة من أنوار الهداية والتقرب والتبتل والخشوع، وتصيره كتلة ملتهبة من عطاءات لا تبور ومناقبيات تقضي على كل رين وحقد وإحن في النفوس. شذى الحرية يعبق من كل ناحية وزاوية، يردد صدى اللاءات الموجعة الموجهة للمتمردين عليها، والذين كادوا أن يعقروها وها هو نسغهم يترائى عليها للقاصي والداني لا يمحى إلا بالدم ورائحة البارود. هكذا يتعلم منه الهائمون على أعتابه يأخذون منه ويستلهمون، نعم إنه هو الذي غسل عارها وشنارها، وهو الذي قدمها للإنسانية على طبق من ذهب، حينما خط بدمه الطاهر كفى بك ذلا أن تعيش وترغما... فكانت تلك الفضاءات بحق أديم الثقافة الخضراء ومروج علوم أهل البيت عليهم السلام، الملفعة بأزهار الولاية، والمعبقة بفضاءات يتضوع نسائمها القاصي والداني في الحرم المقدس والرحاب الطاهر لأبي عبد الله الحسين عليه السلام. لا يزال أريجه وشذى عبقه يشد ويأسر العاشقين الذين يتوافدون زرافات ووحدانا، لانتشاء الروح بجلالة المنظر ومهابة المزور وغزارة ما تتدثر به من خيرات حسان، وعلوم جمة، وبركات لا شية فيها ولا هزال.
https://telegram.me/buratha