حافظ آل بشارة
لحد الآن يعتقد بعض رموز الحكومة في بغداد ان هذه الحكومة محفوظة من السقوط لأنها حكومة ديمقراطية منتخبة ، والاعلام الوطني ايضا كثيرا ما كرر هذه الاقوال بشيء من الخلط والتلبيس البريء او الهادف ، لكن القول الفصل في هذه القضية ان الناس يريدون الحفاظ على النظام السياسي واستخدام آلياته لاصلاح الحكومة ، النظام شيء والحكومة شيء آخر ، الحكومات ترحل والنظام باق ، الحكومة مجموعة اشخاص ، بينما النظام نظرية واهداف وآليات وعقيدة سياسية ، الحكومة التي تفشل في تجسيد اهداف النظام السياسي تسقط دستوريا ، ومثلما جاءت بالتصويت ترحل بالتصويت ، ولن تقوم القيامة ، هناك حفنة اوهام عملت بعض الاطراف على حشو الذهن الشعبي بها بشكل مبكر لتتحكم بالولاءات والافكار وتثير المخاوف ، هناك ذكريات مؤلمة لاحتفالات تتويج البعض انفسهم محامين عن مكون اجتماعي مقابل مكون آخر واختلاق صراع شيطاني لتوفير دور الاطفائي المحب للخير ، الصراع الافتراضي كان ضروريا للبعض كي يصلوا الى اهدافهم ، والوهم الآخر الاعتقاد بأن الغطاء الديمقراطي يمكن ان يحجب ويزين ممارسات غير ديمقراطية ويوفر لها الشرعية ويحفظ اصحابها من المحاسبة ، لكن هذه الايام فقد المستضعفون صبرهم كاشفين زيف مقولة (حماة المكونات) والذين يتوقف على وجودهم المبارك الحياة والشرف والمصير ! فمن البديهيات ان المكونات لا يحميها اللصوص والفاشلون والمتكبرون ، كانت التجارة السياسية المؤقتة تقتضي تقسيم السلطة في العراق على اساس هذه الرؤى البائسة ، وبذلك تطلب الأمر تسييس الانتماءات الطبيعية للناس ، التقسيم المذهبي او العرقي او المناطقي في العراق لم يقدم اي خدمة للجمهور الخاضع للتقسيم ، ومن يزعم ان الشعب العراقي قسم سياسيا وانتهى امره فهو متوهم ، انه موحد في مصيبته ، يواجه فقدان الأمن والبطالة والفقر والفساد وتوقف عجلة الانتاج والتنمية بلا تمييز ، عذابه واحد ، بلا حام او مدافع ، التقسيم الوهمي يزدهر في اروقة الساسة وحدهم وهم المستفيدون منه ، لديهم مانشيتات مثيرة تتحدث عن اقتسام الكعكة التي ليس فيها نصيب للشعب ، المواطن مصاب بالملل والاحباط وهو يريد تعديل مأمورية النظام الديمقراطي وليس اسقاطه ليكون النظام سلاحا لمواجهة فساد الحاكمين وليس غطاء له ، يريده اداة للتصحيح وليس اداة لشرعنة الفشل او حصنا للفاشلين يجعلهم في منجاة من المحاسبة . شعوب العالم العربي الثائرة فاجأت الحكومات بهذا المستوى العالي من الوعي والشجاعة والاقدام ، انه زمن تمرد الشعوب على الحكومات الجائرة ، شعوب لا يمكن مخادعتها تدعو بوعي عال الى تغيير الانظمة وليس الاكتفاء باستبدال الحاكمين وهو مطلب عراقي مقلوب فالشعب العراقي بوعيه العالي يريد تغيير الحاكمين وليس النظام ، واذا صدق عراقي واحد بمقولة حماة المكونات فلا بأس أن يسعى كل مكون لاختيار حراس جدد ، ففي كل مكون هناك نساء غير عواقر بامكانهن ان يلدن حراسا لطيفين أكثر نزاهة وأكفأ اداء .
https://telegram.me/buratha