حافظ آل بشارة
يناقش مجلس النواب مشروع قانون حماية الصحفيين ، لا نعرف تفاصيل المشروع لكن كلمة (حماية) ربما تعني تقديم السلامة الامنية للصحفي على كل شيء لأنه حلقة الوصل بين الجمهور والدولة ويعبر عن تطلعات المواطن وينقل رأيه واحتجاجه ، ثم ينقل الى المواطن وجهة نظر الدولة في مختلف الأمور ، يحقق نوعا من الوساطة بين الطرفين ، ويهيء مسرحا للحوار وتبادل الرأي بين الناس حول مختلف القضايا ، ويثير موجة في الرأي العام باتجاه محدد ، ويمارس عملية تعبئة واسعة ، وهو سلطة رابعة وذات دور رقابي فوق الجميع ، وهو القوة الناقدة وليس القوة الساندة بلا قيد او شرط ، لذا فالصحفي شخصية ليست محبوبة في اوساط الحكومة وان كانت ديمقراطية ، الرئيس الامريكي الاسبق رونالد ريغان يوصف بلده بمهد الديمقراطية يسمي الصحفيين (اسماك القرش) وينصح وزراءه بالقول: (ارموا لهم طعما يلوكونه وينشغلون به عن متابعة أمور اخرى اكثر حساسية لانهم يبحثون عن المتاعب) . صراع دائم بين السياسي والصحفي وتشتد المشكلة عندما يكون الساسة مصادر خبر للصحفي ، الصحفي تستهدفه الحكومة ، ويتصيده الارهابيون ، فهو بحاجة الى الحماية ، في العراق كان الصحفيون ضحايا دائميين للعمليات الارهابية قتلا وخطفا وتغييبا وتنكيلا ، وهم عرضة لتنكيل المسؤولين الحكوميين وفضاضة قوات الحماية واطواق التفتيش وموظفي المكاتب المعتمة ، مشروع قانون حماية الصحفيين الذي يبحثه مجلس النواب يتعرض لاسئلة هامة مثل تحديد من هو الصحفي فهناك اكثر من 15 مهنة اعلامية معروفة يتداخل فيها الفني والخدمي والتكنلوجي الى جانب القلم فهل ان هؤلاء كلهم صحفيون ؟ ثم لماذا تطغى تسمية الصحافة على الجميع مع ان تسمية (الاعلامي) اشمل لانها تضم الصحافة والاذاعة والتلفزة والاعلام الالكتروني ؟ ولماذا يعتبر المنتمون الى نقابة الصحفيين وحدهم جديرين بالتوصيف الصحفي ، فمن الممكن ان تكون هناك اكثر من نقابة او جمعية او اتحاد لاصحاب هذه المهنة ، خاصة وان الدستور في مادته 39 يمنع اجبار اي فرد على الانتماء الى اي تنظيم ويمنع اي تشريع او تصرف يتعارض مع هذا المضمون ، وعندما يعتمد تعريف النقابة الحالية وحده لتسمية الصحفي فهذا يعني اجبار الجميع على الانتماء اليها وهذا خرق للدستور، بما يهدد مفهوم الحريات وحرية التعبير ، ثم قد يثير مشروع القانون شجونا اخرى في اوساط الاعلاميين فليس فقط حياتهم وحريتهم وكرامتهم مهددة بل هم مهددون في لقمة عيشهم ولا توجد اي جهة فاعلة تتولى الدفاع عنهم ، المشكلة المعيشية للاعلاميين لا تلاقي اذنا صاغية من الساسة لانهم طبقة مترفة في الحكومة والبرلمان ، يتحدثون باستعلاء عن حرية الوصول الى المعلومات التي لا تعني شيئا للصحفي الذي يتضور اطفاله جوعا ، ويكابد مع اسرته الفقر والحرمان وفقدان مقومات العيش البشري ، الا يمكن ان يتحول التناقض بين الساسة والاعلاميين الى تناقض ذي مغزى طبقي بين ممثلي قوى الغنى الترف وممثلي قوى الفقر والبؤس والشقاء ؟
https://telegram.me/buratha