بقلم : فاطمة الحسني
في الاسابيع المنصرمة وعلى وقع التداعيات والتغييرات الجذرية التي شهدتها المنطقة العربية والتي اججتها النار المشتعلة في عربة خضار البو عزيزي والتي يجب ان نرفع لها القبعات لانها كانت شرارة للثورة ونذيرا للتغيير وزعزعة عروش الطواغيت.
ومع امتداد هذه الثورة المباركة الى عدة بلدان عربية وبتطور الاحداث التي جعلتنا نتسمر اياما وليالي امام شاشات التلفاز لنشاهد الاحتجاجات والتظاهرات في تونس ومصر مع استمتاعنا بروح الفكاهة التي صاحبت ثورة الشباب المصري , صرنا بعدها نشاهد العديد من المشاهد الدامية والحوادث المؤلمة في ليبيا واليمن واخيرا البحرين.
ان ما جرى يقودنا الى نتيجة واحدة وهي ان جميع الحكام العرب يجمعهم شيء واحد , وهو التشبث بالكرسي والاستعداد لسحق شعوبهم من اجله وانهم جميعا ينتمون الى مدرسة واحدة وهي مدرسة التسلط والظلم والطغيان.ومن الملفت ايضا الى ان جميع الثورات تم تسليط الاضواء عليها اعلاميا ولاقت التعاطف والمساندة من معظم المجتمعات وحتى الحكومات في بعض الاحيان , لكن في حالة الثورة البحرينية صدمنا ونحن نتابع التحشيد والاصطفاف الطائفي والتنكر لمشروعية المطالب العادلة والسلمية لهذا الشعب الاعزل ومباركة القمع الوحشي للمدنيين العزل من الاخوة البحارنة الذين طالبوا بالعدل والحرية بصورة سلمية, واصبح وعاظ السلاطين وشيوخ الفتنة النتنة يتحفونا بفتاويهم الطائفية البغيضة ويشرعنون قتل وابادة المتظاهريين العزل لانهم ينتمون الى مذهب غير مذهب هؤلاء الوعاظ وهم بذلك يستحقون القتل والتعذيب والابادة ما استطاع الى ذلك الحاكم الظالم سبيلا !!
وشاهدنا ايضا في الحالة البحرينية تدفق الجيوش من دول اخرى لسحق الشعب البحريني الاعزل , كل هذه الامور المثيرة للاستغراب كانت مصحوبة بصمت عربي ودولي مخجل ومثير للريبة والصدمة.اذ يبدو ان الدم البحريني المراق هو الارخص في المعادلة الطائفية والمصالح البترولية تماما كما كان حال اخوتهم العراقيين في انتفاضتهم التي تم سحقها بتواطيء خليجي امريكي قبل عشرين عام من قبل نظام المقبور صدام بسيناريو مشابه.وعلى الرغم من تواطيء المجتمع الدولي بمؤسساته المختلفة ووقوفهم الى جانب الظلمة ضد الشباب الاعزل واغماض العيون عن الجرائم التي ارتكبت في البحرين والتي ترقى الى مستوى الجرائم ضد الانسانية , لكن الشيء الاكيد والحتمي هو ان عدالة جبار السماوات والارض لابد وان تتحقق في نهاية المطاف وان المكر السيء سوف يحيق باهله لا محالة , وهذه هي سنة الله في خلقه.
فسلطان ال خليفة الجائر لم ولن يكون باقوى وامنع من سلطان الكتلة الشيوعية في روسيا واوربا الشرقية والتي شاهدنا جميعا سحقها باقدام شعوبها وكذلك لن يكون باقوى من سلطان ال عثمان الذي تسلط على رقاب الشعوب لعدة قرون, او دولة الاكاسرة من الفرس والتي داستها سنابك خيول العرب.
عندما كنت اشاهد في نشرة الاخبار منظر تحطيم نصب اللؤلؤة في دوار اللولؤ في المنامة, تذكرت حادثة طريفة نقلتها لنا كتب التاريخ ولا ادري لماذا اخذ ذهني بربطها بعملية هدم النصب المذكور.تروي كتب السير والتاريخ بان القائد المسلم سعد بن ابي وقاص وقبل بدء الحرب مع الفرس بمعركة القادسية قام بارسال وفد للتفاوض مع كسرى ملك الفرس الذي كان معروفا بغروره وتعاليه وصلفه وعندما التقى كسرى يزدجرد بالوفد العربي والذي كان يراسه الفارس العربي المعروف عمرو بن معد كرب اراد كسرى ان يستهزء ويهين العربفسالهم ... من منكم الاشرف نسبا والاعلى مقاما؟فصمت القوم...وكرر الملك الفارسي السؤال عدة مرات بعدها تقدم احد افراد الوفد وقال:انا ايها الملك...فهمس كسرى باذن اقرب معاونيه اليه .. وما هي الا لحظات واذا بالمعاون يرجع وهو يحمل زنبيل مملوء بالترابامره كسرى بان يضعه على كتف الرجل العربي وهو يضحك باستهزاء وقال للوفد هيا اخرجوا بجوابي هذا الى الذي بعثكم الي.استغرق كسرى وحاشيته بالضحك على منظر الرجل المسلم وهو يحمل الزنبيل والتراب يندلق على كتفهبعد ذلك دخل على كسرى احد الحكماء وتعجب من ضحك وقهقهة القوم فاخبره كسرى بالخبر المضحك فقال ذلك الحكيم للملك المغرور: او تدري ما صنعت يا مولاي؟انك قمت بتسليمهم تراب فارس بيديك وهذا نذير زوال ملكك ومجد فارس وسيطرة العرب وتملكهم على ارض فارس.
لقد كان هذا الحكيم محقا بقراءة هذا الحدث واعتبره نذيرا لاحداث جسام تحملها قادم الايام لقد استذكرت هذه الحادثة وانا انظر الى نصب اللؤلؤة ينهار باعمدته الستة والتي تمثل كل منها دولة من دول مجلس التعاون, هذا النصب الذي انشىء اساسا بمناسبة اول قمة لهذا المجلس.
لو كنت في مقام تقديم النصح لحكومة البحرين لكنت نصحتهم بان لايقوموا بهذا العمل الاحمق والمشابه في حمقه لتصرف كسرى وذلك لما يحمله من نذير خراب وزوال لهؤلاء القوم.وقد قال الباري عزوجل ( كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك واورثناها قوما اخرين).وايضا قال تعالى ( وبشر الصابرين).وقال جل من قائل ( ونريد ان نمن على الذين استضعفوا بالارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين) صدق الله العلي العظيم.
فاطمة الحسني
https://telegram.me/buratha