عبد الكريم ابراهيم
بعد غياب طويل تحت وصاية قوانين الطوارىء والاحكام العرفية وبطش الاجهزة الامنية ،عاد الشارع العربي الى ممارسة حق التظاهر ،كنوع من الاحتجاج على اوضاع معينة يراد لها التغيير ،خصوصا بعد سريان هذا المفهوم الى عقول الشعوب العربية المتعطشة ،ولكن هل كل هذه البلدان مهيئة لتلقف شرارة التظاهر ؟ وهل العربي و العراقي بوجه خاص واع بثقافة هذا الحق ؟ ؛لان المعرفة هي اهم شيء في مثل هذه الامور ،للحيلولة دون تحويل الاعمال النبيلة والشريفة الى نوع من اللصوصية ونهب المال العام ،ولاتكفي الدعوة الى ممارسة حق كفله القانون ، بل يجب اعداد المواطن ثقافيا لقبول هذا المعنى وتفاعل معه ،وهذا لايعني التخيلي عن المطالبة بحق التظاهر ، لان المعرفة الواضحة هي السبيل لعدم انحراف الثوارات الشعبية الى ماكنة تحرق الاخرين بنارها .اذا كيف نسير في الطريق الصحيح ولانعط مبررا واحدا ينفد اليه الاخرون ،هذا يحتم علينا ان نكون واعين بقدر المسؤولية ،ونحدد اهدافنا بشكل واضح ،لان الضبابية قد تدفع المقابل ان ينعتوا المتظاهرين بالقاب شتى ،وايهام الاخرين بعدم مشروعيتها ،بهذا يضيع حق قد تدفع في سبيل تحقيقه دماء زكية.بعض المتقولين يصفون ما حدث في مناطق متفرقة من العراق ،من مطالب تحسين الخدمات والقضاء على البطالة والفساد الاداري ،جاءت بفعل الهيجان العربي الذي يغلي من دولة الاخرى ،اي ان عدوى التظاهر انتقلت الى العراق بفعل التقليد الاعمى دون معرفة الامور .هذا الكلام نصف الحقيقة ،او من يريد وأدها واضاعتها في متاهات المؤامرة التي لاتفارق العقلية العربية ؛لان لااحد ينكر ان الانتفاضات الشعبية كانت جزءا من عوامل الغليان ، لكن الخروج من اجل المطالبة بتحسن الخدمات والملل الذي انتاب العراقي من وعود بعض المسؤولين،يجعل المظاهرات التي خرجت لم تكن حالة عبثية او نزوة تقليد ،ولكن نفاد صبر العراقيين والضغط الداخلي هما اللذان دفعا ان تخرج بعض الفئات للمطالبة بحقوقها التي كفلها الدستور،وغياب المعارضة البرلمانية التي يمكن الاعتماد عليها في ايصال صوت المواطن وتعبير عنه،مع كل الاسف بعض البرلمانيين انغمسوا في البحث عن المنافع الخاص والفئوية ،ما افقد البرلمان بعض خصوصته المتمثلة في الدفاع عن مصالح الجماهير ، شراء الخواطر والمجاملات التي التى جعلت وزارات العراق تمدد بحيث فاقة اكبر الدول ،كل هذه الامور هي نتائج عكسية على ميزانية الدولة وتبديد للموارد العراقية ،وقد تكون بعض هذه المظاهرات انحرفت عن المسار المحدد لها، بفعل حالة عدم السيطرة على المشاعر وتنوع المشاركين .على العراقيين ان يكونوا واعين لاستثمار هذا الحق بحيث يكون صوتا مدويا يهز مضاجع بعض المسؤولين الفاسدين الذين ليس على السنتهم سوى الوعود ،واعطاء صورة عن ثقافة قانونية وروح حضارية مفعمة عن الاستغلال الامثل لحق الشعوب في التعبير عن مطالبها المشروعة .
https://telegram.me/buratha