احمد عبد الرحمن
طيلة الاعوام الثمانية المنصرمة وحتى الان مازال الجميع يقولون ويؤكدون ويكررون حقيقة ان الفساد الاداري والمالي المستشري في مختلف المؤسسات والدوائر والمفاصل يعد المعضلة الاكبر والافة الاخطر في جسد الدولة العراقية، واكثر من ذلك يقولون ويؤكدون ويكررون ان الفساد والارهاب هما وجهان لعملة واحدة ، وان الفساد هو المدخل الرئيسي للارهاب، ومادام الاول قائما فأن القضاء على الثاني من غير الممكن ان يتحقق مهما كانت الخطط ومهما انفق من اموال، ومهما كرس من كوادر وطاقات.ونفس المظاهر التي يخلفها الفساد يخلفها الارهاب، وهي الفقر والعوز والحرمان والفوضى وانعدام الامن وتفشي الظلم والحيف والاهمال.ومثل هذه المشاكل التي تبدأ صغيرة فأنها من الطبيعي ان تكبر وتتسع وتستفحل اذا لم يتم الالتفات اليها مبكرا واحتوائها بطرق واساليب واقعية وعملية.وهذا المبدأ لايقتصر على العراق فحسب الذي يرى فيه البعض حالة استثنائية نوعا ما، بل انه ينطبق على كل الشعوب والانظمة والمجتمعات، وما حصل ومايحصل حاليا في عدة بلدان عربية من مظاهر احتجاج واسعة هو في الواقع تعبير حي وحقيقي تراكم وتعقد المشاكل والازمات بسبب عدم حرص المعنيين ومن بأيديهم زمام الامور على حلها ومعالجتها.ولعل اوجه ومظاهر الفساد الاداري والمالي تتعدد وتتنوع من هذا المفصل الى ذاك، لترسم بمجملها صورة سوداوية وقاتمة، وتلقي بظلالها الثقيلة واثارها السلبية على المواطن العادي، من حيث الخدمات الاساسية، وشيوع البطالة، واتساع الهوة بين اقلية في المجتمع من اصحاب المواقع والمناصب الخاصة، واكثرية ابناء المجتمع من ذوي الوظائف العادية والمداخلي المالية المحدودة، ناهيك عن العاطلين عن العمل وذوي الاحتياجات الخاصة والارامل والايتام، وبقاء الاوضاع والظروف السيئة التي ترزح تحت وطأتها فئات وشرائح اجتماعية عديدة. ولاشك انه من الخطأ اعتبار ان التظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية التي اجتاحت الشارع العراقي مؤخرا جاءت من فراغ، وبدون مبررات ومسوغات ودواع معقولة ومنطقية ومقبولة.ان تلك التظاهرات والاحتجاجات هي نتاج ممارسات واجراءات وسلوكيات خاطئة -بصرف النظر عن كونها مقصودة ام غير مقصودة-تراكمت خلال الاعوام الماضية، من دون ان تطرح ازائها حلول ومعالجات عملية وعملية تكفل تغيير الواقع واصلاحه نحو الافضل بما يعود بالنفع على المواطن.
https://telegram.me/buratha