احمد عبد الرحمن
لايمكن للدولة في النظام الديمقراطي الحقيقي ان تتمتع بالاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي والهدوء الامني، ما لم يكون هناك انسجام كبير -او كامل- بين السلطات العليا في البلاد ، وهي التنفيذية والتشريعية والقضائية. وهذا الانسجام لايعني بالضرورة تطابق الرؤى والافكار والتصورات حول كل القضايا المطروحة للبحث والنقاش، بل يعني الاتفاق والتوافق على المعايير والثوابت والمباديء الوطنية العامة، وتحديد وتشخيص الاولويات بما يصب في نهاية المطاف في خدمة المواطن العادي.ليس غريبا ان يختلف البرلمان مع الحكومة في وجهات النظر حول هذه القضية او تلك، وهذا امر طبيعي جدا في ظل سياقات العمل السياسي الديمقراطي، حيث ينظم ويقنن الدستور الخلافات والاختلافات، ويرسم حدودا واضحة لها، تحول دون حدوث التصادم والتقاطع الذي ينعكس سلبا على المصالح الوطنية العامة للبلاد.وفي العراق مازالت التجربة الديمقراطية في بدايات عمرها، ومازالت تواجه الكثير من التحديات والمصاعب، ومازالت تحفل بقدر غير قليل من الاخطاء والسلبيات التي تعود لاسباب وعوامل مختلفة، لعل من بينها-او من ابرزها-هيمنة النزعات الفئوية والحزبية الضيقة لدى بعض او معظم القوى والتيارات المشاركة في العملية السياسية.واليوم حينما نشهد الكثير من المماحكات والتجاذبات والمناكفات بين الحكومة والبرلمان، بمستوى من شأنه ان يعطل او يعرقل عمل كليهما، فأننا بلاشك امام حالة غير صحية في التجربة الديمقراطية.فالحكومة مطلوب منها ان تبذل اقصى الجهود وتكرس كل الطاقات والامكانيات لتحسين الواقع الخدمي والامني في البلاد والنهوض به الى الامام، وينبغي عليها ان تحث وتحفز البرلمان على الاسراع بتشريع القوانين، وخصوصا تلك المتعلقة بالجانب الخدمي ومكافحة الفساد الاداري والمالي، في ذات الوقت فأن على البرلمان ان يعمل بوتيرة اسرع وبمهنية اكبر، ويستفيد من تجربة الدورة الاولى، ليتلافى ويتجنب الاخطاء التي وقعت فيها ، سواء كانت مقصود او لم تكن كذلك، والتركيز على اضعاف الحكومة ليس بالامر الصحيح، لان اضعافها يعني تفاقم المشاكل والازمات وغياب المعالجات والحلول واتساع الهوة بين مراكز صنع القرار ورسم السياسات وادارة شؤون البلد. وكل ذلك يلقي بظلاله الثقيلة على المواطن العادي الذي عانى وتحمل بما فيه الكفاية. ولابد من الالتفات الى واقعه المزري بجدية واهتمام ومسؤولية.
https://telegram.me/buratha