ناجي لطيف العسكري
في 21/3/1922 قام الوهابيون بهجوم واسع على العراق ، راح ضحيته عدد كبير من القتلى والجرحى ، ونهباً للأموال ، والاعتداء على الأماكن المقدسة ، من ما اثأر ردة فعل قوية لدى الأوساط الدينية والعشائرية ، حيث تفاعلت القيادات الدينية مع الحدث ، فاتخذت بسرعة موقف مناسب من الاعتداء الوهابي من خلال التحضير إلى مؤتمر توحيد القيادات الدينية تحت قيادة واحدة ، شارك في المؤتمر عدد كبير من رجال الدين السنة وشيوخ العشائر السنية ، وأصبح هذا اليوم ، يوم للوحدة العراقية توحدت جميع طوائفه ضد التدخل عربي كان أما أجنبي .وها هو التاريخ يعيد نفسه من جديد ، ولكن هذه المرة في بلد اقرب ما يكون إلى نسيج العراق الاجتماعي والديني إلا وهو بلد البحرين ، بلد يعيش فيه السني قرب أخيه الشيعي بسلام ، كما يعيش الشيعي مع أخيه السني بسلام ، تحملوا معاً الظلم والاستبداد من حكومة جائرة ، هدفها خلق الطائفية بين الشعب ، لأنها تعرف أن وحدة شعبها سوف يكون السيف الذي يقطع رقاب المستبدين . كرست الحكومة البحرينية جميع طاقاتها بمساعدة أمريكا العرب ( السعودية ) للفرقة والطائفية ولكنها لم تنجح ، أن شعب البحرين نسيج موحد لا يمكن فك غزله بسهولة رغم التخويف من الأسرة الحاكمة إلى الشعب السني البحريني من مخاطر الفرد البحريني الشيعي وخصوصا أذا وصل إلى السلطة فهذا يعني ما حدث في إيران من تفريغ المحتوى الحقيقي لمكونات الشعب ، ولكن رغم ذلك استمرت الأسرة البحرينية بوحدتها ولم تستمع إلى صرخات الطائفية .وعندما هبت رياح التغير في الوطن العربي كان للشعب البحريني كلمة في هذه الثورات التي حدثت ، فقد عاش البحرينيين أو جزء منهم في ظل استبداد وتعسف الحكومة أو الأسرة الحاكمة .إذن ، هي ثورة ضد الاستبداد والتسلط ، فالانحراف الواقع في مسيرة الحكام العرب هو نفس الانحراف في مسيرة الحاكم البحريني ، فالجميع عندما وصل إلى السلطة عن طريق ثورة قام بها أو وصل عن طريق الحكم الملكي الذي أصبح ألان هذا الحكم بالي جدا ، فقد انتهت الحقبة التي تعتبر فيها الأسر المالكة ، اسر تتناقل السلطة كما تتناقل الأموال والثروات ، واستمر هذا الحاكم في الحكم حتى أصبح إصلاح النظام يعتبرها جريمة لا يمكن أن تغتفر ، أخذت الأوضاع تدهور في طول طريق الحكم .أن المشروع الإصلاحي التي انتفض من أجلة الشعب البحريني هو نفس المشروع الذي أيده العالم العربي والإسلامي في تونس ومصر وليبيا واليمن ولكن في البحرين أصبحت الثورة خطر يهدد المنطقة وان نجاح الثورة في البحرين يعني أن هذه الثورات سوف تنتقل عدواها إلى شعوبهم كما حدث في الأمس القريب عندما مارس الشعب العراقي الديمقراطية في اختيار من يقوده فعلى الرغم من الإخفاقات التي واجهت العملية السياسية في العراق ، إلا أنها أثرت بشكل واسع في المنطقة ، وأصبحت الشعوب تتطلع إلى الحرية والديمقراطية وان تختار من يقودها ، وإذا لم يمارس عملة بشكل صحيح تخرج المظاهرات لتنديد بهذا الشخص مهما كانت مرتبته من هرم السلطة ، نحن الشعب العراقي رغم أننا لم ندرك حقيقة الحرية التي نعيش فيها بسبب الأوضاع التي نعيشها ، ولكن البعض يحسدنا حتى على هذه الحرية التي تحتاج إلى وقت لكي يفهما الشعب والحكومة .هذه الأوضاع أذن ، تهدد المنطقة وأي تغير يحدث في المنطقة سوف يهدد المملكة السعودية وحكامها ، فالنظام المفروض على هذا الشعب يجعل منهم أكثر البلدان اضطهاد وعزلة ، لذلك حاولت السعودية بجميع الطرق احتلال البحرين وتفنيد الثورة ، ولكن هذه المرة كل شي جاهز فاللعبة محاكة والمال والنفط والخديعة موجودة ، تساعدهم على ذلك مؤسسات إعلامية حملت اسم الإسلام زوراً .قامت الأسرة الحاكمة في السعودية بتحريك درع الجزيرة الذي كان هدفه حماية الجزيرة من خطر التدخل الخارجي ، ولكنها استخدمته في القضاء على الثورة في البحرين والتدخل في شؤون البحرين الداخلية . حيث قام هذا الجيش الذي تمت تعبئته نفسياً بعمليات إرهابية ، قتل المواطنين العزل وسجن الأطفال والنساء واغتيالات قيادات الثورة وسلب ممتلكاتهم ، حتى وصل بهم الحال إلى تدمير بعض الحسينيات لأنها اعتبرت مقرات لانطلاق الثورة .ويستمر الحال على ما هو علية في صمت غريب من الشارع العربي والإسلامي على الرغم من الجرائم المرتكبة والتدخل من بعض دول الجوار .عندها قررت الحكومة الإيرانية التدخل لتخليص شيعة البحرين من الظلم والجور الذي وقع عليهم ، وهنا نبع الحس الوطني للشعب البحريني والثقافة والإخوة التي يعيشها البحرينين (عامة ) والشيعة في البحرين (خاصة) ، على الرغم من الجرائم التي ارتكبت بحقهم والاضطهاد الذي وقع عليهم ، رفض المتظاهرون جميع التدخلات الخارجية لنصرتهم ، واعتبروا أن أي تدخل ، من شأنه أن يخلق صراع طائفي ، ويحول البحرين إلى ساحة لتصفية الحسابات الطائفية ، وميدان لبرز العضلات ، كما حدث في الحرب الإيرانية - العراقية .اعتبر الثوار في البحرين أن أي تدخل من شأنه أن تأزم الوضع ويحول مطالبهم المشروعة إلى مطالب غير شرعية ، وبذلك تذهب أرواح المئات من الشهداء في عصف الطائفية التي لا تنطفئ ألا بذبح المئات كما حدث في لبنان والعراق ، ولكن الشعب البحريني من الشعوب التي تمتلك ذخيرة علمية وحس وطني عالي يحد من هكذا حالات في بلدهم الصغير ، وهم يعلمون أن هنالك العديد من أصحاب المطامع في هذا البلد وعلى رأسها السعودية التي للأسف الشديد أخيرا حققت مطامعها في الدخول إلى البحرين واحتلالها في نفس الطريقة التي استخدمتها أمريكا في احتلال العراق ، فقد تعلمت من سيدتها أمريكا كيف تقوم في زمن انتهت فيه الهجمات البربرية في احتلال البلدان بالطرق الملتوية التي تعبر عن الحقد السعودي على هذه الدول .لكن المظلومية التي يعيشها الشعب البحريني رغم مرارتها وما تحمل في طياتها من اضـطهاد وقتل وسجن ألا أنـها السبيل الوحـيد لتحقيق أهـداف الثورة .حاولت بعض الإطراف التدخل لعقد صلح بين الحكومة البحرينية التي قتلت شعبها وأدخلت الاحتلال السعودي إلى بلدها والثوار ، ليس هنالك عقد صلح بين الحق والباطل أو صيغة لعيش مع الطاغية ، وإنما هنالك انتزاع للحقوق من مغتصبيها ، حتى يعيش العالم بسلام ، وليس هنالك قائد ضرورة بعد ألان فالمجتمع الذي خلقة ، خلق أفضل منه ، وانتهى الزمن الذي تتوارث فيه الحكومات كما تتوارث الأموال ، وأصبحت هنالك ديمقراطية التي تعني حكم الشعب للشعب ، وانتهى الزمان الذي يقرر فيه الحاكم ما يريد ، وجاء الزمن الذي يمارس الحاكم صلاحياته ضمن الإطار القانوني والشرعي ، وانتهى الزمن الذي ينطق فيه الحاكم ما يريد ، وعلى من يريد . وجاء الزمن الذي عندما يتكلم الحاكم يجب علية أن ينطق المادة الدستورية التي يتكلم على أساسها .هذا ما يريده العالم العربي والإسلامي وسوف يسعى إلى تحقيقه ، ولا نعرف من هو التالي في موجة التغير الجديدة .
https://telegram.me/buratha