عبد الكريم ابراهيم
يزداد المشهد الليبي يوما بعد يوم ضبابية ،لعدم حسم الموقف هناك والابقاء على حالة الكروالفر بين كتائب القذافي والمعارضة ،ولعل تأخير تقديم الدعم للاخيرة من قبل الجهات الراغبة باسقاط النظام الليبي ،وهو من الاسباب الرئيسية في حالة التأرجح هذه ،حيث لمس اغلب المحللين السياسيين والعسكريين تردد وخجل امريكي واضحين في عدم خوض معركة جديد بعد عقدة افغانستان والعراق ،وزاد الامر سوءا ضبابية طبيعة ونوايا المعارضة الليبية الجديدة التي يتهمها القذافي في كل مرة بأنها امتداد للقاعدة والتطرف ،ماحدى بالولايات المتحدة الامريكية ان تتعامل بحذر مع هكذا قضية . الخجل الامريكي المبرر من قبل قادتها ،دفع بحلفائها الاوربيون الى التحرك في قيادة حلف الناتو وتوجيه ضربات جوية دون التدخل البري ،وكان هذا ايضا مطلب المعارضة الليبية التي تريد الابتعاد عن شبح الحرب الاهلية التي يزيد من سعيرها اي تدخل عسكري بري ويحفز الخلايا النائمة على الاستقاظ من مخابئها .الامر الملفت للنظر هو دخول فرنسا في هذا الصراع كلاعب قوي ،بل (داينمو ) للعمليات العسكرية ،وهي خطوة مهمة في السياسة الفرنسية الخارجية للخروج من التبعية الامريكية التي جعلتها جندي في الجيش الامريكي ،ماعليه سوى تنفيذ الاوامر بكل اخلاص وطاعة .الضربات العسكرية لحلف الناتو حجمت قدرة كتائب القذافي بحوالي 30% حسب قادة العمليات هناك ،ومع كل هذه الضربات فان القوة العسكرية مازالت تميل لصالح القذافي ، حيث استطاعت اسعادت بعض المناطق التي فقدتها،لعدم عدم وجود قيادة موحدة للمعارضة وتنوعها ؛جعل الغرب لايستعجل للاعتراف بها كممثل شرعي للشعب الليبي ماعدا فرنسا . اما على الصعيد العربي ،هناك اصرار على اسقاط نظام القذافي من قبل جميع الدول العربية ، موقف بعض هذه الدول ناجم عن دعم حركات التحرر للشعوب العربية،ومؤازرة حالات التغيير التي تعصف في المنطقة ، في حين موقف الدول الخليجية كان اكثر وصولية ،من خلال عقد شبه مقايضة ،غض النظر الدول الكبرى عما يجري في البحرين ،مقابل دعم لاي تحرك عسكري ضد نظام القذافي ،بل وصل الامر ان بعض الدول الخليجية اشتركت في الضربات الجوية .من خلال الموقفين العربي والدولي واصرار القذافي على البقاء على كرسي الحكم او التوريث احد ابنائه ،تبدو فرصة القذافي في الحصول على ملجأ يقضي فيه اخر ايامه ،بات صعبا ، في ظل الاتهامات لنظامه من انتهاكات لحقوق الانسان وضرب المدنيين ،فضلاعن قضايا سابقة في دعم الاهاب يمكن ان تفتح من جديد وبالتالي مصير القذافي في النهاية هو الحصول على محاكمة دولية عادلة.ان عدم حسم الموقف لكلا الطرفين ( القذافي والمعارضة ) جعل الامور تسير اتجاه الاطالة وحرب الاستنزاف،و خصوصا ان المعارضة الليبية لاتملك القدرة العسكرية وتراهن على حدوث انشقاقات في القوات المؤيدة للقذافي وقدرة حلف الناتو على اضعاف قوة كتائب القذافي التي تتحاشى الدخول في معركة برية ،ومع هذا يبدو اسقاط نظام القذافي مسألة وقت ليس الا ؛ لان كل مؤشرات تصب في هذا المنحى وخصوصا بعد ان اصبح النظام الليبي غير مرحب به في المنطقة والعالم ، والتغيير اصبح ضروري لحماية الدول الغربية وبالاخص الاوربية التي تريد الاستقرار لمنطقة البحر الابيض المتوسط .
https://telegram.me/buratha