المقالات

غيتس يخلط الاوراق في بغداد!

793 11:41:00 2011-04-12

عادل الجبوري

يبدو ان زيارة وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الاخيرة الى بغداد اثارت موجة من اللغط والجدل والسجال فاقت في حدتها وصراحتها ووضوحها ما كانت تثيره زيارات مماثلة قام بها مسؤولين اميركان كبار من بينها الرئيس السابق جورج بوش والرئيس الحالي باراك اوباما.اكثر من عامل جعل اللغط والجدل والسجال يتجاوز حدوده ومستوياته المعتادة ، من هذه العوامل:-التوقيت، فتوقيت زيارة غيتس كان على مايبدو محسوبا بدقة وربما ارادت واشنطن من خلال هذا التوقيت اطلاق رسالة، او رسائل عديدة، الى الساسة العراقيين، اذ ان غيتس جاء الى بغداد في خضم الاحتقان السياسي بين الفرقاء حول الوزارات الامنية التي طال وتأخر امر تعيين من يتولاها جراء الاخفاق في التوصل الى توافقات للخروج من المأزق بين رئيس الوزراء نوري المالكي من جهة والقائمة العراقية بزعامة اياد علاوي من جهة اخرى. وكان مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) قد صرح عشية زيارة وزيره لبغداد " ان غيتس سيؤكد خلال محادثاته مع كافة المسؤولين العراقيين، دعمه لكي يكملوا عملية تشكيل الحكومة وخصوصا الحقائب الامنية" في اشارة الى عدم اتفاق الكتل السياسية على تعيين وزراء للدفاع والداخلية والامن الوطني حتى الان. واضاف "انه سيؤكد كذلك دعمه لهم ليستمروا قدما في تنفيذ الاتفاقات السياسية التي تم ابرامها في مدينة اربيل بين كبار القادة ومازالت اغلب بنودها حبر على ورق"!. والجانب الاخر المتعلق بالتوقيت، هو ان زيارة غيتس تزامنت مع الذكرى السنوية الثامنة للاطاحة بنظام صدام عبر عملية عسكرية واسعة قادتها الولايات المتحدة الاميركية وقوبلت بمواقف دولية واقليمية ومحلية متباينة ما بين الرفض والتحفظ والقبول.ولعل الوزير الاميركي اراد من خلال زيارته في هذا الوقت بالذات ان يقول ان واشنطن لم تخطأ في تعاملها مع العراق، خصوصا وان النظام الديكتاتوري الشمولي استبدل بنظام ديمقراطي تعددي رغم انه مازال غير مكتمل الى الان.وهو بالفعل قال كذلك امام مجموعة من الجنود الاميركان في قاعدة "ليبرتي" في جنوب بغداد وما جاء على لسانه "ان تطور الاوضاع في العراق يثير الدهشة، وان الديموقراطية في هذا البلد تعتبر مثالا للمنطقة، رغم انها غير مكتملة، واذا نظرنا الى الاضطرابات التي تعم المنطقة، فأن كثيرين من هؤلاء الاشخاص سيشعرون بالسرور اذا كان بأمكانهم الوصول الى حيث يوجد العراق اليوم". وما تجدر الاشارة اليه ان بغداد وعدد من المحافظات العراقية شهدت تظاهرات ومسيراتت حاشدة طالبت بأنسحاب القوات الاميركية من العراق، واعتبرت ان عام 2011 هو عام الاستقلال بأعتبار انه من المقرر ان يشهد اكتمال انسحاب القوات الاميركية بصورة نهائية وفق الاتفاقية المبرمة بين بغداد وواشنطن نهاية عام 2008.-السياقات الدبلوماسية: وفيما يتعلق بالطريقة التي جاء بها وزير الدفاع الاميركي الى العراق، فقد اعلنت الاوساط السياسية ووسائل الاعلام ان الزيارة لم تكن معلنة وكانت مفاجئة، وهذا امر لييس بالجديد، ولكنه من الطبيعي ان يثير جملة تساؤلات ويخلق ردوج افعال عبر عنها النائب في التحالف الكردستاني محمود عثمان حينما تساءل قائلا " لماذا يأتي رئيس الوزراء التركي والرئيس الايراني ورئيس الوزراء الاردني ورئيس الوزراء الكويتي وغيرهم بصورة علنية وتجرى لهم مراسيم استقبال وتوديع رسمية بدءا من هبوط طائراتهم في المطار حتى اقلاعها، بينما يأتي وزيير الدفاع الاميركي والمسؤولين الاميركان بطريقة مختلفة وكأن العراق تابع للولايات المتحدة؟.وبتعبير اخر قال النائب عثمان "إن الزيارات المفاجئة للمسؤولين الأمريكيين للعراق تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية لاتعترف بالعراق كدولة، وأن أمريكا لو كانت تعترف بالعراق كدولة لأبلغته بزيارات مسؤوليها عبر إرسال مبعوثين، كما تفعل بقية بلدان العالم".وبحسب المعلومات فأن الوزير غيتس وصل الى بغداد مساء يوم الاربعاء الماضي قادما من المملكة العربية السعودية بواسطة طائرة عسكرية حيث هبط في احدى القواعد العسكرية الاميركية ببغداد وكان في استقباله عدد من كبار القيادات العسكرية الاميركية، وانه اجتمع بعيد وصوله مع كل من قائد القوات الاميركية في العراق لويد اوستن والسفير جيمس جيفري، وفيما بعد التقى بالساسة العراقيين كرئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الجمهورية جلال الطالباني ليتوجه فيما بعد الى اربيل حيث التقى هناك رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني ورئيس الحكومة المحلية برهم صالح.وتنقل بعض المصادر المطلعة ان المالكي علم بزيارة غيتس الى بغداد قبل ساعات قلائل من وصوله، اما الطالباني فقد علم بها بعد وصول غيتس، وعلق بطريقته الساخرة "اهلا بصديقنا غيتس فقد اشتقنا اليه كثيرا، اذ لم نلتق به منذ فترة"!.وربما لايعرف الكثيرون ان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون مكافحة المخدرات وتطبيق القانون ويليام براونفيلد، كان قد زار بغداد في الخامس عشر من شهر اذار-مارس الماضي لمدة ثلاثة ايام بحث خلالها مع المسؤولين العراقيين استعدادات الولايات المتحدة للانتقال ببرنامج المساعدة القضائية الجنائية من الإدارة العسكرية إلى المدنية.واذا كانت الحكومة العراقية قد حاولت تصوير زيارة وزير الدفاع الاميركي بأنها جاءت بسياقاتها الطبيعية والصحيحة، وانها لم تكن مفاجئة، بل كانت غير معلنة لوسائل الاعلام، فأن التيار الصدري اعتبر زيارة غيتس شؤما على العراق، وهذا ماجاء على لسان القيادي في التيار الشيخ مهند الغراوي الذي طالب بأنسحاب سريع للقوات الاميركية من العراق.-مستقبل الوجود الاميركي:وبالرغم من تأكيد المتحدث بأسم الحكومة العراقية علي الدباغ بأن رئيس الوزراء نوري المالكي أبلغ اليوم الوزير غيتس بأن الحكومة العراقية لا تريد أن ترى أي وجود أميركي أو أجنبي على الأراضي العراقية"، معتبراً أن "هذا الوجود ليس مناسباً للعراقيين ويسبب مشاكل داخلية ومشاكل في المنطقة الإقليمية"، الا ان هناك مؤشرات في الافق تذهب بأتجاه اخر، من بينها تصريح غيتس "ان الولايات المتحدة ستكون مستعدة لبحث تمديد الوجود العسكري الامريكي في العراق بعد نهاية هذا العام".واشارة قائد القوات الاميركية الجنرال لويد اوستن الى ان تأخر تسمية الوزراء الامنيين عطل قيام العراق بأتخاذ قرار طلب التمديد للقوات الاميركية.وكذلك ما قاله مصدر مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية لم يكشف عن هويته من ان "خطة الجنرال اوستن تتلخص بالاحتفاظ بوجود قوي مع القوات العراقية، اطول فترة ممكنة".مثل هذه الاشارات لايمكن بأي حال من الاحوال المرور عليها مرورا عابرا، سيما وان هناك اطرافا عديدة تتحمس وتدعو الى تمديد بقاء القوات الاميركية فترة اخرى، ارتباطا بحسابات سياسية خاصة، في ذات الوقت الذي نجد فيه ان هناك مناخا شعبيا عاما تسانده توجهات قوى سياسية معينة، يرفض بشدة بقاء القوات الاميركية فترة اطول بعد انتهاء مهلة نهاية وجودها عام 2011 وفقا للاتفاقيات المبرمة.وهذا يعني ان المشهد السياسي العراقي مفتوح خلال الشهور القلائل المقبلة وحتى نهاية العام الجاري على خيارات واحتمالات عديدة، قد يصعب التنبوء بأيقاعاتها ومساراتها من الان، وان غيتس جاء الى بغداد ليخلط الاوراق من جديد او ابأكثر مما هي مختلطة ومبعثرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
الصادق الحق
2011-04-13
لوكان بيننا ابو القاسم محمد (ص) و الائمه الاطهار (ع) هل سيقبلون بهذا الوجود. الذي يريد ان يحول شوارع العراق جزء من المعادلة الامنية الامريكية . لا ضير بعلاقة دوبلماسية مع امريكا مبنية على المصالح المشتركة و تسعى الى ارجاع الحق لاهله . ولكن لا لحتلال العراق و جعله جزءمن مخطط خطر يكبر فية الفاسدين واصحاب المصالح الضيقية . ان العراق قادر على ادارة كل ملفاته بقدرة ابنائه
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك