الدكتور يوسف السعيدي العراق
السياسي يتعامل مع الناس والوقائع ، من خلال طموحاته ! وهي طموحات تشمل شعباً ووطناً ودولة ، على مستوى الداخل .. وتشمل علاقات دولية واسعة ، على مستوى الخارج ! فهو يتاجر ضمن مساحات واسعة جداً ، من المكان .. وأعداد هائلة من البشر، وأمور كثيرة جداً ، من الوقائع والأحداث ، والطموحات والأهداف ! وعليه أن يبيع ويشتري ، ضمن هذه المساحات .. ومعها مساحات أخرى ، هي : عقول الناس وقلوبهم ، وطموحاتهم وأحلامهم وأوهامهم !وإذا كانت سوق السياسي ، التي يتاجر فيها ، بهذا التنوّع والاتساع .. فإنه يتعامل فيها مع زبائنه ، بحسب واقعه ، وواقع كل زبون منهم !أمثلة :· المرشّح للانتخابات الوطنية العامّة ، يصرف وعوداً ، لناخبيه ، من حساب الدولة ! فيمنّيهم بأن يقدّم لهم أنواعاً من الخدمات ، التي يحلمون بها ، على مستوى المدينة ، أو القرية ، أو الفئة السكانية .. مثـل : بناء المدارس والمشافي والمصانع .. ومثل : تأمين أعمال للعاطلين عن العمل ، وفتح أندية رياضية وثقافية ، وتسهيل حالات الزواج ، ومكافحة الأميّة والفساد ، وغيرذلك ! وبعض المرشّحين يوسّعون برامجهم الانتخابية ، لتشمل الدولة كلها ! وبعضهم يوسّعها ، لتشمل الأمة كلها ، بسائر أقطارها ، وعلى تنوّع همومها ومشكلاتها !· المرشّح لرئاسة الدولة، تكون وعوده أوسع بكثير، من وعود المرشّح لمجلس النواب !· المرشّح لمنصب في بلدية ، أو إدارة محلّية ، تكون وعوده أضيق من وعود المرشّح لمجلس النواب .. إلاّ إذا كان لديه بعض الغباء ، وأحبّ أن يمارس نوعاً من الفهلوة الساذجة ؛ فإنه يَعِد ناخبيه بأمور، هي من صلاحيات رئيس الدولة.. فيكشف لناخبيه ، أنه تاجر أوهام من النوع الرخيص !· رئيس الدولة المستبدّ ، الذي يميل إلى التظاهر بالكرم والأريحية ، يمنح ضيوفه ، من قادة الدول الأخرى ، بعض كنوز دولته ، من آثار وقطع نفيسة ، ممّا تحويه المتاحف الوطنية ! كما كتِب عن أحد الزعماء ، أنه كان جواداً جداً ، في تقديم الآثار النادرة الثمينة من آثار دولته ، لضيوف دولته المهمّين !· الساسة ، عامّة ، يتحدّثون باسم الشعب والوطن .. حتّى من كان منهم ، في مكانة ضعيفة هزيلة ، لا تخوّله أن يتحدّث باسم أحد ، من غير أفراد أسرته ! فيقف السياسي متحدثاً ، في المحافل العامّة ، ووسائل الإعلام ، بأن الشعب يريد كذا ، ويصرّ على كذا ، ويرفض كذا !· بعض الساسة المتمرّسين ، لا يكتفي بصرف الوعود من حساب دولته ، بل يوهِم بعض الأطراف الدولية ، بأنه قادر على التأثير في ساسة الدولة الفلانية، من جيرانه ، أو أصدقائه .. ليحقّق لنفسه ، أو لدولته ، مكاسب ، من حساب الدولة التي يزورها.. لقاء الوعود التي يقطعها على نفسه ، بتوظيف إمكانات الدول ، التي يستطيع التأثير فيها ، لحساب الدولة التي يحصل منها على مكاسب ! ولعبة توظيف النفوذ هذه ، من اللعب المعروفة جداً ، في التعامل الدولي ! وأيّ مراقب لِما يجري في عالم اليوم ، يرى ، ببساطة ، ما يمارسه الساسة الدوليون المحترفون ، من مهارات ، في توظيف نفوذهم ، لدى الأطراف الأخرى .. متّخذين من هذا النفوذ ، أوراقاً لأنفسهم ، يشترون بها مصالح ، لخدمة مصالحهم الخاصّة ، أو مصالح دولهم وشعوبهم !
https://telegram.me/buratha