محمود شاكر الشبلي
لقد أثار فضولي الخبر المنشور في موقع براثا ألأغر وتناقلته وسائل الأعلام عن شحنة تبلغ ثلاثون الف طن من الزيت الفاسد.. سيجد القاريء المتأمل تناقضات كبيرة ومفارقات غريبة في تصريح المصدر البرلماني الذي لم يعلن عن أسمه و أظن بأنه من اخواننا وأحبتنا الأكراد. المصدر يقول (وقد يكون تقول).. ( ان وكلاء وزارة التجارة كانوا مصرين على عدم إثارة الموضوع إعلاميا وعدم إرسال الثلاثين إلف طن من الزيوت إلى معمل الزيوت العراقي لإعادة تكريرها وفضلوا توزيعها على ما هي عليه ـ على حد قول المصدر ـ ..)
اذن المصدر البرلماني الذي نقل الخبر هو مصدر مطلع بالتفاصيل ويعلم موقف وزارة التجارة وبالتحديد الوكلاء وكيف أنهم فضلوا عدم أرسالها لمعمل الزيوت النباتية العراقية لأعادة تكريرها ؟!... وهذا حل كان من الممكن أن ينقذهم من المسائلة القانونية أو يخفف منها لأن الشحنة سوف لن تتلف بالكامل وأنما سيعاد تكريرها .. بالأضافة الى أن المصدر يشير الى ان المتهمين هم أصحاب قرار مؤثر في الوزارة بحيث أنهم كانوا مصرين على عدم اثارة الموضوع اعلاميا وعدم ارسال الزيوت لأعادة تكريرها, و لكنهم لم يستخلصوا الزيت المغشوش من المخازن ولم يوزعوه أو يجدوا له تصريفا وهم فطاحل وزارة التجارة وخبرائها وأنما بقوا بالأنتظار لسنتين كاملتين حتى جاء السيد الوزير (بابكر) ليطيح بهم. النقطة الأخرى الغريبة في الخبر تقول.. :(أن الكمية الكلية من الزيوت الفاسدة تبلغ 1300 حاوية بينها 147 حاوية انتهت صلاحيتها في بداية الشهر الجاري والمتبقي تنتهي صلاحيته في أواخر حزيران المقبل، مشيرا الى ان القيمة الكلية للشحنة تتراوح بين 55 إلى 60 مليار دينار تسلمها التاجر الذي ورد الشحنة بالكامل!)اذن الكمية هي 1300 حاوية بينها 147 حاوية انتهت صلاحيتها في مطلع نيسان الحالي والمتبقي ستنتهي صلاحيته اواخر حزيران المقبل !!
لو قمنا بعملية أحصائية صغيرة لوجدنا أن الذي انتهت صلاحيته هو اكثر قليلا من عشرة % .. أي أن حوالي تسعين % لم تنتهي صلاحيته وهي نسبه عالية بالنسبة للصالح وقد تكون نسبة العشرة% مقبولة نوعا ما للتالف, كما أن الأستيراد قد تم قبل سنتين ..!! أي أن الصلاحية انذاك لم تكن محل أشتباه .ولنفرض أن القيمة هي 60 مليار دينار, و قد ضاع منها العشروهو مبلغ 6 مليار وبقي لنا 54 مليار لم نفقده الّا بعد شهرين ونصف من الان . فلماذا لايقوم السيد الوزير بعملية أنقاذ منذ الان ويوزع الزيت قبل انتهاء صلاحيته أو أذا استحال ذلك لسبب ما فأنه يرسل الى معمل الزيوت النباتية لأعادة تكريره وينقذ مبلغ 54 مليار دينار أو بعضه قبل ضياعه بالكامل .؟ الخبر يقول أيضا :( ولفت المصدر الى أن المحكمة برأت التاجر من الدعوى التي رفعت ضده )وأعتقد أن هذا يعني أن التاجر قد جلب الزيت وفق الشروط المطلوبة والّا فكيف برأته المحكمة ؟..! وان ماحدث من فساد قد يكون حدث في الميناء وفي المخازن التي يقول عنها المصدر ان الوزير ( خير الله حسن بابكر ) قد منع التوزيع لعدم وجود شروط خزن علمية.. رغم أن مختبر السيطرة النوعية قد أكّد صلاحيتها للأستعمال البشري .. حسبما جاء بالتصريح (ومنعت الوزارة توزيع هذه المادة كون المادة غير صالحة وفق الفحوصات الأولية ورغم تأكيد مختبر السيطرة النوعية بأنها صالحة للاستهلاك البشري إلا أن الوزير بابكر منع التوزيع لعدم وجود شروط خزن علمية).
واذا كانت الفحوصات الأولية أهم من فحوصات مختبر السيطرة النوعية فلماذا ترسل المواد الى تلك المختبرات التي لايتم الأعتراف بنتائجها وأنما يتم الأعتماد على الفحوص الأولية؟!! ومتى ستكون لنا شروط خزن علمية في مخازننا وأرصفة موانئنا مثلما موجودعند بقية خلق الله من أهل بلاد السند والهند والروم والترك والعجم وباقي الأقوام ؟ ثم يؤكد (أن مسؤولين في وزارة التجارة سيدخلون الان بالقضية وسيحاكمون وستتم تبرئتهم من التهمة .. !!!) المصدر البرلماني هنا يتحدث عن المستقبل ويقول ان مسؤولي وزارة التجارة سيدخلون وسيحاكمون وستتم تبرئتهم .. !!! المصدر المحترم واثق جدا من أن المحكمة ستقوم بتبرئتهم .. فماذايعني ذلك ..؟؟!!! هل يقصد أنه يعلم بأنهم أبرياء وستتم تبرئتهم , أم أنهم مذنبين ولكن المحكمة ستبرئهم ..؟! كيف تبرئهم المحكمة وهم مذنبون ؟ هل يقصد المصدر البرلماني أن المحكمة فاسدة .. ؟ وأذا كان يقصد هذا فعلا , اليس من الأحرى بعضو برلماني منتخب أن يقوم بحملة أولا لفضح الفساد في الجهاز القضائي وأصلاحه قبل أن يرسل المذنبين الى محكمة فاسدة تبريء المذنبين رغم ذنبهم ..؟! أم أن المصدر البرلماني المنتخب يعلم ان القضية قد تكون مفبركة لأغراض ونوايا سياسية أو غيرها وأن لا دليل كاف بوجود فساد وانما الغرض منها قد يكون ( والله أعلم ) هوتبديل الوجوه القديمة والحاشية بوجوه وحاشية من نفس صنف السيد الوزيرواعطاء انطباع أولي على نزاهة قد تكون محل شبهه في القريب العاجل !!!! . ونعودالى جزء عجيب أخر في الخبر هو في مايلي : (من جانبها أعلنت وزارة التجارة تشكيلها لجنة تحقيقية في اذار الماضي للتحقيق في موضوع شحنة الزيت الفاسد التي دخلت البلاد قبل عامين عبر الموانيء الجنوبية. وقال بيان للوزارة تلقت (الدستور) نسخة منه : ان الوزارة قامت وعلى الفور بتشكيل لجنة تحقيقية وتدقيقية بالتحقيق في الموضوع ومنعت توزيع هذه المادة)
ما هذا التناقض ؟ كيف تشكل لجنة تحقيقية وتدقيقية في وزارة التجارة التي يتهم وكلاء الوزير ومسؤولين كبار فيها بالوقوف وراء قضية الفساد التي سيتم التحقيق فيها .. ؟ وكيف يتم التوفيق بين (تورط مسؤولين كبار في هذه القضية قد تصل درجاتهم الوظيفية إلى وكلاء في وزارة التجارة) وبين لجنة تحقيقية من زملائهم , أم أن اللجنة التحقيقية هي من الوجوه الجديدة الاتية مع الوزير الجديد؟.
الخبر كله غريب في مضمونه ويثير أكثر من شبهه, حيث أنه يقول أن البضاعة نائمة في المخازن لسنتين .لماذا كل هذه الفترة لم يبت بالقضية , ولماذا ينتظر المسؤلون الكبار في وزارة التجارة المتورطين والذين ستتم تبرئتهم حسب قول المصدر المحترم, ينتظرون تعيين وزير نزيه يجلب معه حاشية نزيهه ليوقعوهم في شر أعمالهم ويفضحوهم ويرسلوهم للمحكمة التي لامفر ستبرئهم ولكن لجنة النزاهة ستكون لهم بالمرصاد حسبما جاء بالخبر(من جهتها اكدت لجنة النزاهة البرلمانية على محاسبة من يقف وراء صفقة الزيوت المنتهية الصلاحية ..)؟؟!!! ولكن المقطع الرائع في الخبر هو المقطع الأخير الذي أتمنى وأدعو الله أن يكون صحيحا, وقد أعاد اليّ الأمل بالمستقبل (وأشار البيان الى أن موضوع شحنة الزيت الفاسد طرح من قبل وزير التجارة خير الله حسن بابكر أمام جلسة مجلس النواب وبكل وضوح وبدون تردد ويأتي ذلك من خلال حرص وواجب الوزارة على عدم توزيع أي مادة تدخل ضمن مفردات البطاقة التموينية إلا بعد إخضاعها للفحص ألمختبري وبيان صلاحيتها للاستهلاك البشري حفاظاً على صحة المواطن..واوضح البيان : أن لجنة الوزارة ستعمل بالتزامن والتعاون مع لجنة منبثقة عن مجلس النواب للتأكد من صحة المعلومات الواردة من عدمها ولحسم الموضوع وليس لتوزيعها)
أرجو (ومن كل قلبي) أن تتم محاسبة المقصرين ومحاكمة المفسدين الحقيقيين الذين يختبؤون في جحور مكيفة ويديرون عملياتهم المشبوهة ولا يد تطالهم غير يد الله. وأتمنى لو تتم محاسبة المقصرين في قضية الزيت وأجهزة كشف المتفجرات وغيرها بشكل لائق وقانوني وأن لاتخضع هذه الأمور للمزايدات السياسية والطائفية ولأحلال وجوه جديدة بدل القديمة . وأتمنى أن لايتم تبديل اللغة الرسمية لوزارة التجارة العراقية الى اللغة الكردية كما حصل مع وزارة الخارجية العراقية.
https://telegram.me/buratha