علي محمد البهادلي
هذه الأيام تصادف ذكرى رحيل السيدة فاطمة بنت النبي محمد (ص) ويجدر بنا أن نسلط الضوء على بعض النقاط المهمة التي كانت السيدة الزهراء تستنزف كل قواها من أجل بثها وتحريكها في وعي المرأة والرجل على حد سواء بيد أني سأخبئ هذا كله بنص من نصوصها يكون المقدمة والخاتمة في الوقت نفسه،فنحن اليوم في عصر العولمة الثقافية والاقتصادية والسياسية أصبحنا نساق كما تساق.... دون أن نعي المكان الذي يراد لنا أن نصل ليه، ومن ضمن هذه الأمور التي يُسلَط الضوء عليها بشكل مكثف هو موضوع مساواة المرأة بالرجل، إذ إن هذا الموضوع على الرغم من أنه مثار بعد دخول المستعمرين إلى الوطن العربي لا سيما في القرن التاسع عشر وما رافق ذلك من حملة قوية جداً لما أسموه تحرير المرأة، لكن كل تلك الصيحات والدعوات والمؤلفات على الرغم من خطورتها إلا أنها لا تساوي شيئاً إذا ما قورنت بالحملة التي نعيشها، إذ إن الوسائل قد تغيرت تغيراً ملحوظاً ومذهلاً فهذا عصر النت والستلايت والفضائيات "الشفافة" والموبايل....ربما يتصور البعض أنني سأدعو إلى تقييد المرأة وحبسها في البيت وعدم ممارستها لحقوقها الأساسية في التعليم والثقافة وعدم ولوج الميادين الاجتماعية لا سيما الميدان السياسي، وهذا ما دعا إلى رفضه مناصرو المرأة ودعاة تحريرها منذ القرن التاسع عشر، وأنا معهم في تلك الدعوة بهذا الخصوص، لكن المسألة الخطيرة التي لا يلتفت إليها الكثير من الناس وبالخصوص جمعيات الدفاع عن المرأة ومساواتها مع الرجل والكثير من المنظرين ومؤسسات المجتمع المدني هو السعي الحثيث والمبرمج والمنظم لجعل المرأة العربية تعيش ثقافة الاستهلاك بكل ما تعني هذا الكلمة من معنى، وقد أحصى أحد علماء الاجتماع الأدوات والمواد التي أخذت تستورد إلينا فقط لتجميل المظهر الخارجي للمرأة خلال فترة وجيزة ومقارنتها بفترة أخرى فوجد الإحصائيات تقفز قفزات مذهلة ولا تصدق، وهذا ليس دعوة لنبذ مواد التجميل ولا تصاميم الأزياء وإنما هي دعوة للتفكر في مدى تلقائية مثل هكذا أمور ، فهل ما يحدث الآن هو بعيد عن أن البعض يفكر بل يعمل على جعل الثقافة السائدة بين النساء ثقافة استهلاك لا أتردد في القول إن ما يحدث مخطط له ووضعت له استراتيجيات فائقة الإمكان، وقد ساهم الكثير من الإعلاميين ورؤساء بعض القنوات العربية بتمويل من بعض الحكام الدكتاتوريين الذين لا يهمهم حرية المرأة ولا وعيها ولا كرامتها في هذه الحملة، وهمهم تحصين كراسيهم المتهالكة من الانهيار وإرضاء نزواتهم الغريزية وتنفيذ الخطط الإستراتيجية لأسيادهم مقابل الحفاظ على العرش!خرجت لنا المرأة على تلك الفضائيات بصورة كائن عارٍ عن كل شيء سوى السماجة " والزيوفة" والبغي كائن يمارس غرائزه على الهواء الطلق ويتفنن في عمليات الإثارة ، وقد استعانوا في ذلك بأمهر الاختصاصيين من مصممي الأزياء وخبراء التجميل والحلاقة ناهيك عن الخبراء في مجال علمي النفس والاجتماع لقياس نسبة الـتأثير وعلاقته بالحراك الاجتماعي والسياسي، لكن لحد هذا اليوم لم نسمع ولم نشاهد في هذه الفضائيات وغيرها من الوسائل الاتصالية الأخرى أنها سلطت الضوء على النساء العربيات المبدعات ، حتى أن الفتاة العربية تعرف الكثير عن الفنانة الفلانية وعارضة الأزياء العلانية وعن هذه المطربة أو تلك البغي!! حتى المعلومات الشخصية والعائلية، لكنها لا تعرف شيئاً عن عائشة عبد الرحمن وبنت الهدى والشاعرة فاطمة عبد الحق التي انتقلت في شعرها من الاتجاه الايدولوجي الوجودي العابث والمتشائم إلى النظرة الإسلامية الواعية الداعية لتغيير الواقع الفاسد المتردي مستحضرة في قصائدها بعض الرموز التي تعتقد أنها يجب أن توجد لتغيير هذا الواقع، وبما أننا في ذكرى السيدة الزهراء فلا بد من نقل موقف واحد فقط ليترجم حجم المأساة والمعاناة التي كانت تعانيها في سبيل كفاحها ضد مكامن الجهل والفساد واالعشائرية والقبلية المقيتة وتذكير المجتمع بما آل إليه من نكوص ورجوع عن جادة الحق والصواب، وسوف لن أعلق كلمة واحدة وإنما أترك الحديث للقارئات الحصيفات اللبيبات ليتمعن ويتدبرن، بين نساء لا معنى لهن ولا محتوى، وبين فاطمة المملوءة والمفعمة بالروح الرسالية الناضجة، قالت في خطبتها في مجمع من المهاجرين والأنصار: (( أنتم عباد الله نصب أمره ونهيه وحملة دينه ووحيه وأمناء الله على أنفسكم وبلغاءه إلى الأمم زعيم حق له فيكم وعهد قدمه إليكم وبقية استخلفها عليكم كتاب الله الناطق والقرآن الصادق والنور الساطع والضياء اللامع بينة بصائره منكشفة سرائره منجلية ظواهره مغتبطة به أشياعه قائدا إلى الرضوان اتباعه مؤد إلى النجاة استماعه به تنال حجج الله المنورة وعزائمه المفسرة ومحارمه المحذرة وبيناته الجالية وبراهينه الكافية وفضائله المندوبة ورخصه الموهوبة وشرائعه المكتوبة فجعل الله الإيمان تطهيرا لكم من الشرك والصلاة تنزيها لكم عن الكبر والزكاة تزكية للنفس ونماء في الرزق والصيام تثبيتا للإخلاص والحج تشييدا للدين والعدل تنسيقا للقلوب وطاعتنا نظاما للملة وإمامتنا أمانا للفرقة والجهاد عزا للإسلام والصبر معونة على استيجاب الأجر والأمر بالمعروف مصلحة للعامة وبر الوالدين وقاية من السخط وصلة الأرحام منسأة في العمر ومنماة للعدد والقصاص حقنا للدماء والوفاء بالنذر تعريضا للمغفرة وتوفية المكاييل والموازين تغييرا للبخس والنهي عن شرب الخمر تنزيها عن الرجس واجتناب القذف حجابا عن اللعنة وترك السرقة إيجابا للعفة وحرم الله الشرك إخلاصا له بالربوبية فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون وأطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه فإنه إنما يخشى الله من عباده العلماء ثم قالت أيها الناس اعلموا أني فاطمة و أبي محمد ص أقول عودا وبدوا ولا أقول ما أقول غلطا ولا أفعل ما أفعل شططا لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم وأخا ابن عمي دون رجالكم ولنعم المعزى إليه ص فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة مائلا عن مدرجة المشركين ضاربا ثبجهم آخذا بأكظامهم داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة يجف الأصنام وينكث الهام حتى انهزم الجمع وولوا الدبر حتى تفرى الليل عن صبحه وأسفر الحق عن محضه ونطق زعيم الدين وخرست شقاشق الشياطين وطاح وشيظ النفاق وانحلت عقد الكفر والشقاق وفهتم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص وكنتم على شفا حفرة من النارمذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الأقدام تشربون الطرق وتقتاتون القد أذلة خاسئين تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد ص(( لم أشأ أن أطيل في الكلام المنقول عنها لولا أن المقام يستدعي ذلك؛ لترى المرأة الحديثة أن القدوة والمثل الأعلى الذي يجب أن يحتذى لا يُشتَرط فيه أن يكون من نساء القرن العشرين أو الحادي والعشرين، وإنما جعل فاطمة المثل الأعلى والأسوة والقدوة لهو عين الصواب، ومن يأتينا بخير من هذا فلا يجدنا إلا منفتحين بقلوب ملؤها الحب والمودة، لكن ليس مثلاً على طريقة الإعلامية أو الفنانة ....التي تسوق على أنها الملاك والنموذج، وفي النهاية يصدم المتلقي بأنها ...
https://telegram.me/buratha