حيدر عباس
لم تتعرض مؤسسة عراقية سواء كانت حكومية أو مستقلة أو تابعة إلى النقد والتجريح مثلما تتعرض له المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ومن جميع الأطراف ليس لأنها مستقلة حسب إيحاءات الاسم بل لحجم الأخطاء الكارثية التي رافقت عمل المفوضية في الممارسات الانتخابية المهمة من تاريخ العراق الحديث وضبابية القانون الذي يسير عملها. وقد يكون في استجواب المفوضية العليا من قبل أعضاء البرلمان فرصة للجميع من اجل الوقوف على الأخطاء التي رافقت عمل المفوضية طوال الممارسات الديمقراطية السابقة والتي ترتب عليها إلحاق الأذى بعدد من القوائم الانتخابية والكتل السياسية لصالح قوائم وكتل سياسية أخرى بصورة مقصودة وغير مقصودة.كما أنها فرصة لتصحيح الأخطاء السابقة ووضع قانون منطقي يتجاوز أخطاء المرحلة الماضية ويعالجها بصورة حضارية ويقلل من سهام النقد اتجاهها ويحفظ حقوق المتنافسين بطريقة صحيحة تمنح صاحب كل حق حقه الانتخابي ومقدار تمثيله في البرلمان والحكومة دون أن تكون هناك مصادرة لحقوق البعض لحساب البعض الأخر وكما حدث في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.وما ان أعلن عن تقديم مشروع الى رئاسة البرلمان من قبل عدد كبير من نواب الشعب للمطالبة باستجواب أقطاب المفوضية على خلفية اتهامات بفساد مالي وأداري حتى بدأ الانكسار والتشقق في مواقف أعضاء المفوضية ولم تتردد السيدة حمدية الحسيني في تقديم استقالتها والتي أثارت كثير من علامات الاستفهام واللغط والجدل والنقاش والاتهام.فتوقيت الاستقالة لم يكن موفقا لأنها قدمت بعد قرار الاستجواب مباشرتا كما أنها(أي الاستقالة) جاءت مخالفة للآليات والسياقات الإدارية والقانونية وعلى لسان رئيس المفوضية كون الاستقالة وصلت بصورة مباشرة الى مكتب رئيس الوزراء وهو غير معني بهذا الأمر.لذلك لم يتردد رئيس المفوضية فرج الحيدري بانتقاد الحسيني بشدة واتهامها بالعمل لصالح جهة سياسية معروفة.
لقد حدث ما حدث وصودرت وزورت أصوات الناخبين وكادت الانتخابات البرلمانية التي جرت في الشهر الثالث من العام الماضي ان تطيح برؤوس أعضاء المفوضية من خلال اجتياح عسكري لمقر المفوضية لم تكتمل فصوله بعد زعل قائمة متنافسة لان عدد مقاعدها وأصوات ناخبيها لم تأتي مثلما أرادت هذه القائمة في تحقيق أغلبيتها السياسية.أن استجواب أعضاء المفوضية ومراجعة قانون الانتخابات خطوة مهمة وضرورية لتصحيح مسار العملية الديمقراطية العراقية الفتية لكنها جاءت متأخرة كثيرا فالنتائج التي ترتبت على عملها في الممارسات الانتخابية السابقة وخاصة الانتخابات البرلمانية الأخيرة وفق القانون السابق منحت البعض حقوقا لا يستحقونها مكنتهم من الوصول إلى مواقع ومناصب ومساحات لا تتماشى مع حجمهم الحقيقي بينما غيبت الآلاف من أصوات الناخبين لقوائم أخرى وصادرت حقوقهم تحت ذريعة اكبر الخاسرين.كان الأولى على النخب السياسية والمؤسسات القانونية والتشريعية وخاصة المحكمة الاتحادية ان تشرع قانون يقضي بتوزيع الاستحقاق الانتخابي وفق عدد الأصوات التي حصلت عليها القوائم الانتخابية وليس حسب قاعدة الأواني المستطرقة وعدد المقاعد التي جاءت وفق مبدأ اكبر الخاسرين لان هذا المبدأ سرقة ديمقراطية عراقية خالصة في وضح النهار.بكل تأكيد فان الانتخابات البرلمانية لو أعيدت مرة أخرى ووفق القانون السابق المبني على سرقة أصوات الناخبين لوجدت أن عدد كبير من المشمولين بالتصويت سيمتنعون من الذهاب الى صناديق الانتخابات ليس إعراضا عن التصويت ولكن شعورا منهم بالمسؤولية الدينية والأخلاقية التي تدعو الى انتخاب الانزه والأكفأ والاعتزاز بالصوت الذي يعادل الذهب بل أغلى من الذهب ولأنه ليس على استعداد لان تقوم المفوضية او قانون الانتخابات بالتكرم بصوته لشخص ابعد ما يكون من قناعاته وتوجهاته.حل مفوضية الانتخابات أمر منطقي ليس له علاقة بالنوايا والتوجهات ..وإعادة صياغة قانون الانتخابات وفق رؤية جديدة تعالج أخطاء المرحلة السابقة مطلب منطقي لا يوجه الى جهة معينة.. واحتساب الأصوات كل لقائمته أمر منطقي ومحاسبة المقصرين امر منطقي ..لكن مصادرة أصوات الناخبين وتسييس وتجنيد البعض من قبل أعضاء المفوضية المستقلة لجهات سياسية هو الأمر الغير منطقي.
https://telegram.me/buratha