علي حسين غلام
من سخريات القدر وغرائب الأمور أن لا يكون للكورد الفيليون محل من الاعراب، لا في ديوان البرلمان ولا في روايات الحكومة ولا في أساطير الأقليات، ليبقى هائماً حائراً يحمل النقاط لعله يجد حروفاً في تختة الرمل لدى عراب أو ساحر يخط جملة مفيدة ويضع للفيليين محل من الاعراب لينفي تلك الاوصاف كالمهمش والمشتت والممزق التي فرضتها جملة عوامل منها ذاتية مكسورة وموضوعية ساكنة وخارجية حددتها الصراعات السلطوية والتجاذبات السياسية المبنية على المصالح الجهوية والفئوية والحزبية لكي لا يبقى للمظلوم إلا حرف عطف تسلبه إرادته وإستقلاليته ويكون تابع للفاعل وللعاطف أو يصبح ( وهذا محال) أمعة يمد يده ليستجدي تشريعاً أو قانوناً يعيد له ولو جزء يسير من حقوق تناثرت دمائها بين العشائر التي ما برحت عن ذاكرتها وفكرها التعصب القومي والطائفي والأجتماعي، فالى متى يبقى الفيلي خائر القوى مقطع الأوصال مشتت الأفكار يدور بخطى ثقيلة يتكأ على عكازة المظلومية في رحاب القومية المجبرة على مضض بعوامل اللغة ورابطة الدم والعنوان المشترك وسنين الثورة والمسيرة (أصبح مؤسيسها من الكورد الفيليين في خبر كان) ونتائجها وإنعكاساتها السلبية المدمرة التي طالت الفيليين نتيجة تواجدهم ضمن مناطق القبضة الحديدية للحكومة العسكرية والكل يعلم ما آلت اليه الأمور والأحداث، أو في رحاب العقيدة الفطرية النقية الملهمة بينابيع ومناهل فكر أهل البيت والمجنونة بحبهم والملتزمة بنهجهم والسائرين بدربهم لينالوا نصيباً وافراً مما أصاب المذهب وشماعة تعلق عليها ظلماً وبهتاناً تهمة التبعية لتسلب منهم بجرة قلم هوية الإنتماء، وبحكم الديموغرافية الفيلية تحملوا المر والقسوة دون تقاسم الحلاوة والراحة مع أبناء المذهب، والعجيب الغريب أصبحوا مهمشين وقضيتهم على رفوف النسيان لا ينالهم الآن من ربيع الخير بألوان القوس والقزح الذي اصاب الأحزاب والقوى السياسية ويتحملون للأسف وزر العقيدة والقومية أكثر من غيرهم، لقد أتخذ الفيليون القومية والعقيدة كفلسفة للوجود وثقافة في الحياة وهما عنصران يمثلان سفر التاريخ المجيد والقاعدة الفكرية والأجتماعية لبناء الرسالة الإنسانية والأسس الجوهرية للأهداف والغايات النبيلة وخط الشروع لأي مشروع سياسي وطني أو أجتماعي أنساني وكذلك يمثلان الأمتداد الإستراتيجي والعمق اللوجستي لديمومة المجتمع الفيلي، وكانتا العنصر الحيوي والفعال في ربط المجتمع العراقي بعد السقوط، إن الغموض والمآرب الحزبية التي تكتنف القوى والأحزاب السياسية التي تمثل القومية والعقيدة في التعامل باللامبالاة مع القضية الفيلية بالرغم من شعاراتها المعلنة المكتوبة بحروف من الدخان بتأييد القضية الفيلية تطرح إشكالات ومشاعر وأحساسيس مريبة وتبعث بأكثر من أشارة الى ضرورة إتجاه الفيلية الى عنصر الأعتماد على الذات بدلاً من الأعتماد على هذه القوى التي لا تنظر سوى الى ما يجري داخلها وتعمل على تحصين قلاعها وحصونها والحصول على كل شيء حتى ولو على حساب رابطة الدم واللغة والعقيدة والمذهب، والدليل هو السنين والأيام الخوالي التي مضت كسحابة الصيف على الفيلية والتصحر الواضح في البرلمان والحكومة في الوقت الحاضر، يدرك الفيليون مدى ضعفهم وتفرقهم وأنقسامهم ولكن يتطلعون بحرص للتواصل مع قيم الماضي ومجدهم التاريخي ويحلمون بالوحدة التي ترتقي بهم الى مستقبل أفضل، ولغرض ترتيب البيت الفيلي للمرة المئة ويكون للكورد الفيليين مكان من الأعراب وكيان موحد له مقومات تعتمد على جملة من الحقائق، منها الأبتعاد وعدم فسح المجال لبعض الاشخاص داخل المجتمع الفيلي منهم، الاشخاص المرتبطون بالحركات القومية والاسلامية ايديولوجياً (فكرياً وعقائدياً) يكون من الصعب عليهم ترك تلك الأحزاب وخصوصاً إذا كان منتفعاً، وكذلك الأشخاص الإنتهازين والنفعيين المتلونين الذين يتحركون في أروقة الحركات والأحزاب بحثاً عن منافع مادية أو مناصب، ناهيك الأشخاص الذين وصلوا الى الساحة السياسية بطريقة ما ولديهم نظرة فوقية وميول شديدة للمصلحة الذاتية، وعلى عكس من ذلك العمل على أحتضان وكسب كل الطاقات الشابة بمختلف مستوياتهم والمفكرين وأصحاب الكفاءات بمختلف شرائحهم، هذا على مستوى الأشخاص أما بالنسبة للبرامج الخروج من صومعة الشعارات والخطابات والمقولات النمطية المستهلكة التي أصبحت لا تجدي نفعاً مع المرحلة الحالية والمستقبلية خصوصاً هناك تململ وضجر وتهرب منها لدى الشارع الفيلي والسياسي عموماً والتحول الى الشعارات المقبولة والتي تواكب الواقع الجديد والتطورات السياسية والأجتماعية والمشروع الوطني العراقي، اما بالنسبة للأفكار فيكون الباب مفتوحاً للحوارات والإرهاصات والجدل الفكري وتقبل الرأي والرأي الآخر من أجل الخروج بأفكار ناضجة مدروسة تصب في المصلحة العليا للفيليين، وأما بالنسبة للقوى السياسية القومية والأسلامية والعلمانية التي هي فاعل فعّال وأصحاب قرار يكون التعامل والتواصل معها من منطلق الحوار والتشاور والدعم المعنوي والتأييد للمشروع الفيلي السياسي طالما هناك متبنيات فكرية وعقائدية ومشتركات وطنية تكون المحصلة الأرتقاء بالواقع العراقي السياسي والأجتماعي نحو الأفضل وترسيخ مفهوم الديمقراطية كونها القاعدة الأساسية لوحدة العراق أرضاً وشعباً، ليعرف كل فيلي صدق المثل القائل ( محك جلدك كظفرك )... ولكي لا يبقى الفيليون في الوطن بدون وطن .؟
https://telegram.me/buratha