عبد الكريم ابراهيم
مازالت العملية الديمقراطية العراقية فتية لم تنضج بعد، رغم مرور اربع سنوات ،كانت السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية على غير المستوى المطلوب الذي عول عليه الكثير من العراقيين .والاسباب كثيرة ومتداخلة ،بعضها ناجم عن تفكير بعض السياسيين بعقلية واسلوب المعارضة التي تحاول تصيد الاخطاء والازمات لجني مكاسب معينة ،وليس من اجل تقويم العملية السياسية ،وعدم قدرة بعض المسؤولين الحكوميين الخروج من العباءة الحزبية التي تحكهم تفضيل ولاء الانتماء الذي اوصلهم الى مقاعد الحكم على المصلحة الوطنية التي هي دائما في الذيل ،فضلا عن الهوة ما بين المواطن والمؤسسات الحكومية التي تتكلم فقط بلغة الارقام والمشاريع ،والتي لم يجن منها العراقيون سوى شبكات الفساد الاداري تنخر مفاصل القطاع الحكومي. وهنا لايمكن انكار بعض المكاسب الامنية التي حققتها الحكومة المنتهية ،ولكنها لا ترقى الى ما يمكن ان نطلق عليها مكاسب بمعنى الكلمة ، لان واجب الحكومة هو المحافظة على امن وسلامة المواطن ،خصوصا ان المسؤولين هم من انتدبوا انفسهم لهذه المهمة مختارين غير مجبرين ،وما يتحدث عنه هؤلاء من تقدم في الانجازات هو مبالغة كلامية لترطيب الاجواء الحارة ،ولااعتقد انها ستحسن صورتهم في انظار العراقيين ،لان العقل والمنطق يقولان :على الذي لايستطع القيام بواجبه ،التخلي لمن هو اقدر منه ! ، والعراق ماشاء الله مليء بعقول وكفاءات قادرة على ادارة البلد على احسن مايكون ،لو وفرت لها الفرصة لذلك .ولايمكن ان ينكر ان من اسباب تراجع الاداء الحكومي هو تداخل الصلاحات وضبابيات وتفسيرات الدستور الذي يمكن ان يؤول حسب المزاج ،فضلا عن التدخل من اجل رسم الخارطة العراقية الجديدة وتوجيها نحو الوجهة معينة ذات حسابات، المواطن بمنأى عنها .فقد العراقيوسبع سنوات من اعمارهم ،هم في وقت احوج ما يكونون اليها لعلاج الجراحات ونسيان الماضي الاسود الذي يبدو لايريد ان يفارقهم ،وفتح صفحة جديدة من الامال والاحلام الكثيرة وتدارك ما فات ،لكن هذه السنوات الاربع القادمة والتي مضى منها اكثر من سبعة اشهر ،كأخواتها السابقات التي ولت بسرعة دون ان نعرف منها شيئا يذكر.قد يقول البعض ان هذه قراءة مستعجلة ومتشائمة .وفق معطيات الاحداث يمكن القول ، ان اسباب التراجع مازالت قائمة ولم تتغير الى حد بعيد ،مهما اطلقنا على الحكومة القادمة ،حكومة شراكة ،حكومة توافق ،لان الصراعات حول تقاسم المناصب الحكومي جعلتها اضعف من التي مضت،لان درجة الغليان زادت عن ذي قبل،ما يعني حكومة عرجاء تقف حائرة امام المشكلات المهمة التي تحتاج الى سرعة الحسم وعدم التردد ، وتركز عملها على الامور الثانوية أو بالاحرى حكومة مطاطية تأكل الوقت ولاتعطي شيئا ،وعلى رأس المشكلة صلاحيات رئيس الوزاء واستحداث تشكيلات حكومية جديدة تحاول سلب بعض المؤسسات القديمة صلاحياتها ، فضلا عن كثرة الوزارات و الترشيح لها وفق المحاصصة والتي لابد ان تمر من بوابة التقاسم التي ساهمت في طفح شخصيات على ارض الواقع ليست بذي كفاءة ،فكانت النتيجة ما كانت !وضع مترد ،بشهادة المؤسسات الدولية مع مجاملة امريكية . اهم من كل هذا مشكلة المركز والحكومات المحلية وعدم وضوح الصلاحيات التي جعلت البعض يتصرف على هواه ،وهذه المشكلة ستتفاقم في المسقبل ،لوجود نزعات بالاستقلال في اتخاذ القرارات دون الرجوع الى استشارة المركز، وكل الاطراف تحاول تفسير الدستور حسب الهوى ! ربما تكون هذه نظرة سوداوية للامور، ولكن الجواب يكمن في ان العقلية التي يفكر فيها بعض السياسيين لم ولن تتغير خلال المدة القادمة ما يعني تكرارا لما سبق ،ربما تكون باسماء جديدة ولكن المحصلة هي نفسها .
https://telegram.me/buratha