توالت انتفاضات الشعوب العربية كما تابعنا , وكانت ردة فعل الانظمة في كل دولة منوطة بالاشارة الامريكية , مع ان الشعوب انما تحركت اعتمادا على تلك (الاشارة) ذاتها و التي منحت مبارك فرصة ضئيلة للخروج والتصرف, وقيدت ردة الفعل المعتادة من الحكام في المنطقة تجاه شعوبها مما اعطى الضوء الاخضر لشعوب اخرى لتنتفض معتمدة على الموقف الامريكي والاوربي الذي استدرج تلك الشعوب لتخرج من القمقم وتنزل الى الشارع وتقفز في مطالبها فورا الى مطلب (اسقاط النظام) وهنا يبدو ان الولايات المتحدة قد (اخذت على حين غرة) فهي لم تعد العدة لمرحلة مابعد صالح او القذافي...اما مرحلة مابعد حمد وال خليفة فانها خارج الحسابات اصلا !لفترة وجيزة بدا وكأن الولايات المتحدة تسير على ذات الخط الذي يغل يد الزعماء العرب عن البطش المعتاد حتى نضجت الاوضاع في ليبيا واليمن والبحرين فوصل الثوار الى الزاوية في مشارف طرابلس في ليبيا واعلن معظم قادة جيش صالح في اليمن اضافة الى نواب ومسؤولين في حزبه وحكومته عن التحاقهم بالثوار لتضرم نار الثورة خارج اسوار قصر علي عبد الله في صنعاء .اما في البحرين فقد تماشت حكومة ال طويلي العمر هناك مع قوانين اللعبة فافرجت عن السجناء وعفت عن المبعدين واقالت بعض الوزراء واخذت تتفرج على الجموع ومن يحشدها في دوار اللؤلؤة حتى اذا اخذت الساحة زخرفها وظن اهلها انهم قادرون على قلب الطاولة انسحبت وحدات الاسطول الامريكي من سواحل البحرين وانقض مرتزقة ال خليفة بكل ما اوتوا من عدة انكليزية وامريكية ثم فتحت الحدود لقوات درع الحضيرة النفطية في الوقت الذي ادار فيه السيد اوباما رادارات اذنيه نحو طرابلس الغرب ليسحب البساط من تحت اقدام المبعوث الفرنسي الذي راح يعلن اعتراف باريس بالمجلس الانتقالي بصورة مفاجئة متناسيا ان قواعد اللعبة قد تغيرت وان القارة السوداء لم تعد منطقة نفوذ فرانكفوني حصري ....وفي الوقت الذي كان فيه ثوار ليبيا يتوقعون هرب القذافي او نجاحهم في اقتحام العاصمة بعد ان استولوا على (الزوية) طلع علينا رئيس المخابرات الامريكية قائلا انه يرى ان فرص الثوار في النجاح ضئيلة لتنقلب الاية فورا ويصل القذافي الى تخوم بنغازي بطرفة عين !وكان هذا السيناريو اعادة لسيناريو تم تمثيله في العراق في اذار 1991 حيث وصلت جموع الثوار الى الاسكندرية على مشارف بغداد واذا بالقوات الامريكية تسمح لصدام باستخدام الطائرات المروحية رسميا ....اما في الجو فقد كانت تحلق الطائرات المقاتلة بمرأى ومسمع المقاتلات الامريكية لتعرب الادارة الامريكية عن (قلقها) من اخبار تفيد( بخرق نظام صدام للحضر الجوي في بعض الاماكن) !...ناهيك عن السماح له باستخدام صواريخ ارض ارض المحضورة عليه دوليا تحت طائلة البند السابع, ليتقهقر الثوار حتى صحراء السعودية في مخيمات رفحاء !!اما في البحرين ...فقد تبين ان شعارات العالم الحر والمتمدن تعتمد في تطبيقها على نظرية اينشتاين في النسبية !كما تبين ان قوانين الامم المتحدة وميثاقها وقوانين حقوق الانسان والى اخر هذه الخزعبلات ماهي الا حبر على ورق وان الامم المتحدة لاتملك حتى دبابة!.. كما كانت تقول اسرائيل منتصف القرن الماضي !وتبين ان احدا من مطلقي الشعارات الطنانة والرنانة (لنصرة شعبنا في البحرين) لن يتحرك قيد انملة تجاه تلك الجزيرة المنكوبة فاذهب يابحريني انت وربك فقاتلا .....انا لما ترسلون او ترفعون على اليوتيوب....ناشرون !واذا كان الليبيون قد اندمجوا في لعبة الكر والفر التي تضع قواعدها قوات الناتو التي باتت (تخطىء) احيانا فتضرب قوات الثوار ثم باتت تعاني من (نقص في الذخيرة) لاسيما بعد ان اكتشفت امريكا ان مساندة الثوار او اسقاط القذافي لايرتبط بالامن القومي الامريكي (شرط ان يبقى الوضع على ماهو عليه)...اقول اذا كان الليبيون قد اندمجوا شاؤوا ام ابوا في اتون هذه ( اللعبة ) ....فان هناك من اعلن في البحرين ان (اللعبة قد انتهت) ..طبعا لم يكن هذا محمد الدوري !بعد اذار 91 كان لنظام العفالقة من المبررات مايكفي لضرب النجف وكربلاء بصورايخ ارض ارض كذلك ضرب الاماكن المقدسة وتصفية الوجود الشيعي في سامراء بالكامل من خلال هدم مساجدهم وحسينياتهم ومكتباتهم هناك ثم فتح اكبر عدد من المقابر الجماعية لاحياء الشيعة وامواتهم ثم تهجير مئات الالاف منهم !البحارنة بالامس كانوا يشكون حملة التجنيس الطائفي واليوم تراهم يتراجعون الى حقبة قد تكون اشبه بالحقبة التي وعد بها جيمس بيكر العراقيين في جنيف قبيل حرب الكويت رغم ان شيعة العراق وحدهم من تراجع الى تلك الحقبة !مساجد وحسينيات البحرين تهدم يوميا ,ويعتقل العشرات يوميا ,ويفقد اخرون يوميا ,ويهرب غيرهم يوميا,تصفية للتجار الشيعة وللموظفين الشيعة واللاعبين الشيعة وكل مايمت للشيعة بصلة !وقد يعود البريطانيون لادارة الشرطة هناك او قد تتعاقد المنامة هذه المرة مع صهاينة بعد ان وصل يهود البحرين (وهم من اصول عراقية)الى مناصب عليا من اهمها سفيرة البحرين في الولايات المتحدة وهذا مالايحلم به شيعي بحريني من الغالبية العظمى للشعب.... ولو كان هذا الشيعي , ذنبا للنظام وحاقدا على الشيعة !من داخل البحرين ومن خارجها,هناك من دفع البحارنة باتجاه التصعيد السريع ورفع سقف المطالب امام تنازلات السلطة الصورية ثم رفض الوساطات والتفاوض مع السلطة الى ان وصل الامر الى الهتاف بسقوط النظام الذي يعادل من حيث المضمون غزو صدام للكويت في نظر الاعور الامريكي !هل كان البحارنة يتوقعون تدخلا عسكريا ايرانيا او امريكيا؟ هل توقعوا اعلان الجهاد من قبل المرجعية ؟التدخل الامريكي نكتة لايصدق او يثق بها الا السذج.....اما تدخل ايران او المرجعية فهو غاية ماتتمنى امريكا وحلفائها ...ولايتوقع ذلك الا ....!!!قواعد اللعبة معقدة وخطيرة جدا ....وهذا مادفعني لاقول ماقلت سابقا وانا اعلق على ماكان متوقعا في العراق يوم 25 شباط المنصرم !http://www.kitabat.info/subject.php?id=3672رغم ان البعض قد اشكل علي في حينه وجزم ان امريكا لن تقف مكتوفة الايدي لان (واجبها الاخلاقي الدولي)..سيلزمها بالتخلي عن مصالحها القومية لصالح مصالحها العالمية المستقبلية و(لنظرية نشر الديمقراطية)!!غاية ما اتمناه ان يكون في كل هذا درسا كافيا لمراهقي السياسة في العراق وغيره لئلا يكونوا حطبا للنار الامريكية المحرقة للدول والشعوب!
هشام حيدرالناصريةhttp://husham.maktoobblog.com/
https://telegram.me/buratha