احمد عبد الرحمن
يتميز تأريخ المواجهة مع نظام البعث الصدامي المقبور بأمتداده لعدة عقود من الزمن، ويتنوع صور واشكال المواجهة، وتعدد ميادينها وساحاتها، وشراسة تلك المواجهة ارتباطا بعاملين، الاول دموية واجرام النظام البائد وعدم تورعه عن فعل أي شيء من اجل استمرار بقائه في السلطة، والثاني شجاعة وصمود وارادة المعارضة العراقية، لاسيما تلك العاملة والمتحركة في الميدان.ولاشك ان التضحيات كانت كبيرة وعظيمة خلال مسيرة طويلة من المواجهة، ولعل سقوط نظام صدام عبر العامل الدولي قبل ثمانية اعوام ماكان له ان يتحقق لولا تبلور ارضيات ومناخات ملائمة للتغيير، بل انها جلعت التغيير امرا لامناص منه.وما بلور وهيأ الارضيات والمناخات لعملية التغيير هو الجهاد والنضال الطويل للمعارضة العراقية التي اثبتت انها تمثل رقما مؤثرا وفاعلا في رسم وتوجيه مسارات الامور، بحيث انه لم يكن ممكنا تجاوزها في كل المحطات والمنعطفات.واليوم ونحن نقطف ثمار التضحيات الكبرى في المراحل السابقة، من خلال اقامة النظام الديمقراطي واشاعة اجواء الحرية، وتكريس مفاهيم التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، والعمل على انهاء كل مايمت بصلة الى العهدد البائد.لابد ان تكون من اهم وابرز الاولويات امام الدولة بمفاصلها المختلفة تكريم من وقفوا بكل شجاعة بوجه الظلم والتسلط والطغيان سواء في الاهوار او الجبال.. سواء في المدن او القرى.. سواء جنوب الوطن او وسطه او شماله او شرقه او غربه.والتكريم لاينبغي ان يقتصر على المظاهر المناسباتية ولا الاستهلاك الاعلامي والسياسي للماضي، وانما لابد من منح المجاهدين الحقوق المادية والمعنوية والاعتبارية التي تتناسب مع حجم التضحيات التي قدموها في ظل احلك واصعب واعقد الظروف.فالمتعارف عليه في كل الازمان والعصور تحرص الشعوب على تكريم اصحاب التأريخ المشرف والمواقف الشجاعة، بينما للاسف مازال الكثير من هؤلاء يعانون الاهمال والتغييب في العراق الجديد، ومازالوا محرومين من ابسط الحقوق التي ينبغي ان تمنح لهم.والانكى من ذلك حينما تنقلب المعايير والموازين ويقصى المضحون ويزاحون جانبا، في الوقت الذي تفتح الابواب وتمنح الامتيازات لمن كانوا في وقت من الاوقات يقفون في صف الجلاد ضد الضحية..وهذه بالفعل قضية خطيرة للغاية تستحق مراجعة واعادة نظر وتصحيح.
https://telegram.me/buratha