احمد عبد الرحمن
من الطبيعي جدا ان يثير أي توجه من قبيل الغاء المحكمة الجنائية العليا العراقية واحالة قضاتها على التقاعد واغلاق ملفها جملة تساؤلات واستفهامات تحتاج الى ردود وتوضيحات منطقية ومقنعة ومقبولة ومعقولة.رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي سماحة السيد عمار الحكيم اثار بعضا من تلك التساؤلات في حديثه بالملتقى الثقافي الاسبوعي، منها .. في حال الغيت المحكمة الجنائية فمن الذي يستمر بمتابعة جرائم الابادة الجماعية التي اقترفها نظام البعث الصدامي المقبور؟..ومن الذي سيحتفظ بملايين الوثائق؟.. واين سيكون مصير تلك الوثائق؟..ومن الذي سينظر في الكم الهائل من الشكاوى التي قدمها المواطنون؟.. وهل التوقيت مناسب لالغاء هذه المحكمة؟.وبصرف النظر عن الفترة الزمنية التي حددت لعمل تلك المحكمة والتي تنتهي في نهاية شهر حزيران-يونيو المقبل، فأن قرار الغاء المحكمة وطوي صفحات ملفها، ودس ذلك الملف في احد الادراج ليلفه الاهمال والنسيان، ينطوي على نتائج وتبعات خطيرة للغاية تختزلها وتختصرها التساؤلات الانفة الذكر وما يتفرع عنها من تساؤلات اخرى.من غير الصحيح حصر قضية خطيرة بأسقف زمنية معينة، وبأشخاص بعينهم، وتركها تخضع لاجتهادات وقرارات ارتجالية غير مدروسة بما فيه الكفاية.ان المحكمة الجنائية العليا حينما انشأت، فأنها انشأت لا محاكمة اشخاص فقط، وانما لمحاكمة حقبة زمنية من تأريخ حفلت بالكثير من الماسي والكوارث والويلات، وبالسلوكيات والممارسات المنحرفة والخاطئة والشاذة التي شوهت منظومة القيم الثقافية والاجتماعية والفكرية والسياسية السليمة في البلاد، ورسمت واقعا زائفا لمجتمع غني وثر ماديا ومعنويا وروحيا.ماانجزته المحكمة الجنائية العليا حتى الان جزءا صغيرا من المهام المطلوب منها انجازها، ومابقي على عاتقها الشيء الكثير والكبير والخطير. ولعل الاتجاه لحلها والغائها يمثل اتجاها لغض الطرف عن الماضي الاسود والمظلم ومنح شهاد حسن سلوك لاصحابه، والاستهانة والاستخفاف بالقدر الهائل من المظلومية التي تعرض لها ملايين العراقيين على مدى ثلاثة عقود ونصف.. وهذا مالايرضي أي شريف ومخلص في البلد.
https://telegram.me/buratha