حسن البحريني
هل هناك حقا بوادر لمواجهة عسكرية قد تقع على ارض البحرين بين اطراف اقليمية خاصة بعد ان انكشفت اهداف الغزو السعودي للبحرين واحتلالها والتنكيل بشعبها ؟وما هو حجم تلك المواجهة في ظل التصعيد الاعلامي القائم بين انظمة قرون الوسطى الخليجية من جهة وبين نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية التي ترى في احتلال البحرين تهديد ليس فقط لامنها القومي بل تجاوز لكل خطوط الحمراء وتدخل في شان بلد لا يحظى نظامه بشرعية شعبية حيث ترفضه الاغلبية وكيانه قائم على القمع وقوة الاحتلال الغاشمة ؟
وهل المجتمع الدولي يعطي الحق للجارة ايران التدخل عسكريا في البحرين من اجل اخراج القوات المحتلة وحماية المدنيين الذين يتعرضون لعقوبات جماعية وقتل منظم وانتهاك لحقوقهم والتطهير الطائفي علما ان هناك ثمة سابقة تدخل قد حدثت بموافقة المجتمع الدولي من دون صدور قرار ولم لم تعترض الامم المتحدة على ذلك مثل التدخل لحماية الشعب الليبي وكذلك الحرب في بوسنة وكوسوفوا وافغانستان وحتى الضربات الاستباقية للجماعات الارهابية التي تقوم بها القوات الامريكية في افغانستان واليمن وحروب عديدة كانت قد حظيت برضى المجتمع الدولي ؟
واخيرا هل هناك اية بوادر للمواجهة العسكرية بين قوات الجمهورية الاسلامية وبين قوات السعودية الغاشمة المحتلة على ارض البحرين ؟وهل الموقف السعودي في التدخل العسكري في البحرين واحتلالها يحظى بشرعية دولية او حتى قانونية رغم تشدق حكام الخليج وادعاءاتهم بان دخول "قوات درع الجزيرة " في البحرين جاء وفقا لمعاهدات واتفاقيات مازالت قائمة بين دول المنطقة لمواجهة عدوان خارجي الا ان البحرين رغم انها لن تتعرض لاي عددوان خارجي بل كانت في حالة انتفاضة شعبية شاملة وعارمة ومع ذلك فان تصريح امير الكويت الحالي في مؤتمر صحفي كان قد تم عقده في 1984 عندما سئل عن اهداف تشكيل درع الجزير ة هل لمواجهة الثورات الداخلية ام لمواجهة العدوان الخارجي ‘ كان قد اجاب بصورة واضحة ان مهمة درع الجزيرة هي لمواجهة العدوان الخارجي وليس للقمع الداخلي ؟
من الواضح ان الاحتلال السعودي للبحرين لم يكن ولا ممكن ان يكون قد حظي بشرعية شعبية ولا بموافقة المجتمع الدولي الذي لم يعطي لال سعود اي حق في غزو الجزيرة الامنة المسالمة التي انتفض اهلها ضد حكامها الجائرين المستبدين وقد رفض الشعب باغلبيته الساحقة في مسيرات الدوار وغيرها التي قدرت بمئات الالاف ‘ اي بنسبة اكثر من 60% من الشعب‘ لنظام ال خليفة وهو الشعب نفسه يرفض اليوم هذ الاحتلال الغاشم ‘ فمن لا يملك شرعية حكم شعبه فان قرارته في استدعاء قوات اجنبية لقمعه واحتلال بلده ليست فقط غير شرعية بل تستوجب المقاومة بكل الاساليب والوسائل المشروعة لاخراجها خاصة وان تلك القوات المحتلة غير الشرعية استباحت كل شيء في البحرين وهي مستمرة في البطش والتنكيل بسكانها بدوافع طائفية وحاقدة وبلا حدود عبر القتل والقمع وهدم دور العبادة والاعتداء على المقدسات والحرمات والاعتقالات الوحشية وهدم الحسينيات واطلاق الشعارات المعادية لمعتقدات اكثرية اهل البحرين .
ان قيام قوات الاحتلال السعودي بغزو البحرين ليس فقط وضع المنطقة على كف عفريت وكان تجاوزا لكل الخطوط الحمراء ومخالفا لشرعة حقوق الانسان والقوانين الاممية بل كشف ذلك الاحتلال عن نوايا ال سعود وطموحهم التوسعي في ضم الكويت وعمان وحتى من خلال منظومة "درع الجزيرة" الوهمية ‘ وقد كشفت تصريحات قادة النظام السعودي ان نواياه في ضم تلك الدول الخليجية الى امارة ال سعود بعد احتلال البحرين حيث صرح السعوديون من خلال التسريبات الاعلامية بضرورة قيام "كونفدرالية خليجية"! فسره المراقبون بانها دعوة صريحة الى ضم كل بلدان الخليج الى مملكة وامارة ال سعود الوهابية الممتطرفة .
وقد كتبت صحفية "الجزيرة" شبه الرسمية والمقربة لدوائر الاستخبارات السعودية مقالا تحت عنوان "الكونفدرالية التطور الامثل لمواجهة التحديات" حيث قالت :(( ليس لأن التجاوزات الإيرانية وانكشاف مخططات طهران والأحزاب الطائفية المرتبطة بها لضم دول الخليج العربي إلى إمبراطورية ولاية الفقيه.. وليس لأن كل شيء قد بان ووضح خطره، بل إن التطور وترجمة طموح أهل الخليج العربي في بناء كيان وصرح قوي يحمي مصالحهم، بل وحتى أرواحهم وبلدانهم، يفرض أن تحزم دول الخليج العربي أمرها وتطور منظومة مجلس التعاون لدول( الخليج العربي) وتنتقل للمرحلة الثانية لمسيرة التعاون وصولاً إلى بناء الكيان الواحد لإقليم الخليج العربي))!!هذا الخطاب خاصة اصطلاحات من قبيل "الكونفدرالية " و"اقليم الخليج" كلها تنم عن نوايا مبيتة لنظام ال سعود بابتلاع المنطقة ووضعها تحت الهيمنة الوهابية المتطرفة ونفوذ الراديكاليين التكفيريين وبالتالي فتح الابواب لدخول جماعات القاعدة التي ترعرعت وتخرجت من الجامعات السعودية ومدارسها الدينية المتطرفة وهو ما قد يعيد مجددا الى الاذهاب سيناريوهات 11 سبتمبر والعمليات الارهابية الكارثية على المجتمع الدولي والسلم العالمي ‘ وقد شاهدنا نحن البحرانيون بام اعيننا في البحرين قيام الوهابيين وهم ملثمون وبملابس اشبه بتلك التي يرتديها افراد القاعدة في العراق بالمظاهرات وحمل السيوف وحتى ممارسة القتل الوهمي لجنود الامريكان في شوراع البحرين وصور ابن لادن تعلو صدورهم هذه المشاهد تكررت بعد احتلال السعودي للبحرين عبر رفع يافتات عريضة ولوحات زيتية كبيرة في الشوارع العامة تحمل صور حبل المشنقة ودعوة لاعدام المتظاهرين الذين تجمعوا في ميدان الشهداء اي "الدوار" .هذه العوامل وتلك التصريحات والدعوات كلها تشير الى بروز بوادر المواجهة على الساحة البحرينية بين قوى الشر والضلال والظلام التي تمثلها امارة القاعدة والسعودية وبين الاحرار والشعب البحريني يكون طرفه نظام الجمهورية الاسلامية التي تجد نفسها مسؤولة ليس للدفاع فقط عن شعب البحرين المحتلة بل لحماية امن واستقرار المنطقة والسلام العالمي ..وقد صرح اخيرا عدد من المسؤلين الرسميين في جمهورية ايران الاسلامية بان "ايران لن تقف مكتوفة الايدي امام ما يتعرض له الشعب البحريني من مجازر وقمع " وقد تكرر ذلك يوم امس في تصريح للسيد لا ريجاني رئيس البرلمان ومجلس الشورى الاسلامي في ايران كما لم يترك تصريح طهماسبي الناطق باسم الخارجية الايرانية مجالا للشك حول قلق طهران من استمرار الاحتلال السعودي للبحرين وتصاعد القمع والبطش لاهلها حيث جدد مسؤولية بلاده في الدفاع عن حقوق الشعب البحريني ..وكان رئيس الكتلة البرلمانية المتعاطفة مع رئيس البرلمان الايراني "روح الله حسينيان" قد دعى اخيرا الى شن هجوم عسكري ضد الاحتلال السعودي في البحرين ومواجهة درع الجزيرة ‘ وعلى صعيد اخر قال رئيس المجلس التنسيقي لقوى حزب الله في ايران "حسين الله كرم" "اذا لم تغادر القوات السعودية البحرين فان لا خيار امامنا سوى تنفيذ عمليات استشهادية " واكد امام تجمع لمكتب "الطلبة المدافعين عن النهضات الاسلامية" لم يعد من الصحيح الصمت والتفرج على الاعمال التي تحصل ..اليوم حان وقت موعد الجهاد".اما صحيفة كيهان وعلى لسان رئيس تحريرها "شريعتمداري" لم تخفى نبرتها الحادة والقوية ضد قادة ال سعود ورموزهم الفاسدين حيث دعى الى رصدهم واستهدافهم عبر "الاعدامات الثورية" .ويرى المراقبون ان طهران بدات تدرك لعبة رياض جيدا و مستوعبة وضوحا مخططات ال سعود وحكام الخليج في التصعيد الاعلامي المستمر ضدها والتحريض الذي تمارسه تلك الدول من خلال الضرب على الوتر الطائفي والعنصري في اوقات متعددة وازمنة مختلفة مستغلة نقطة "ضعف" ايران وهو قلقها من "التحشيد الطائفي" المستمر لتلك الدول في كل ازمة طارئة او قلاقل داخلية تشهدها بلدان الخليج وخاصة البحرين وذلك من اجل الضغط على قادة الجمهورية الاسلامية كي لا تقوم بدورها في الدفاع عن حقوق الانسان والمظلومين في المنطقة ‘ الا ان هذه المرة لم تمر على طهران تلك اللعبة مرور الكرام حيث ادركت ان سكوتها او عدمه لم يردع تلك الطغم الفاسدة من الاستمرار في التحشيد الطائفي والتحريض المذهبي والعنصري فقررت ان تقلب الطاولة على رؤوسهم العفنة واستبدلت بسياسة هجومية واضحة غير مألوفة ضد ذلك التحشيد البغيض من خلال الدعوة الصريحة الى وقف القمع وسياسة البطش بحق شعب البحرين واعلنت بوضوح انها لن تقف مكتوفة الايدي تجاه ما يجري في البحرين والاحتلال السعودي ‘ هذا الموقف الحازم من ايران اقلق الطغاة في المنطقة خاصة بعد سقوط اصنام مصر وتونس ومن قبلها صنم العرب الكبير وهبلهم الطاغية المذعور في حفرته صدام وعلى وشك ان يسقط علي عبد الله صالح طاغية اليمن وطاغية ليبيا ايضا هذا السقوط المستمر وعلى طريقة سقوط الدول الشيوعية التابعة للاتحاد السوفيتي في اوروبا في الثمانينات والتسعينات لم يترك شكا بان انظمة المشيخات الخليجية الكارتونية القائمة على التوريث في الحكم والاستبداد وغياب الديمقراطية الحقيقة وبعد ان فقدت كل اصدقاءها الديكتاتوريين قد غدت في موقف أصعب واضعف مما يتصوره الخيال حيث سقوطها بات مسئلة وقت فقط .من هنا فثمة مراقبين من يرى ان المواجهة العسكرية بين رياض وطهران على ارض البحرين هي فقط مسئلة وقت وعندها سنرى كيف ان جيوش الارهاب وارانب الجيش السعودي الذي هزم هزيمة نكراء على يد رجال قبائل ولكن اشاوش ومقاتلين في صعدة اليمن وباسلحة قديمة ‘ سنرى كيف ان تلك الجيوش ستولي الدبر وهي تاركة ساحة المعركة ايذانا بانطلاقة جديدة في مسيرة شعوب المنطقة في الخلاص من حكم التوريث الاستبدادي والانتهاء من فلول الارهاب والتطرف الوهابي .
حسن البحريني كاتب بحريني من السويد
https://telegram.me/buratha