حافظ آل بشارة
جميع القادة والوزراء والنواب وكبار المسؤولين وصغارهم ، وجميع الاحرار والثوار والتجار يدينون الفساد المنتشر في جسد الدولة كالجرب ، اذن من هو الذي يقف وراءه ؟ ولماذا يستمر ويتسع ؟ الفساد في العراق عمل ابداعي يتطور بخطط وقواعد مدهشة ويستخدم احدث الاساليب ، وقد تجد اساتذة كبارا في هذا الفن تطأطئ لهم اعناق الرجال ، يعملون في انفاق مظلمة محاطين بكل وسائل الكتمان والاختفاء تطوقهم مؤسسات اعلامية وقضائية وادارية تقدم لهم خدمات لا تخطر على البال فمن يخرق الكتمان يواجه الكاتم ، امبراطورية الفساد عريقة والتغيير في العراق نجح في تفكيك جزء بسيط منها ، الدولة العراقية راهنا لا تملك برنامجا لمكافحة الفساد ، هناك مراقبون يدرسون الظاهرة ميدانيا بمبادرة فردية ويقال ان معرفة العدو نصف المعركة ، وقد اكتشفوا انواعا من الفاسدين : 1- الفاسد تكوينيا : وهو الذي اصاب الانحراف فطرته فان لم يسرق اصابه القلق وفقدان التوازن والاضطراب النفسي فان سرق شيئا شعر بالاطمئنان والسعادة .2- الفاسد بالعدوى : وهو الذي يتعلم هذا الفن عبر الصداقة والمعاشرة مثل تعلم شرب الخمر حتى يتحول الى رذيلة مستدامة .3- الفاسد التنافسي : بسبب التنافس على الغنى والكسب والامتيازات وسعي كل طرف لتحقيق افضل النتائج فان تفوق عليه غيره اصيب بالم الهزيمة . 4- الفاسد بذريعة : هناك تيارات باطلة تفتي لاتباعها بحلية أخذ اموال الدولة بحجة استنقاذ اموال من ايدي الظالمين ! 5- الفاسد بالتمويل : وهو من يتلقي هبات اجنبية فيجد انه غير مطالب لاشرعا ولا قانونا بتقسيمها بين اصحابه فينزلها في الجيب فيظهر ثراؤه ويفتضح أمره . هذه هي اصناف الفاسدين ، أما الذين ينادون بمكافحة الفساد فهم كثر وبعضهم يكشف ملفات خطيرة لكن هذه الكشوف لم تترك اثرا مهما لانها منقسمة الى حالات مختلفة النوايا وهي : 1- كشف التغطية : مبادرة كشف ملفات فساد يقوم بها صاحبها للتغطية على فساده ولكي يلمع صورته لدى القضاء ويوفر مضلة تسمح له بممارسة المزيد من الفساد . 2- كشف التنافس : ويحدث عند نشوب خلاف بين الفاسدين ضمن صفقاتهم المتعددة فيبادر احدهم الى كشف القضية من باب الانتقام . 3- كشف النجاة : يقوم به طرف في فضيحة كبيرة فيتعاون مع المحققين ليكشف الشركاء مقابل العفو عنه . 4- الكشف الدعائي : حين يطلع احد اصحاب الطموحات على اسرار فساد فيعلنها ليختلق بها موجة في الرأي العام تلمع صورته وتقوي موقفه الانتخابي وليس لأجل مكافحة الفساد . لهذه الاسباب لم يكن لعمليات كشف الفضائح اثر ايجابي ، ومع ان العراق ليس هو الدولة الافسد في المنطقة الا ان طبيعة النظام الديمقراطي وغياب القبضة الحديدية وتوفر الحريات نسبيا اسهم في تجريد الظاهرة بكل جوانبها فالنظام الديمقراطي يسير في آلياته باتجاه معاكس للنظام الاستبدادي فهو يكشف الفساد قبل سقوط الحكام بينما ينكشف فساد المستبدين بعد سقوطهم . على الشرفاء ان يتخندقوا في جبهة مكافحة الفساد فان خافوا الكاتم وفضلوا الكتمان فان الانتقام الالهي اشد وادهى .
https://telegram.me/buratha