احمد عبد الرحمن
من الطبيعي جدا ان تخلق التقارير المتتابعة عن حالات الفساد المستشرية في عدد غير قليل من دوائر ومؤسسات الدولة اجواء غير مريحة، ربما تزيد من حالات التشاؤم، وتقلص مساحات التفاؤل، لاسيما وان الاوضاع السياسية تشهد الكثير من الاحتقانات والتشنجات بين الشركاء السياسيين. وهذا ما يمكن ان يلمسه ويستشعره المواطن العادي بكل يسر وسهولة.وفي اوقات سابقة كانت قد صدرت ردود افعال حادة وغاضبة من قبل اوساط وفئات وشرائح مختلفة حينما تداولت وسائل الاعلام ارقام مرعبة عن نسب التزوير وعموم مظاهر الفساد، ناهيك عن برزو توجهات لدى الحكومة بالتعامل بمرونة مع المزورين وذلك بتخفيف العقوبات الصادرة بحقهم او حتى اسقاطها عنهم بالكامل.مثل هذه المؤشرات والمعطيات تعكس عدة حقائق من بينها ان هناك قدرا كبيرا من الوعي لدى عموم ابناء الشعب العراقي بمدى المخاطر التي يمكن ان تترتب على مظاهر وظواهر الفساد الاداري والمالي بكل اشكاله وصوره ومسالكه. ومن بين تلك الحقائق ايضا ان الفساد بات يشكل تحديا كبيرا جدا امام الدولة والمجتمع يتطلب توظيف وتجنيد الكثير من الطاقات والامكانيات لمواجهته والقضاء عليه، وانه بدون انجاز هذه المهمة فأن الارهاب سيبقى يحصد ارواح ابناء الشعب، ويتسبب بسفك دمائهم.ومن بين تلك الحقائق ان ضعف الدولة وعدم تماسك وانسجام مؤسساتها ومفاصلها المختلفة وفي كلل المستويات من شأنه ان يوفر بيئة مناسبة جدا لمختلف مظاهر الفساد، ويفتح له ثغرات ومنافذ في بنى الدولة.ولايختلف اثنان في ان المهمة التي تقع عاتق الحكومة بالدرجة الاساس ومعها مختلف منظمات المجتمع المدني، لاسيما المعنية والمتخصصة بمكافحة الفساد، هي مهمة كبيرة وثقيلة، ومن غير الصحيح الاستغراق بالتفاؤل في هذا الجانب، لان هناك الكثير من المصاعب والعقبات والمعوقات التي تقف في الطريق. بيد ان ذلك لايعني ولايسوغ الاستسلام والركون للامر الواقع. ولاشك ان المعالجة والحلول الحقيقية ينبغي ان تبدأ من قمة الهرم لتتجه الى قاعدته. لان اجتثاث الفساد في المفاصل الصغيرة دون الكبيرة سيبقى المشكلة قائمة، لتزداد استفحالا وخطورة وتولد معها مزيدا من المشاكل والازمات، ولايستبعد ان تولد الانفجار في أي وقت.بعبارة اخرى بقاء الفساد يعني بقاء المشاكل والازمات والعكس صحيح.
https://telegram.me/buratha