علاء التريج حقوقي ومستشار نفسي
تناولنا في مقال سابق ( التمييز الطائفي ضد الشيعة من الناحية النفسي ) وكما وعدنا قراءنا الاعزاء اننا سنكتب في هذا المقال الافرازات التي تنتج من تلك الممارسات الطائفية ضد الشيعة. سندرس بعض الوقائع والوقوف عليها بشكل مقتضب كي نحصل على افرازات ناتجة عن ممارسات طائفية والتي في عقيدتي لا يمكن فصل بعضها عن بعض, فالكثير من الذي حدث في صدر الاسلام مازالت اثاره و انعكاساته على انفسنا وانفس الاخرين . هناك تمييزا بين ابناء الديانة اليهودية وكذلك المسيحية والاثنين لديهم مواقف سلبية اتجاه الدين الاسلامي, اما الاسلام الكريم لم يجعل ذلك في منهجه ضد اي ديانة سماوية. تعرض اتباع اهل البيت ( ع ) الى هذا العدوان لسببين فقط لا غير, وهما ( التولي و التبري ) انهم تولوا بولاية اهل بيت النبوة والبراءة من اعدائهم. البعض يتصور ان المشكلة الطائفية بدأت بالاعتداء على بنت النبي الاكرم ( ص واله ) فاطمة الزهراء ( ع ) والبعض الاخر ذهب ابعد من ذلك الى بيعة الغدير وسببها الخلافة, لكن في تصوري القاصر وقد اكون مخطئ ان المشكلة بدأت عندما عرف القوم ان النبي هو محمد بن عبدالله ( ص واله), فهي مشكلة النبوة وليست مشكلة الولاية وبيعة الغدير, بدليل ان القوم الذي حملوا على ال محمد واتباعهم ( ص واله ) كانت لهم مواقف سلبية في بداية الدعوة النبوية, وكذلك ان الذي جعل هؤلاء يحاربون علي وابناء علي ( ع ) هو لانه قتل من اراد قتل النبي (ص واله ), ولذلك ان ارباب التاريخ تواترت الاخبار لديهم ان البيوت القرشية التي سلمت من سيف علي ( ع ) قليلة, فعلي لم يكن المشكلة وانما النبي ( ص وله ), ومن الشواهد التاريخية (( رزية الخميس , وكذلك النكوص عن بيعة الغدير, والاعتداء على بنت الرسول الاعظم الى تولية الخلافة وارض فدك و اعادة من نفاه النبي الاكرم وتولية معاوية الشام وحرب الجمل وقتل امير المؤمنين ورمي الجثمان الطاهر للامام الحسن ( ع ) الى فاجعة كربلاء ومرورا بالتسعة المعصومين من ذرية الحسين ( ع ) )) فلم تكن المشكلة هي مشكلة الخلافة كي نقول انها ازمة سلطة مع علي ( ع ) والشاهد ان ادوار الائمة المعصومين ( ع ) تعددت, فلماذا يقتل الامام السجاد او الباقر او الصادق وباقي المعصومين... الى تغييب الحجة ( عج ), فبعد الامام الحسين لم يطلب الائمة ( ع ) الخلافة ولم يتعرضوا لسلاطين الجور فلماذا يقتلون ؟!!! نعتقد ان قتلهم جاء على قاعدة ( لا تتركوا لأهل هذا البيت من باقية ). او القاعدة السفيانية ( لا ملك جاء ولا وحي نزل ) التي بينت بشكل واضح ان القضية ليست متعلقة بعلي او ابناء علي ( ع ) وانما هي النبوة والرسالة الالهية ومن اتبعها. قد يطرح البعض سؤال, وهو لماذا اتبعوا النبي اذا كانوا كذلك؟ اقول هناك عدة اسباب واذكر اثنين فقط, اولا: ان البعض لم يتبع الاسلام بإرادته و اطلق عليهم ( ابناء الطلقاء ) بعد فتح مكة الكرمة, ثانيا: المصلحة والتسلط, اضرب مثالا على ذلك من واقعنا الحالي لتتضح الصورة, بعد مؤتمر لندن للمعارضة العراقية وقبل سقوط النظام كان هناك عام سماه بعض الاخوة بعام حجة الشيوعية, قصة الحج هي ذهاب اعضاء من الحزب الشيوعي الى الحج في ذلك العام, ومن المعروف ان من مبادئ الحزب الشيوعي انه لا يؤمن بوجود الخالق تعالى فلماذا ذهبوا؟ الجواب انهم ذهبوا للقاء بشهيد المحراب ( رض ) لانهم عرفوا انه ( رض ) سيكون صاحب التغيير الحقيقي و راسم مستقبل العراق, شاهد الحال ان اتباع النبي ( ص واله ) لا يعني بالضرورة هو الايمان به وبرسالته. فمنذ نزول الوحي الى يومنا هذا و سيبقى الى ظهور القائم ( عج ) هناك خطين خط متمثل بالنور وخطوط متشابكة متمثلة بخط الظلمات ( القران الكريم يذكر - نور- وظلمات , وهذا يعني ان الحق واحد واهل الظلمات قد يكونوا متعددين), فالقتل والتشريد للشيعة ليس سببه تغير نظام حكم او طلب اصلاحات في سلطة وانما هي سلسلة قتل وتشريد انتقلت بالتوريث من الاباء الى الابناء بدأت بنزول الوحي وستنتهي بظهور القائم ( عج ).كنا قد اثبتنا في المقال السابق ان الحقد والكراهية ضد اتباع اهل البيت ( ع ) لسببين وهما: 1- الطبقة الحاكمة وعلماء البلاط يعمدون بالدفع الى هذا الاتجاه, من اجل المحافظة على مراكزهم وايجاد مبررات لتقصيرهم, وذلك من خلال وسائل الاعلام وعزل الشيعة وتكفيرهم في المناهج الدراسية و تعمد الحرمان بكل اشكاله( المالي والتعليمي وو..).2- توريث عامة الناس هذه الكراهية بقصد او بغير قصد الى الابناء, تعد هذه من اخطر الطرق التي تأسس لثقافة الكراهية من خلال سرد بعض الحوادث والتي قد تكون ليس لها واقع او اعطاء الاشارات التفسيرية وما شاكل.. ان هذه الطريقة تؤثر اكثر بكثير من الوسائل الاخرى. وفي هاتين النقطتين نجدهما اسسا لمجموعة من المفاهيم الدينية الخاطئة اذا ما اخذنا ما ذكرناه قبل هاتين النقطتين بعين الاعتبار, نجد حالة التأسيس للخط الاموي والبناء عليه حتى وصل الينا بعناوين متعددة وهم ( السلفيون , اتباع السلف الصالح, اتباع شيخ الاسلام ) ومنها عناوين سياسية ( القاعدة, طالبان و و..) والقاعدة ايضا ( القاعدة في العراق ولبنان واليمن و و..) كل العناوين الدينية او السياسية تصب في نهر واحد هو نهر الوهابية البغيضة.و من الافرازات التي ظهرت بين الطرفين, ففي الوقت الذي يستخدم خلفاء ال امية ( الوهابية ) سياسة التفرقة بين المسلمين نجد ان الشيعة على طول التاريخ يحرمون دم كل مسلم ويحاولون جمع كلمة المسلمين, ايضا في الوقت الذي يكفر خلفاء ال امية جميع المسلمين فان الشيعة يطهرون كل مسلم ويعتبرونه من امة محمد ( ص واله), كما ان خلفاء ال امية حاولوا على مر العصور ان ينهوا وجود محمد واله ( ص واله ) وكذلك شيعتهم, نجد اتباع هذا المذهب يتطورون من حيث الكم والنوع....وهنا اود ان اتوقف عند واحدة من هذه الافرازات وهي التطور من حيث الكم : نأخذ عينتين من المسلمين الذين تعرضوا للتمييز الطائفي فما هي الافرازات قبال ذلك؟نموذجين الاول فلسطين: مع المكر الذي استخدمه اليهود والقتل والتشريد وجدنا ان هناك ردود افعال قد لا نلتفت اليها (وعلى سبيل المثال) ان الفلسطينيين في اكثر اسرهم تجد تعدادها ما يتراوح بين الثمانية والثلاثة عشر فردا, قد يكونوا من خلال حالة اللاشعور كانت هناك قوة دافعة تجعلهم يكثروا من نسلهم في قبال النقص الحاصل في المجتمع جراء القتل والتشريد. اما الثاني فالعراق: في الثمانينات في حرب صدام ضد ايران ( الشيعية ) بجيش اغلبه من الشيعة, وقتل الشيعة على التدين ومحاولة افساد المجتمع الشيعي و خمسة ملايين مفقود في سجون النظام, اضافة المقابر الجماعية, في مقابل التجنيس السياسي الاكثر من خمسة ملاين مصري وسوداني ... ايضا في حالة اللاشعور وجدنا ان العوائل الشيعية اخذت تزداد من حيث العدد لسد النقص الذي حصل في الجغرافية السكانية لدى الشيعة العراقيين...ان هاذين النموذجين من باب المثال فقط, النتيجة هل استطاع يزيد عصره ان يقضي على الشيعة في العراق؟ الجواب كلا, وهل استطاعة ان يجعلهم اقلية بالرغم من كل ما فعل ومازالت اثاره الى الان وذلك من خلال زرع مواد متفجرة في مياه وسط وجنوب العراق والتي تصيب اطفالنا بالسرطان بنسبة 56% ارجو من الاخوة ان يطلعوا على كتاب ( الكارثة البيئية في العراق والمنطقة ) الجزء الاول للدكتور قيس السلمان المياحي لتجدوا فيه حجم الجرائم والمؤامرات التي تحاك ضد الشيعة, كما وعدني انه سيكتب الجزء الثاني وفيه عن المواد الغذائية التي تدخل الى مناطق الشيعية والتي تحتوي على مواد مقزمة ومسرطنة... نعود الى السؤال هل اصبح الشيعة اقلية؟ الجواب كلا.ان من اهم هذه الافرازات اننا نقوى عندما نتعرض للتمييز وكما يقال الضربة التي لا تقصم ظهرك تقويك او مقولة ان العقائد كالمسمار كلما ازددت عليه طرقا ازدادت ثباتا, ومسك الختام قول شهيد الحراب ( رض ) ( ان اعداءنا يوحدوننا ) فإفرازات الطائفية هي نقيض ما يريد الخصم لك.
https://telegram.me/buratha