الدكتور حسن سلمان
تلعب وسائل الاعلام وخصوصاً هذه الايام وبجميع اشكالها (المقروءة والمسموعة والمرئية والالكترونية الجديدة -فيسبوك - تويتر) دوراً كبيراً وفاعلاً في التاثير على صناعة الحدث والرأي العام معاً من خلال تشكيل توجهاته واتجاهاته والتعبئة باتجاه اهداف وقضايا معينة وفي مفاصل عديدة كانت وماتزال التغطية الاعلامية الغربية والعربية تتعامل مع الاحداث وخاصة في العالم العربي باكثر من مكيال كجزء من مخطط سياسي وثقافي ومذهبي يمتلك مقومات استراتيجية او تكتيكية غالباً ما تخطط وتدار هذه العملية (وهي ليست رؤية اعلامية فقط) بل ترقى في كثير من الحالات الى مستوى الثورة والحملة الشاملة وذلك ياياد خبيرة في الاعلام مساندة بمن هم في اختصاص التوجيه النفسي والاجتماعي ومدعومة من فروع معرفية واستخباراتية متعددة باستخدام المشورة والمعرفة وشراء المعلومة او المساومة عليها والاستفادة من تحليل التجارب واخذ الدروس منها على كل المستويات.
ان الاحداث الجارية في منطقة الشرق الاوسط تثبت ان مقولة الاعلام الغربي والاعلام العربي هو اعلام مستقل ومهني وحيادي هي مقولة فضفاضة وغير دقيقة ولها اكثر من معنى ووجه وتاويل والتفاف كما هو (طائر تويتر) الذي يغرد بصوت جميل فتحاول باقي العصافير تقليده فتحدث فوضى الاصوات ان الكثير من وسائل الاعلام من حيث التمويل او الاعلانات او الادارة التي تعلن استقلاليتها وحياديتها تبدو في ظاهر الامر غير مرتبطة بجهة حكومية او مؤسسة سلطة هذا الامر صحيح في الظاهر لكن الحقيقة غير ذلك على الاطلاق لان القرب او البعد من السلطة وتشكيلها ومدى التاثير الواضح هنا او هناك (بقرار محدد) هو من الامور الواضحة في حركات الشعوب اليوم فالاعلام هو سلاح بيد من يملكه وبالتالي فان مالكي هذا السلاح الخطير هم من يصوغون الاجنده البعيدة المدى والتي تجعل من السياسة الاعلامية ضمن دوائر واطر فكرية وثقافية وسياسية محددة.
وان من سمات هذه الرؤية الاعلامية والاعلانية انها تريد كل فرد في عالمنا العربي والاسلامي ان يشعر ويتاثر بالمتغيرات والاحداث وكانها تحدث في بلده او حتى داخل منزله وبالتالي فان ذلك سيجعل كل انسان والى اي محيط انتمى يجب ان يسمع الاعلام نفسه والمعلومات ذاتها وان هذا هو مبدأ (افتقاد الحرية في اطار ديمقراطي !) ومعنى هذا ايضاً ان الحقوق والحريات والمبادئ تفقد اهميتها وحيويتها وتحل محلها الحقيقة التي يصنعها الاعلام في الواقع ولو كان ذلك الواقع كاذباً ومزيفاً واني اعتقد ان هذا المنحى لم يزيف حاجات الناس وتطلعاتهم.
بل انه ذهب ابعد من ذلك وجعل الفضاء الاعلامي يعمل ضمن (هكذا شروط وهكذا اطار) بالضرورة يفقد حياديته وموضوعيته ويصبح جزءا من شروط واقع سياسي او اجندة خارجية ترسمها مصالح لاعلاقة لها بالشعوب والاوطان لذا نشاهد كيف وقعت كبريات الفضائيات العربية في هذا الفخ فاصبحت هنا ثورة احرار وهناك ثورة عبيد وهنا (باء) تجر وهنا (باء) ترفع ضد امريكا في العراق ومع امريكا في ليبيا نعم لمطالب الشعب في مصر وتونس واليمن لا لمطالب الشعب في البحرين.
ان الحرية والديمقراطية اذا كانت حقاً تمثل ظاهر الاعلام والتزام الاعلاميين فان المضمون الحالي ليس كذلك حيث تتنوع في ادارته السياسة الاعلامية ومراحل تطور الحملة التي تندرج في اطارها تلك السياسة والتي تبدأ بالمعلومة والحدث ثم تطويرها وتحميلها الاجندة المطلوبة ثم وضعها في سياقات الهدف وهنا لابد ان نذكر العراق والاوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية فيه لا يمكن ان ينظر اليها وفق السياسة الاعلامية الانفة الذكر منعزلة او منفصلة عن المحيط وهو جزء من سياقات الهدف والا كيف نفسر حملة فضائيات يديرها حزب مجرم كحزب البعث الصدامي على الحكم والحكومة والعملية السياسية بكاملها او فضائية تديرها دولة كبرى او صغرى تقوم اجندتها على الفتن والكذب وتدعي انها تريد الخير والحرية لشعب العراق .وهكذا قصة البحرين فكل الاعلام الا ما شذ وندر قرر مع سبق الاصرار على طمس حق الشعب وحريته وحقوقه في حين ان مطالب شعب البحرين متواضعة السقف وحركته سلمية بامتياز نعم ان ذلك خارج اطار الواقع المرسوم وعصفورة تويتر لا يراد لها ان تغرد في البحرين!!!.
https://telegram.me/buratha