بقلم: عبد الواحد ناصر البحراني
يبدو أن رياح الثورة العربية الحديثة ضد أنظمة الظلم و الاستبداد بدأت تطال الإعلاميين أيضا ً. فبعد أن كان هؤلاء الإعلامييون في ساحات التغيير ينقلون إلى محطاتهم جل ما يجري على الارض من قمع للحريات و اضطهاد للشعوب تراهم اليوم عرضة لذات الفعل من إدارات محطاتهم. فما جرى مع الإعلامي المعروف حافظ الميرازي من قبل إدارة قناة العربية السعودية لم يكن خافيا ً على أحد. فالتحدي العلني من قبل الميرازي لقناة العربية في طرح قضايا حقوق الإنسان في السعودية للنقاش أثار حفيظة إدارة القناة و تسبب في استقالة الميرازي الذي مُنِع من الإعداد لهذه الحلقة أو الشروع بها. أما فيما يتعلق بقناة الجزيرة التي وجّه لها المصرييون شكرا ً لمساعدتهم في نجاح ثورتهم فإنها قد خذلت الشعب البحريني في ثورته السلمية و هذا الأمر دعا الإعلامي المعروف غسان بن جدو إلى التقدم بطلب الاستقالة . فالمهنية التي كان بن جدو يتبناها في عمله الإعلامي في قناة الجزيرة تعارضت مع مصالح القناة و توجهها القطري الحكومي.
و هذا إن دلّ على شيء فيدل على أن الإعلام العربي ما زال في دائرة التبعية لمن يموّله و ينفق عليه.
و من هذا المنطلق فإنه صار لزاما ً على المشاهد العربي أن يحلل بنفسه الكم الهائل من المعلومات و الصور و الأخبار التي يراها و يستمع إليها. و هو أمر ليس بالصعب على من استطاع أن يفجر ثورات ضد أعتى الأنظمة الاستبدادية فكيف بمن هو تبع لهذه الأنظمة.
و في محاولة للتغطية على الانفضاح الإعلامي التابع للأنظمة فإن التذرع بانقسامات طائفية مقيتة حتى في داخل العقل العربي لم تعد نافعة. فالشعوب العربية قد ملّت و سئمت من هذه الحرب الزائفة التي يخوفونهم بها. و الأمر الذي جعل كل من حافظ الميرازي و غسان بن جدو يستقيلان من العربية أو الجزيرة ليس الطائفية بل المهنية و الموضوعية. و هو الأمر الذي لم تلتزم به كل القنوات التي تدعي التزامها (الرأي و الرأي الآخر) و لا تلك التي ترفع شعار (أن تعرف أكثر). و قد يكون العكس هو الصحيح فالأسلوب الذي اتبعته هذه القنوات أظهرت لنا حقيقة الرأي الآخر المغيب و المعرفة الحقيقية التي بدأنا نراها في الجانب المظلم من سجون الطغاة و أتباعهم.
إننا في زمن يقل فيه الشرفاء حتى لو وقّعوا على مئات مواثيق الشرف الإعلامية و حتى لو ادعوا التزامهم بقوانين حقوق الإنسان. فالكلام شيء و الفعل شيء آخر و التنظير أمام الكاميرا شيء بينما التطبيق و مواجهة الحقيقة بشفافية تامة شيء آخر. لذا فإن غسان بن جدو و حافظ الميرازي هما عملتان نادرتان في زمن سكتت فيه الضمائر الحية . و نتمنى من كل من يرى الظلم أن يدفعه عن الآخرين بلسانه أو بموقفه من هذه الأحداث فالمواقف المشرفة تبقى للأبد و الشعوب لا تنسى من يساند قضاياها.
https://telegram.me/buratha