فوزي جاسم محمد
بعد حوالي سنتين من المراجعة لدائرة الهجرة والمهجرين (فرع الكرخ) وبالتحديد منذ 26/7/2009 لم استطع الحصول على أبسط طلب يمكن أن يتحصل من هذه الدائرة أو أية دائرة حكومية أخرى وهو (كتاب تأييد من هذه الدائرة إلى هيئة التقاعد الوطنية).. أمر أو واقع مرير لا يصدق, ذلك الكتاب الذي ليس له أي أثر أو فائدة ولكني كنتُ أتمنى أن أحصل على شيء ما من هذه الدائرة التي يقال عن خدماتها للمواطن المهاجر الكثير ولكنها فعلها قليل وعسير ومعقد ويكاد يكون مقصود منه زيادة عذاب وآلام المهجر والمهاجر.
تفتحت عبقريتهم وأرادوا أن يزودوني بكتاب إلى وزارة الهجرة نفسها لتخاطب بدورها وزارة الداخلية لتطلب بدورها من مديرية الجنسية!! إثبات كوني مسفر أو لا وأعود ثانية لهم ليزودوني بكتاب إلى هيئة التقاعد الوطنية, وهذا الإجراء يعني أنني سوف لا أعود لهم إلا بعد ستة أشهر كما هي العادة مع أكثر المراجعين المعذبين! لأن معاملتي عندهم من أجل هذا الكتاب طالبت سنتين فكيف إذا أصبحت حاجتي في "وزارتهم"؟؟؟ دفعوني إلى طريق "الصد ما رد"!!؟
عدتُ في الأسبوع التالي - وهي الدفعة البسيطة لكل مستمسك مطلوب أسبوع- وقلتُ للسيد "عمر" في الشعبة القانونية لا أريد الذهاب إلى الوزارة ولا أريد أن أعتبر من المسفرين لأن اسمي بالأساس غير موجود وأرجو منك أن تعتبرني مهاجر كما هو مثبت في القصاصة التي كتبها هو لي قبل أكثر من سنة, هنا جاءت العقبة الكأداء التي تهد الحيل وتخرج الإنسان من إنسانيته أحيانا مع هؤلاء.. قال لي إن هذا كان سابقا ولدينا الآن تعليمات جديدة يجب الالتزام بها.. هنا الخطأ والظلم الكبير حيث يجب أن تكون التعليمات اللاحقة على سير عملية المعاملات لا اثر رجعي لها.. فما ذنب الذين سلموا أوراقهم بموجب التعليمات المطلوبة في حينه وكانت سليمة وموقع على صحتها ودقتها وكان السيد "عمر" واحد من الموقعين عليها, ومعنى ذلك أننا سوف نبدأ من جديد وتلبية طلباتهم الباطلة حيث لا يجب أن تكون للتعليمات الجديدة أثر رجعي وتطبق على المعاملات المقدمة بعد تاريخها وليس قبل تاريخها, هذه واحدة من "الجرائم" التي ترتكب ضد المهاجرين والمهجرين في هذه الدائرة البائسة.
ولما دخلتُ في جدال ونقاش مع السيد "عمر" دفعني عنه بقصاصة لمقابلة رئيس الفرع السيد حمودي ولما عرضتُ عليه قضيتي باختصار عطف عليّ بالكتابة إلى السيد "عمر" بأن يعطيني كتاب التأييد, عدتُ إلى السيد "عمر" بالقصاصة وملاحظة رئيس الفرع إلا أنه استكثرها علي وقام معي والملف بيده وصحبني إلى رئيس الفرع وقال له "أستاذ .... كذا وكذا" مما جعل رئيس الفرع "يبدل" عن عطفه وإنسانيته" وطالبني هو الآخر بإستحصال الموافقات والمستمسكات المطلوبة وقال إنه "الروتين" هكذا!! والمطلوب كان بعد أن طلبتُ منهم اعتباري مهاجر وأتنازل عن كافة حقوق "المسفر"!؟ ولا أريد المنحة وأريد فقط كتاب التأييد!!؟ كان في الملف العائد لي قرارات حكم الإعدام لخمسة من أولادي وأوراق أخرى تثبت "ألاضطهاد" المطلوب إلا أن السيد رئيس الفرع والسيد "عمر" أصرا على إثبات أنني مضطهد!!؟ علماً بأننا مضى علينا ثلاثون سنة من الغربة وخمسة شباب شهداء في عهد الظالم الآخر "صدام" وعصابته وقالا إن ذلك لا يكفي بأنك مضطهد ما لم تثبت ذلك بمستمسكات مقبولة!! تصوروا مدى المساعدة والإنسانية التي يتمتع بها هؤلاء بحجة التعليمات والقوانين وهذا كله من أجل الحصول فقط على كتاب تأييد الذي طلبوا مني أن استنسخ كامل الملف واشتري ظرف خاص لوضع الكتاب فيه!! وهذا إجراء زائد لا يوجد نظير له في كافة أنحاء العالم "الثالث"!! تصوروا التسهيلات والمساعدة والخدمة الجليلة لهذه الدائرة البائسة!! ودفعتُ خمسة عشر ألف دينار لطبع الملف كاملاً!! وأنتظر سنتين للحصول على ذلك الكتاب الجليل. وبالمناسبة لقد حصلتُ على هذا الكتاب اليوم 25/4/2011 من مؤسسة الشهداء وأخذ مجراه في ظرف خمسة دقائق فقط تصوروا الفرق العظيم!!؟؟؟ومن المفارقات العجيبة الغريبة أن يحصل زميل لي كان في نفس البلد في الخارج صادفني في خضم تلك المعاناة وأنني أركض وراء كتاب التأييد لسنتين فما كان منه إلا أن اتصل بصديق له يعرف السيد رئيس الفرع في ذلك اليوم المصادف 10/4/2011 الأحد وبعد خمسة دقائق نادوا عليه فدخل في الدائرة وبعد خمسة دقائق رأيناه داخل غرفة القانونية وهو يضحك وبعد عشرة دقائق كان كتاب التأييد بيده ووضع في الظرف مجانا ولم يطلب منه استنساخ الملف ولا اشترى ظرفاً ولا انتظر شهور أوسنين.. فأين صارت التعليمات والقوانين والروتين! ومثل هذا الكثير كل يوم تنجز معاملات لم تأخذ غير أيام ويستلمون المنح ويستلمون كتب التأييد بكل تقدير واحترام!!؟
وأخيراً وجدتُ نفسي عاجزاً عن مواصلة هذه المهزلة التي يعاني منها العشرات كل يوم والسيد رئيس الفرع ينظر إليهم من خلال شاشة الكمبيوتر التي تنقل له أربع شاشات ويقول لي أنظر إلى الزخم ...إنه الروتين فماذا أعمل ولكنه يستطيع عمل الكثير, قلتُ لهما إنني أتنازل عن كافة حقوقي وأرجو إلغاء إضبارتي وإغلاقها ولا أريد مواصلة هذه المأساة أو أشاهد مأساة العشرات من الشيوخ والنساء والمرضى وهم يتمسكون بذلك الشباك اللعين الذي نرى من خلاله كل التجاوزات والواسطة ويتركوا مَنْ في الخارج في آلامهم يعانون. تركتُ الدائرة خائبا متشائما نادماً على ترك أحسن بلد يمكن أن يعيش فيه إنسان في العالم - بعد العراق طبعاً رغم كل المصاعب التي يخلقها أعداءه!! - لأعود إلى وطني وأهلي وأصدقائي لكنني عندما أواجه هذه المشاهد اليومية في المراجعات أكفر في كل الدعوات الكاذبة والتي تستهلك للدعاية والإعلام فقط أما في عالم الواقع فلم نجد غير الزيف والبطلان والفساد وسقوط الضمير وعفونة الوجدان وهي من مخلفات عهد المافيا الصدامية.
هناك ملاحظتان أرجو أن يؤخذ بها في هذه الدائرة لتخفيف معاناة المراجعين هي عدم اللجوء إلى التعليمات الجديدة لتنال المعاملات القديمة أو يكون لها أثر رجعي.. وأنا متأكد أن كل التعليمات الجديدة لا تطالب بالأثر الرجعي للمعاملات المنجزة سابقة والمحدثة في هذه الدائرة وهذا تصرف شخصي غير حكيم وظالم وقد يكون متعمداً إن لم يكن من الجهل!!
ثانياً : لا حاجة لكل تلك التعقيدات في طلب المستمسكات المهم الوثائق الأربعة المشهورة!! والتأكد من صحتها ثم يضاف إليها وثيقة أخرى هي جواز السفر الأجنبي وتاريخ العودة فقط ومن ثم تمشية المعاملة بكل سهولة ولا داعي لكل تلك الطلبات والتأييد والترجمات لأن عطاء هذه الدائرة لا يتجاوز المبالغ الزهيدة بالنسبة إلى دولة غنية وبالنسبة إلى إنسان عائد يرغب في خدمة الوطن في هذه الظروف وتزويده بكتب التأييد التي تعينه على تمشية أموره الأخرى. كما أن الدولة سوف لا تعلن إفلاسها إذا منحت شيء من المبالغ لمواطنيها وكسب تأييدهم لها وعطفهم وحرصهم عليها.
وأغرب ما في هذه الدائرة وطلباتها هي طلب "ثلاثة شهود"!! الغريب.. من المعروف أن جريمة القتل تتطلب شاهدين فقط في كل المحافل العدلية, فلماذا ثلاثة شهود؟؟ ومَنْ يريد أن يزيف الحقائق يستطيع أن يزيفها حتى لو طلبوا منه عشرة شهود!!؟ أليس كذلك؟.. ثم يتحمل مسؤوليتها.
وأخيراً أتبرع بكل استحقاقاتي من هذه الدائرة إلى السيد رئيس الفرع والسيد "عمر" حلال عليهم!!؟ بشرط أن يسهلوا معاملات الآخرين وفق الأصول المخففة!!
https://telegram.me/buratha