حسن البحريني
لم يستطع اي من المراقبين ان يجزم قبل الغزو السعودي للبحرين ان السلفيين لهم دور في تحريك الاوضاع في البلاد باتجاه القمع والقتل والبطش وتوجيهها منحا يخدم اجندة القوى الدينية السنية المتطرفة التي تستمد معظم افكارها ومعتقداتها من المدارس الدينية المعروفة بالوهابية والمنتشرة في السعودية ومدعومة بقوة من قبل المؤسسات الرسمية التي يديرها في الاغلب امراء سعوديون في الظاهر ليبراليون الا انهم في في الباطن وحتى الاعماق وهابيون ومتطرفون ومتعاطفون مع الافكار التكفيرية التي تصدرها تلك المداراس التابعة لهم .
والمعروف حسب عدد كبير من المراقبين والخبراء في شؤون تنظيم القاعدة واتباعه ان السلفيين هم القاعدة والقاعدة هي السلفية وهم يدورون مع افكار ذلك التنظيم الارهابي الذي يجد في اي ارض يتواجد عليها السلفيون ارضا خصبة للنمو والتكاثر حيث تلقائيا يتم التفقيس دون عناء ودون الحاجة الى دورات تدريبية لذلك !
البحرين كانت وحتى قبل مجيئ حمد بن عيسى ال خليفة الحاكم الديكتاتور خالية من التطرف السلفي الوهابي ‘ التعايش بين اطياف المجتمع كانت السمة البارزة بين ابناءه ولم يكن لمثل هذا التيار المتطرف اي وجود يذكر الا اللهم عدد قليل لم يتجاوز اصابع اليد وقد تبلور وجودهم مع مجيئ حمد وتبنيه لمشروع مايسمى "الاصلاحي" الكاذب الذي لم يكن الا غطاء لمخطط جهنمي و خطير عرف بعد ذلك بالتنظيم البندري او "المنظمة السرية" التي تشكلت بناءا على توصيات شخصيات نافذة في الاسرة الحاكمة والتي كانت تاخذ نصائحها من مجموعة عناصر متباينة الانتماء قوميا الا انها متفقة فكريا لم يكن السلفيون الا احد اهم تلك العناصر .
وجاءت عملية التجنيس الواسعة للسوريين من دير الزور والاردنيين والباكستانيين والسعوديين لتكشف عمق ذلك المخطط وتبلور اكثر لاهداف تلك المنظمة السرية وبالتالي دفعت بعناصر القاعدة للتسلل الى داخل المؤسسات الرسمية البحرينية وخاصة الاجهزة الامنية والعسكرية وهناك بعض التقارير تحدثت عن تغلغلهم الاعمق في الجيش البحريني الذي يخضع لقيادة الاسرة الحاكمة والتي بدورها احتكرت عملية الانضمام الى هذه المؤسسة العسكرية على فئة معينة شديدة الولاء لها وحرم ذلك على الاخرين ! ‘ هذه الميزة اعطت للسلفيين الذين تم تجنيسهم عشوائيا ومن بوادي الشام وجبال بلوشستان وباكستان فرصة للانضمام الى الجيش حاملين معهم تلك الافكار المتطرفة وذلك الانتماء "الفطري" للقاعدة وقد تزعم هذا التيار في البدأ محمد خالد وهو من اصول باكستانية ‘ وبالمناسبة الشيخ خالد محمد الشيخ المعتقل في غوانتناموا والذي هدد بتحويل اوربا الى جحيم نووي في حال اعتقال ابن لادن هو بدروه باكستاني‘ ثم جاء السلفي الاخر السعيدي والذي يتزعم اليوم عناصر الميلشيات "السيفوية" نسبة الى الاعداد الهائلة من السيوف التي حملوها اثناء اعتداءاتهم و هجومهم على المسيرات السلمية لشبان ثورة 14 فبراير واقتحام جامعة البحرين والمستشفيات ‘ هؤلاء السلفيون الذين تشبعوا بافكار تنظيم القاعدة برزوا اكثر بعد ثورة 14 فبراير وانكشفت ادوارهم في المؤسسات التي لهم فيها تواجد وخاصة المؤسسة الامنية والعسكرية ‘ الا ان عملية التجنيس الواسعة التي قام بها النظام من اجل تغيير ديمغرافية السكانية للبلاد قد وفرت فرصة ثمينة لعناصر سلفية اخرى للتغلغل في تلك المؤسسات وبالتالي بروز تعدد قيادي في الوسط السلفي الذي غدى اليوم وبعد دخول القوات السعودية الى البحرين واحتلالها يشكل من اكبر التحديات للمجتمع البحريني بل ولمنطقة الخليج برمتها خاصة اذا علمنا ان السلفيين في كل مكان هم امتداد لتنظيم القاعدة والممول البشري له وقد اثبتت الاحداث في عدد من البلدان العربية ان لا يوجد سلفي معتدل واخر متطرف بل كلهم متطرفون ولعل الاحداث التي فجرها السلفيون اخيرا في الاردن كشفت هذه الحقيقة وكشفت ان هناك رابط فكري متطرف يربط بينهم جيمعا يتمثل في صفة "السلفية الجهادية" لا يفرق لديهم ان كان "الجهاد" في نظرهم ضد الغرب او ضد بني جلدتهم او ضد كل من يختلف معهم في الفكر والعقيدة وقد ذكرت التقارير اخيرا ان السلفيين الذين اعتقلوا في اعمال العنف الذي قاموا بها في الاردن كانوا يحملون" اسلحة جارحة مثل السيوف والبلطات والامواس والخناجر والهراوات والقضبان الحديدية" ـ المصدر الاخبار اللبنانية تاريخ الاصدار 25 ابريل 2011 ـ والجدير بالذكر ان هؤلاء السلفيون او السلفية الجهادية هم انفسهم الذين قاموا بتنفيذ الهجوم الصاروخي على بوارج امريكية في مدينة العقبة عام 2005 والذي ادى الى سقوط عدد من الضحايا والهجوم الانتحاري المتزامن على ثلاق فنادق في عمّان في العام نفسه والذي ادى الى مقتل 60 شخصا و100 جريح .. وفي مصر قبل اسايبع قليلة قام السلفيون بحملة واسعة على المساجد والاضرحة وهدم اكثر من 100 ضريح والغريب ان كل السلفيين الذين ابرزتهم الاحداث وهم يمارسون الارهاب والعنف اما مسلحين بالسيوف والخناجر والقضبان الحديدية والبلطات واما بالاسلحة النارية والصواريخ وفي البحرين شوهدوا وبصور موثقة انهم يحملون ذات الادوات الجارحة بالاضافة الى الاسلحة النارية التي تم تسليحهم بها من قبل النظام المستبد .
وبعد الغزو السعودي للبحرين واحتلالها من قبل جيش جرار جنوده لا يحملون سوى الفكر القتالي الوهابي وعقولهم لم تكن محشوة سوى بالايدلوجية التكفيرية التي لا ترى الا في "السلفية الجهادية" و" الوهابية" منهجا وطريقا وقد كان شعارهم منذ اليوم الاول لاحتلال البحرين هو "لا وجود للنصاري والمجوس( يقصدون الشيعة!) واليهود في البحرين" ورأينا كيف ان عمليات الهجوم والاعتداء على المساجد والحسينيات اخذت طابعا هستيريا ومنظما للانتقام من السكان الذين لا يعتنقون ذلك الفكر المتطرف وهم مسالمين ومازالوا مسالمين وحتى في مسيراتهم الحاشدة لم يكن يحملون الا الاعلام البحرينية والازهار والورود الا ان المشهد قد تغير بعد الغزو السعودي حيث تكاتفت القوات المحتلة السلفية والعناصر السلفية البحرينية المجنسة وبمساعدة النظام الحاكم المستبد للانتقام من الاغلبية من الشعب البحرين وبدأت باستهداف كل شيئ له علاقة بمعتقدات السكان الاصليين وقاموا بهدم اكثر من 35 مسجد و45 حسيينية وهدم اكثر من 1020 مضيفات والاعتداد على اكثر من 400 حسينية هذا العمل الوحشي والارهابي شكل نوقوس الخطر للمجتمع البحريني الاصيل والامن وهو الاول من نوعه في البحرين واظهر هذا التوجه ان البحرين مقبلة على منعطف خطير قد يشعل المنطقة كلها خاصة مع دخول تنظيم القاعدة على الخط عبر قوات الاحتلال والسلفيين الذين هم جزء لا يتجزء من القاعدة ويدورون في فلكها الفكري والعقائدي شئنا ام ابينا .
هنا يضع المراقبون سيناريوا مستقبلي قاتم وكارثي شبيه بالذي حدث في االاردن وفي مصر وفي اليمن حيث تم استهداف المصالح الامريكية من قبل السلفية الجهادية ( القاعدة) حيث لا يستبعد المحللين ان يأتي الدور في البحرين للاسطول الامريكي والمصالح الامريكية في البحرين بعد ان تخلوا لهم الساحة ويهيمنوا على مقاليد الامور برمتها ويصفوا المعارضة البحرينية التي لم تتعرض طوال عقود للاسطول الامريكي في البحرين ولا لتواجد الامريكيين المستمر فيها بل حتى شباب ثورة 14 فبراير قد اشاروا الى هذا الامر بعد عتاب شديد للسكوت الامريكي على جرائم نظام حمد حيث قالوا انهم "يرون استمرار تواجد الاسطول الامريكي في البحرين عامل استقرار للبلاد" بعد رحيل النظام الخليفي " .ان عملية غزو البحرين وما رافقها من تدمير للمساجد وانتهاك كل الحرمات والمحرمات ومن قبلها اعتداء السلفيين بالسيوف على الابرياء في التجمعات وعلى البيوت الامنة وقد كان يتزعمهم السفاح محمد خالد والارهابي السلفي السعيدي وحتى محمود عبد اللطيف اثارت اسئلة عديدة وخطيرة في "هل يكون السلفيون القنبلة القادمة في وجه الامريكان في البحرين " و " انهم التحدي المستقبلي الخطير لاسطولهم في البلاد"؟ خاصة وان هناك صور موثقة لدي المراقبين وحتى بعض الصحف الامريكية عن مسيرات سابقة خرجت للسلفيين وهم يحملون صور ابن لادن و"تي شورتات" عليها صوره المشؤومة واعلام القاعدة وحتى التمثيل الوهمي بجنود امريكان على طريقة الزرقاويين في العراق ؟؟
وهل الثمن الباهض هنا سوف يدفعه النظام الذي قام بالتحالف معهم وتسليحهم وتمكينهم في مؤسسات الدولة الامنية والعسكرية والتعليمية وحتى الصحية والخدماتية ؟؟
https://telegram.me/buratha