المقالات

مشايـــخ الخليــــج وأزمــــة التغيـــــير

1073 15:16:00 2011-04-28

جاسم الصافي

غادرنا الاستعمار بعد أن أمسك الأرض بالمشايخ والملوك والعملاء ليتحكموا من خلالهم بمقدرات هذه الشعوب ، لهذا سمية ارض الحجاز باسم عائلة آل سعود وتملكت تسع مشايخ على ساحل الخليج لتكون محميات خاصة بهم ، وهي البحرين وقطر وأبو ظبي دبي والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة . ورغم التغيرات الديمقراطي التي انتشرت ومفاهيم المدنية ومشاركة السلطة وغيرها ، ألا أن مشايخ الخليج كانت بعيدة عنها ، لان الغرب هو من يعمل على حمايتها واستقرارها وبالتحديد بريطانية من زمن ما قبل النفط في معاهدة ( السلام البحري ) . وحين صار النفط أداة لتحريك السياسة العالمية زاد اهتمام الغرب بهذه المنطقة وعلى رأسها أميركا ، حينها أدركت بريطانية أن تواجدها بهذا الشكل العسكري في منطقة الخليج سيزيد من التوتر السياسي والتسلح العسكري سواء من قبل شعوب المنطقة أو من دول تطمع أن يكون لها نفوذ على نفط المنطقة ، لهذا أعلن رئيس بريطانية آنذاك هارلود ولسن أمام مجلس العموم ، عن نية بلادة من الانسحاب من الخليج ، ولكن بعد أن أمساك بالمنطقة من خلال مشايخ الخليج الذين كلفتهم بإدارة مصالحها وليست مصالح شعوب المنطقة . وكانت تلك الأنظمة تدرك أن سلطانها لا يدوم بقوى الغرب والموارد المالية لعائدات النفط ، بل هي في حاجة الى فكر سياسي ترتكز عليه لتظليل تلك الشعوب بشكلا جميل ومقبول ، لهذا تبنت أيدلوجية الثقافة القومية لتقوى شرعيتها وخصوصا أن الفكر القومي له طابع شكلي ، يمكن ان نقول انه فكر مطاط يلبس لاي واجهة دكتاتورية ، لتظهر بصورة وطنية وديمقراطية ، وبعد ازدهر الوعي القومي أبان العدوان الثلاثي على مصر عام 56 إضافة الى مخاوف خلقتها مشايخ الخليج من ( إيران ) وخصوصا بعد فشلهم في تحقيق ( اتفاقية دبي) حول تشكيل فدرالية تظم كل محميات الخليج العربي ، إضافة إلى أن الفكر القومي وجد نفسه متصدي من وقت مبكرا لثقافات الاختراق الرأسمالية والشيوعية ، هذا الاسباب وغيرها هي التي ساعدت وسهلة في انتشاره ، واستثمرت مشايخ الخليج منه ما يخدم مصالحها مثل المخاوف من ايران والهزائم التي منيت به الجيوش العربية 68 ـ73 فعملت على تجيش الأعلام لهذا العداء لتكون إيران البعبع الذي تساوم به تلك المشايخ العقلية العربية ، حتى وصل الى إعلان الحرب بين العراق وإيران من قبل قائد العروبة صدام وبفضل همجية تلك المشايخ وفي مقدمتها آل سعود ا قدم كل الدعم والمساعدات لتدوم الحرب ولثمان سنوات ، وكل هذا في حقيقته من اجل استقرار تلك الأنظمة الرعوية ، و بعد إعلان الوحدة العربية بين مصر وسورية عام 58 صعد نجم قائد القومية العربية المصري جمال عبد الناصر وأزداد لمعانه بعد وقوفه ضد عبد الكريم قاسم الذي أراد ضم الكويت الى العراق وطبعا لم يأتي موقفه هذا دفاعا عن سيادة الدولة الكويت ، بل كان جل اهتمامه هو أن يزداد رصيد شعبيته في منطقة الخليج ، وكذلك ليقلل من شأن وطموحات عبد الكريم قاسم أمام العالم العربي . كان طموح عبد الناصر في أن توسع وحدته العربية الى ابعد من هذا له أثرة في توقف تلك المشايخ عن دعم الفكر القومي وخصوصا بعد ما حدث في عام 56 من ( جبهة القوى التقدمية ) وهي جبهة تظم الشيوعية والعبثيين في البحرين كانت تطالب في السماح بتشكيل نقابات وعقد الاجتماعات السياسية وإلغاء قرارات حالة الطوارئ التي فرضت بعد إضراب عمالية وطلابية بين عامي 54 ـ 56 وقد رفضت المشايخ كل هذه المطالب مما اضطر الى تشكل قوى شعبية خليجية معارضة اتجهت الى أحضان جمال عبد الناصر وبعد الثورة في إيران بداء تلك المشايخ بالتشدد الإسلامي السني واستيعاب الإسلام الأصولي لتتمكن من مواجهة القادم من الشرق ، وكذلك لتواكب القوى الإسلامية الصاعدة في كل من العراق ومصر والجزائر في تلك الفترة حيث استوعب المثقف العربي كثير من الأسباب والمبررات لرفض المد القومي والشيوعي وتبني الفكر الإسلامي ، وخصوصا بعد الهزائم تلو الهزائم في الجيوش العربية وتسلط دكتاتوريات ( الرجل الأوحد والحزب الأوحد ) على اغلب تلك البلدان العربية وتحت شعار وحدة العروبة وحرية الفردي واشتراكية النظام وكذلك وفاة عراب القومية الأول جمال عبد الناصر الذي لم يجد لفكره راعي من بعده . وقد قبلت القوى الكبرى بهذا التحول ، بل شجعت المشايخ عليه والترويج لفكرها الأصولي ، ولاسباب عديدة ظاهرها انه سيغذي العداء الأزلي مع إيران وسيساند الرأسمالي الأميركي في مواجهتها مع الاشتراكية السوفيتية التي هي الأخر كان لها مطامع في منطقة الخليج ، وبهذا ارتفع نجم ( المذهب الوهابي ) الذي لعب وما يزال يلعب دورا مهم في مساندة تلك المشايخ ، ولأن الفكر القومي له قاعدة سياسية تعمل على فصل الدين عن السياسة جوبه بالنقد من أنظمة الخليج وتحت شعار الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية ، وهذا ما جمل وخفف من حدة تحول تلك الأنظمة الرعوية من فكر قومجي إلى فكر إسلاموي . كان الانقلاب الفاشل في البحرين في كانون الأول من عام 1981 الذي اتهامة فيه إيران ، رغم أن من قاموا بهذه العملية هم عرب بحرانين وسعوديين ، زاد هيجان تلك المشايخ وبالذات آل سعود فزاد الدعم للحرب الأهلية في لبنان وللحرب العراقية على إيران ، التي حملت هذين البلدين ديون يصعب عليها تسديدها .وبعد انتهاء الحرب مع إيران ، امتنعت مشايخ الخليج من تسديد فاتورة شرطي العروبة صدام المقبور مما اضطره الى تصعيد من رصيد مطالبة ، لتصل الى رسم خريطة الطريق لتحرير فلسطين عبر احتلال دولة الكويت أن مصيبة العراق انه يقع بين تلك الأنظمة الاميبية الرعوية وبين الدول القومجية لهذا كان طعم المزاج البدوي المتقلب وهي من أسهم في تجويع وإذلال الشعب العراقي لانهم يتقبلون ( ناره صدام كونها ارحم من جمر ألشيعه ) كما يقول آل سعود اذ استمر هذا التجويع لأكثر من عشرة أعوام الى أن سقط النظام البعثي وبحجة أحداث 11 أيلول رغم أن الجميع بداء يفهم هذا اللغز ، وأخير حاولت هذه الأنظمة الرعوية أن توقف إستراتيجية أمريكا الجديدة في المنطقة ، لهذا توجه آل سعود إلى القاعدة لتكفر شعب بأكمله وساندتها القومجية من دول الجوار فنجاح الديمقراطية في العراق سيحاصر تلك الأنظمة بصيحات شعوبها ، فبقى شعب العراق لأكثر من ثمان سنوات في محرقة تلك المشايخ ( بفكرها الطائفي ) لم تقتصر مؤامرات تلك الأنظمة الرعوية على شعوب دول الجوار العراق ولبنان بل شمل هذا التآمر حتى شعوبها . ففي أواخر القرن الماضي أهملت تلك المشايخ الرغبات المتزايدة للطبقة المثقفة للمشاركة في صناعة القرار السياسي . لهذا سعت الى إغراء المثقفين منهم ، بإعطائهم حصة من النفط وتحقق بعض من مطالبهم مثل المنح الدراسية ، وهو لا يعني طبعا تعديلات ضغوط الجماهير بل جاءت استجابة لتسارع العملية الديمقراطية في كل العالم ومحاولة الاحتفاظ بقدر من شكل الديمقراطية البرلمانية لتلك الأنظمة ، ألا أن الأمر كان صعب في ضوء المستجدات الإقليمية وهو ما جعل مخاوف شيوخ الخليج تزداد ، كونها سيؤدي بها الى تنازلات تختطف امتيازا تهم وسلطاتهم ، وهذا ما أدى الى توقف التعديلات في البحرينية وكذلك أوقاف البرلمان في دولة الكويت لمرتين وتحت حجج وذرائع الطوارئ .أما عن الموقف الدولية اليوم تجاه ما يجري في أنظمة المشايخ هو أمرا واضح ولا يخفى على احد ولكن أعلام الغرب يرتفع ويهبط حسب سخونة الإحداث أما موقفها الرسمي فهو منحاز للمشايخ على حساب شعوب المنطقة ، بدليل ما يحصل لشعب البحرين من قمع بل واحتلال من قبل درع الجزيرة وهذا ما يوضح ازدواجية المعايير في قرارات تلك الإمبريالية العالمية ، فهي تحمي عملائها بنظم الأمم المتحدة أن أي تغير في تلك الأنظمة سيكون له تبعات اقتصادية و سياسيا على الرأسمالية العالمية ، لهذا يمكننا القول أن أي تغير في دول الخليج هو بما تسمح به أردة الدول الغربية التي تمرست في ألتبرئه من سياستها المنفذة بدمى المشايخ وعملائها ، فحين أعلن الغرب حربه على نظام ألقذافي كان باتفاق مع المشايخ ولكن في مقابل غظ الطرف عن تدخل درع الجزيرة في أحداث البحرين واعتبار أن تلك الأعداد الكبيرة من المتظاهرين هم عملاء من الخارج بينما يكون ما يجري للشعب الليبي هو قمع فهو شعب يستحق الوقوف الى جنبه وهذا ما ستشهده الأيام المقبلة من تكالب على النظام السوري لأنه يخدم الغرب وطفلها المصون إسرائيل.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك