المقالات

أمريكا وهل هي رائدة الديمقراطية؟ / الجزء الأول

1229 19:50:00 2011-04-29

عبود مزهر الكرخي

من المعلوم أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر نفسها هي رائدة الديمقراطية في العالم وأن النظام الرأسمالي الذي تسير عليه يعتبر ومن ناحية مفكريها هو النظام الذي يتبنى النظام الديمقراطي والنظر إلى الجانب الإنساني لكل الشعوب في العالم وهناك الكثير من الكتاب من المعجبين بالنظام الرأسمالي وفكر الولايات المتحدة والمبهورين بسياسة الحكم الأمريكية والتي يروج لأفكارها والعمل على التحريض للسير على تجرية الحكم الأمريكية وبغض النظر عن مدى الاختلاف في الواقع والظروف لبلداننا وأمريكا وعدم ملائمة ماتسير عليه أمريكا وشعبها مع ما موجود مع واقعنا في عالمنا العربي والإسلامي.والحقيقة كتبت مقالتي هذه على ضوء الأحداث المتسارعة التي تجري في وطننا العربي وثورات التغيير التي تطال كل دولنا العربية وهناك لاعب مهم هو الولايات المتحدة الأمريكية والتي لها بصمتها الواضحة في كل ما يجري وقد كتبت مقالتي عند استماعي لبرنامج حدث في مثل هذا اليوم في إحدى القنوات الفضائية وكان يصادف في (16)آذار والتي حفزت فيَّ كتابة المقالة والحادثة التي استمعت لها هي مذبحة ماي لاي التي حدثت في فيتنام من قبل جنود أمريكين والحادثة كما يلي :مجزرة مي لاي، هي مجزرة وقعت خلال حرب الفيتنام على أيادي جنود أمريكيين. وأثارت الصور التي التقطت أثناء المجزرة إلى موجة استنكار عالمية.

في صبيحة يوم 16 مارس 1968 قام الملازم ويليام كايلي وجنوده بتطويق قرية ماي لاي ثم قام بجمع القرويين العزل وأمر بإضرام النار في بيوتهم وقتل كافة السكان. لاقى ما بين 300 و 500 مدني مصرعهم في هذه المجزرة التي تواصلت حتى اكتشفها إثنان من الجي أي'ز كانا يحلقان قدرا فوق المنطقة فتدخلا لإيقاف العملية.

بعد مرور عام على تلك الأحداث وفي شهر مارس من سنة 1969 قام الجندي رينولد ريدنهاور ببعث رسائل إلى عدة شخصيات ومؤسسات رسمية مبلغا بذلك عن ملازمه وكاشفا فظاعة مجزرة كانت ستموت مع ضحاياها. وفي يوم 20 نوفمبر قامت وسائل الإعلام بكشف القضية وبنشر صور الضحايا. قامت محكمة عسكرية بالحكم على ويليام كايلي بسجن مدى الحياة غير أنه تم إطلاق سراحه بعد 5 سنوات عندما منحه الرئيس نيكسون عفوا خاصا سنة 1974.

ومن هنا أكتب مقالتي على ضوء التغيرات التي تحدث في عالمنا العربي والذي على ضوء ذلك سوف نقوم بتحليل هذه المعطيات لنحكم على ماهية أمريكا التي الكثير من الكتاب والمفكرين ومع الأسف منبهرون بهذا النظام وما وصل إليه من تقدم ورقي والذي هو ناتج لكثير من الحروب التدميرية والتي بدأت اولاً بإبادة الهنود الحمر السكان الأصليون لأميركا وصلت إلى قتل اكثر من ثمانية ملايين هندي وليتبقى فقط ربع مليون من هؤلاء السكان ولتصعد أمريكا على دماء هذا الشعب المسالم الذي أضطر للدفاع عن نفسه عندما أراد المهاجرين ابادته.

وجاءت فيتنام وماهذه الحادثة التي ذكرتها إلا مثال بسيط على ما قامت به رائدة الديمقراطية في هذا البلد والتي وصلت إلى رش المبيدات التي تقتل الأشجار والنباتات للخلاص من هذه الغابات والمناطق المزروعة لغرض ملاحقة الثوار.واتذكر عندما كنت طفلاً صغيراً كان تخرج المظاهرات في فترة الستينيات والسبعينات وكانت تنادي بأن ((أمريكا عدوة الشعوب))نتجية ما عملته من فظائع في كوريا وفيتنام وقبلها في الحرب العالمية الثانية حيث تم القاء القنبلة الذرية على اليابان وعلى هيروشيما وناغازاكي ولتفتح حمى التسلح النووي والذي هي الدولة الوحيدة التي مارست هذا الجرم المشهود وفي العالم أجمع ولتقتل في لحظة واحدة اكثر من ربع مليون إنسان وليتذكرها العالم وعلى مر التاريخ وكذلك معاناة المنطقتين من تأثيرات الأشعاع النووي وعلى مدى عقود عديدة ولحد الآن.

فهل نعتبر ومن هذه المقدمة أنها نصيرة الإنسانية ورائدة الديمقراطية من خلال هذه المقدمة البسيطة؟ فبالتأكيد كلا .ولكن ربما البعض من المبهورين والمناصرين لأمريكا سوف يقول أن سياسة أمريكا قد تبدلت نتيجة مجيء سياسيين وقادة قد تبنوا الفكر الحر والإنساني في بلدهم مما أثر على مسار السياسة الأمريكية وتحولها في مصاف الدول التي تناصر الديمقراطية وتتبنى الاتجاه الإنساني ولنماشي هذا الرأي ولنقدم بالدليل والحجة بطلان هذا الرأي لأن سياسة أمريكا قد تم خطّها منذ فترة بعيدة وهي تسير بموجب ساسة ومخططين هم خلف الكواليس وليس هو الرئيس الأمريكي أو مجلس الشيوخ والنواب بل وفق أرادت تخطط من داخل أمريكا تجعل الرئيس الأمريكي ليس اكثر من أداة منفذة لهذه الأجندة وفي حالة خرقها يتم التخلص منه وفي اسرع وقت كما حدث مع الرئيس الأمريكي جون كنيدي الذي قتل وفي ظروف غامضة ومريبة وكثير من الأصابع توجه إلى دور (CIA) في قتله.

المهم سنستعرض ما يجري الآن وليس إلى غزو العراق وماجلب دخولها من مآسي لبلدنا وشعبنا ولا نستعرض الفظائع التي ارتكبت في عراقنا لئلا نتهم بأننا من الذين يحنون إلى النظام البائد وما إلى أخر من هذه الاتهامات والتي باعترافهم حين صرح وكيل وزارة الدفاع في زمن المتهور بوش ((بأن أمريكا عندما دخلت العراق لم يكن لها مخطط سابق في كيفية إدارة البلد بعد الاحتلال ))مما أدى إلى وقوع البلد في فوضى كارثية بدءً من النهب والسلب والتي تسمى عندنا في مصطلح كريه ومشمئز هو (الحواسم) والتي استمرت هذه الفوضى في كافة مناحي حياتنا ولحد الآن.

والآن لندخل في موضوعنا حيث من المعلوم أن عالمنا العربي قد دخل في مرحلة التغيير وسقوط عروش وكراسي الحكام الديكتاتورتين والتي استهلت بتونس ثم مصر لتنتقل إلى ليبيا واليمن والبحرين ودول أخرى ولنفصل كل حالة وعلى ضوء الموقف ألأمريكي وكالتالي وفي نقاط :

1 ـ في أحداث وتونس لاحظنا مدى تخبط وسوء اإدارة الأمريكية ففي البدء ناصرت أنظمة تونس ومصر وذكرت بأنها حكومات مستقرة وساندتهم ووقفت في وجه الجماهير المنتفضة ولم تقدم لهم حتى الدعم المعنوي .

وبعد توسع المد الجماهيري وإصرار الجماهير على التغيير وسقوط هؤلاء الطواغيت قامت أمريكا بتغيير مواقفها لتدعو إلى الحوار وليس التنحي لمبارك وبن علي وعلى لسان رئيسها الغبي أوباما والمتصابية وزيرة الخارجية كلينتون وبقي الموقف متذبذباً وهذا نتيجة ضغط إسرائيل واللوبي الصهيوني على الأمريكان في عدم التخلي عن هؤلاء لأنهم يمثلون أحدى الركائز الأساسية لأمن إسرائيل وكذلك أحدى أدوات الشرطة المهمة في حماية المصالح الأمريكية في الوطن العربي والعالم الإسلامي.ونتيجة لثورة الشباب وإرادة التغيير لدى شبان الانتفاضة وتسارع الأحداث رضخت أمريكا ومن ورائها إسرائيل لإرادة الجماهير والتي حاولت وبكل الطرق والوسائل الالتفاف على الثورتين ولكن لم تفلح لوجود من القادة والمثقفين الذين كانوا وما زالوا يقودون الثورة وبالطريق الصحيح والساهرين عليها ضماناً لعدم انحرافها وتوجهها بغير الطريق المارد لها.

وما تنحي وزير الداخلية التونسي في الآونة الأخير إلا دليل على ذلك وكذلك المسيرة الحاشدة في مصر وفي ميدان التحرير والتي رفعت شعار ((أنقاذ الثورة)) وطرد كل المفسدين ومحاسبتهم خير دليل على ذلك والتي لم يشارك فيها إخوان المسلمين إلا دلالة على جماهيرية هذه الثورة والتي ضمت كافة شرائح المجتمع المصري والتي هذه الثورة والتي وجه إليها اتهام بانها ثورة يقودها أخوان المسلمين أو لها بصمات إسلامية وبتصريح من الرئيس الأمريكي أوباما لـتأتي هذه المظاهرة لتبطل كل ما يدعون به حول هذه الصفات ولتثبت أنها ثورة خرجت من رحم المجتمع المصري وإنها نادت بالتغيير لكل الشعب المصري وبقيادة شباب ليس لهم إي انتماءات حزبية أو إسلامية متطرفة ولتكن الثورتان في مصر وتونس ثرتان خالصتان لحمل مطالب التغيير ولتحمل وبشرف كل أمال وطموحات شعوبهم.  والتي سنناقش إنشاء الله في مقالة قادمة باقي الثورات في عالمنا العربي ونسترسل في دور أمريكا في ثورات التغيير لكي تكتمل الصورة عن ماهية الولايات المتحدة ودورها الديمقراطي في ثورات التغيير أن كان لنا في العمر بقية. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك