حافظ آل بشارة
يتشاجر الساسة العراقيون يوميا حول انسحاب القوات الامريكية حسب الاتفاقية الشهيرة ، ويتهم بعضهم بعضا بالاتفاق سرا لتمديد بقاءها ، بعض الاشخاص والاحزاب لا يشترون العراق بزبانة لكنهم يتباكون على استقلاله نكاية بمنافسيهم ، الانسحاب من العراق جزء من رؤية استراتيجية لواشنطن عبر عنها بحث لمركز الدراسات الاستراتيجية الامريكية يقول ان واشنطن تبني عناصر قوتها الذكية الحديثة فتهتم بطلبات الدول وازماتها وتستخدم صيغ الدعم العاطفي والمادي والمعنوي للشعوب وتحتل قلوب البشر من خلال الاحسان اليهم ، يقول ذلك البحث المهم ان القوة الذكية الامريكية تنفذ اجندتها من خلال عدة خطوات اهمها : ايجاد تحالفات دولية ومشاريع عمل مشتركة لمواجهة الخطر المتوقع من اي جهة يأتي . وتطوير مفهوم التنمية والمساعدات الانسانية لتتحول الى اداة كسب عاطفي وثقافي في العالم وخلق علاقة بين مصالح الولايات المتحدة وتطلعات الافراد العاديين في اي بلد . و توسيع رقعة التجارة الحرة ومساعدة الدول العاجزة في هذا الاطار على اللحاق بركبها وخلق دائرة تضم حلفاء جددا . ثم قيادة مبادرة عالمية لتجديد مصادر الطاقة المستدامة والخروج من عبودية النفط على ان تكون مفاتيح الطاقة الجديدة بيد امريكا . ووفقا لهذه الرؤية يمكن وضع القضية العراقية في موضعها الصحيح على خارطة الاهتمام الامريكي خاصة وان حضورهم في المنطقة مهم لانها مخزن طاقة العالم النفطية الى اجل مسمى ، وهي المنطقة التي تشهد تجريب نموذج الشرق الاوسط الكبير بقيادة اسرائيل ، وتشهد نمو النموذج الايراني الذي يمتلك اطارا اديولوجيا ترافقه مبادرة تطور اقتصادي ، وتواجه المنطقة موجة التظاهرات والثورات غير المستندة الى بديل واضح ، يجب ابعاد التأثير الايراني عن التجربة العراقية ، تعتقد واشنطن ان ايران خصم مهم ربما يستطيع ان يجبرها على الاعتراف به ليتحول من عدو يدافع عن نفسه الى منافس يتفاوض من أجل شراكة عادلة ، وفي عمقه الجغرافي تقع الصين والهند وروسيا ، القوة الذكية الامريكية الجديدة ترى ان افضل سبيل لاستيعاب العدو هو تحويله الى شريك اقتصادي ، لذا يثني الخبراء الامريكيون على مبادرات بلدهم لانقاذ روسيا من الانهيار الاقتصادي في التسعينات بدعم الشركات الامريكية ، وهي تتطلع الآن الى دعم مشاريع الطاقة في الصين والدخول معها كشريك ، وفي الهند تحققت معدلات نمو عالية بتفعيل النموذج الامريكي في التنمية ، اذا عجزت الولايات المتحدة عن لي ذراع ايران فقد تدخل معها كشريك يحتضن مشاريعها الكبيرة بدل رفضها ، اعلاميا نجحت الولايات المتحدة ضمن حربها الباردة في تشويه صورة ايران وتحويلها الى بعبع بربط اسمها بالارهاب والطائفية بجهود ابواق متعددة المشارب واللغات مع عدم ذكر اسرائيل بسوء ! مستقبل الوجود الامريكي في العراق له علاقة بتحولات القوة الذكية في العالم فمن المرجح ان لايكون انسحابا شاملا يترك التجربة بلا حماية ولا اقامة كاملة تكرس الاحتلال ، انه امر بين امرين .
https://telegram.me/buratha