داود نادر نوشي
المتعارف عليه في جميع الأنظمة السياسية وبالذات الديمقراطية منها ، أن التنافس بين الكتل يكون بواسطة صناديق الاقتراع ومن خلالها يتم تشكيل الحكومة ، سواء بالتحالفات بين الكتل الفائزة أو من له أصوات كافية لنيل الثقة في البرلمان ، ومن يخسر السباق يكون في صف المعارضة ، وعندها سيكون للنظام السياسي ركيزتين أساسيتين هي السلطة والمعارضة والكل هنا يعرف حدوده وصلاحياته في الدولة والمجتمع .والمفهوم السائد للمعارضة بمعناها الايجابي والحقيقي وفي سياق التعددية الحزبية هي المكمل الأساسي للحكومة ، أي بمعنى أنها تكون العين التي لا تنام في المراقبة والإشراف وبقصد التفعيل والتطوير، وهي التي تملك المنبر الأكثر تأثيرا في الدولة وصاحب السلطة الأقوى وهو البرلمان الذي تنبثق منه الحكومة وكل الفعاليات التنفيذية في هرم السلطة ، والكل يتفانى في سبيل تحقيق الأفضل للوطن والمواطن لكي ينال ثقته في السباقات الانتخابية القادمة وهذا هو الطريق الواضح والصريح في تكوين معظم الكتل والأحزاب السياسية ، وهو المفهوم الذي كنا ننتظره كعراقيين بعد عقود من الحكم الشمولي والتعسفي وبعد أن منّ الله علينا برياح التغيير وانفتاح العراق على التجربة الديمقراطية والتعددية السياسية وأصبح المواطن فيها هو صاحب القرار والقول الفصل ، بدأت تتلاشى القيم والأسس الرصينة لتك التجربة بعد أن تغلغلت إليها المفاهيم التي لا تمت لمعنى الديمقراطية لا من قريب ولا من بعيد وهي المحاصصة الحزبية والطائفية ومبدأ التوافق الذي دخل من بابه الواسع الكثير من المفسدين والبعثيين وعناصر القتل وعصابات الإرهاب.وعلى الرغم من قبول الشارع العراقي لهذه المفاهيم على مضض وتحت عناوين المرحلة الراهنة والظروف التي يمر بها العراق ومن اجل توافق وطني ألا أن الكثير من الكتل السياسية تمارس وللأسف الشديد الكيل بمكيالين ، فهي من باب جزء من السلطة ومن باب أخر فهي معارضة للحكومة وتعمل ما تستطيع من اجل عرقلة المشاريع التي لها تماس مباشر بحياة المواطن ، بل أن وسائل الإعلام للكثير منها يمارس التضليل والتحريف للحقائق وكأن الحكومة هي رئيس الوزراء فقط وبالتالي فأن التلكؤ والفشل هو من يتحمله ، وأما السادة الوزراء التابعين لهذه الكتلة أو تلك الذين يمارسون المعارضة بقدم وقدمهم الأخرى في الحكومة فهم لا يتحملون أي وزر ، والنجاح فقط يوزع على الجميع ، وإذا كانت الحكومة غير قادرة على تقديم الأفضل للناس في هذه المرحلة فلا اعرف السبب الذي جعل الكتل السياسية تخوض صراع مرير من اجل الحصول على على حقيبة وزارية هنا وأخرى هناك ، وتقاتلت فيما بينها للظفر والدخول في حكومة الشراكة الوطنية ، أو أليس الشراكة تعني أن الكل مساهم بالقرار وحسب الآليات الدستورية وان يعمل الجميع للنهوض بالواقع اليومي للمواطن العراقي ، أم أن المشاركة في قاموس هؤلاء لها معنى أخر وتعرف جديد . ولذا فأن المواطن بات لا يثق بمسميات المعارضة لأنها لم تقدم النموذج الحضاري في التعامل مع الأحداث ولا يمكن لنا أن نتشارك معها في الرؤى وتقاسم المهام في التنمية والإصلاح ، وهي تتصرف وكأنها ليس جزء من الدولة والمجتمع وتفتقد المصداقية في تعاملها مع الأوضاع الراهنة لأنها مشغولة بهاجس السلطة من جهة ودور المعارضة من جهة أخرى وذهبت بعيدا عن المضمون الأساسي للمشاركة ، والأدهى من ذلك كله أن البعض وهم معروفين للعراقيين ساهموا وبشكل واضح وجلي في دعم الإرهاب والعنف ومن المدافعين والمروجين للعودة إلى المربع الأول وحكم الحزب الواحد . ونحن نسعى كعراقيين أن تكون هناك مجموعة من القوى والكيانات السياسية التي يكون لها تأثير في المجتمع العراقي وتتبادل الأدوار والتوجهات بما يتناسب مع المرحلة الجديدة للعراق ويفتح الأفق الواسع للعملية السياسية وان نكون أكثر جرأة في كشف الذين يتسترون بغطاء السياسية من اجل تنفيذ أجندات العداء والتمزيق للوحدة الوطنية العراقية واللعب على جراحات العراقيين والتغني بالماضي التعيس الذي لم يجلب لنا سوى الدمار والقمع والتنكيل
داود نادر نوشي
https://telegram.me/buratha