بقلم : عبد الواحد ناصر البحراني
الخبر يقول (كويتيون وبحرينيون وسعوديون يتدربون في معسكرات كولومبية تابعة لـ"حزب الله" و"حماس" بإشراف "الحرس الثوري" الإيراني). هذا السبق الصحفي الخطير أوردته صحيفة السياسية الكويتية و ليس معاريف أو هآريتس الإسرائيلتين. لكن دعونا كما يقول المثل (نلحق الكذّاب إلى أن يصل إلى الباب) و لنحلل هذا الخبر بالمنطق و التفكير العقلاني و ليحكم من يقرأ هذا التحليل على مصداقية صحيفة السياسة.
لقد كان اختيار السياسة هذه الجنسيات الخليجية بالتحديد لإعطاء الانطباع بأن الشيعة في هذه الدول متهمون بالعمالة لإيران و حزب الله و حماس. ثم قامت بربط هذا العمل بعصابات المخدرات في كولومبيا لتوحي إلى من يقرأ هذا الخبر بأن هناك تعاملا ً مع عصابات و تعاطيا ً للمخدرات. و هو أمر أشبه بتلك الاتهامات التي أطلقها القذافي على معارضيه بأنهم يتناولون حبوب الهلوسة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه و بقوة هو لماذا تقوم إيران بنقل مواطنين خليجيين إلى آلاف الكيلومترات بعيدا ً عن حدودها لتدريبهم على طرق تصنيع المتفجرات والتفخيخ والاغتيالات وخطف الرهائن في حين أنها قادرة على القيام بهذا العمل على أراضيها. إلا أن يكون هناك حافز تشجيعي كالسياحة في كولومبيا مع العلم بأن طبيعة إيران أجمل من كولومبيا (على حد علمي).
ثم إن السياسة تستمر في روايتها الركيكة الحبكة لتقول بأن إيران في حال تعرضها لهجوم لن تستخدم ايرانيين او أفرادا ً من الطائفة الشيعية لمهاجمة السفارات الغربية بل سوف تستخدم أفرادا ً من أمريكا اللاتينية. و هنا سؤال آخر عن السبب في استقطاب خليجيين لتدريبهم على السلاح إذا كان من سيقوم بهذه الأعمال من أمريكا اللاتينية.
و لا نعرف لماذا يختار هؤلاء الخليجييون طريقا ً في رحلتهم يمر عبر دمشق ؟ هل لأن دمشق كانت و ما تزال داعمة للمقاومة و محتضنة للمطالبين بتحرير القدس؟
و أخيرا ً تتحفنا السياسة بخبر افتتاح حزب الله لفرعه اللاتيني الجديد و ذلك على غرار الماركات العالمية التي تفتح فروعا ً لها في دول أخرى من العالم. و كأن لبنان خلت من أهلها أو كأن إيران التي فيها ملايين البشر عجزت عن إيجاد من ينضم إلى صفوف حرسها الثوري. و ماذا عن حماس ؟ هل تريدنا السياسة أن نصدق بأن الفلسطينيين الذي علّموا معظم حركات التحرر في العالم على القتال يحتاجون إلى مدربين من كولومبيا مثلا ً ؟
في الحقيقة ترددت كثيرا ً في التعليق على هذا الخبر إلا أن ثقتي بوجود أجندة خفية تريد الالتفاف على ثورة الشعوب العربية جعلني ملزما ً بأن أفند مزاعم هذه الرواية الهوليودية الضعيفة. فالمراد من كل ما يجري هو تجويل المسار الشعبي العربي من شعار (الشعب يريد إسقاط النظام) إلى مقولة (أن الشعب يريد إنقاذ النظام). و هذا لن يتم إلا بوجود عدو جديد غير الإسرائيلي الذي تعوّد عليه العرب و تخدّرت على ذكره الشعوب. هذا العدو الجديد قد يكون مسيحيا ً قبطيا ً في مصر و قد يكون شيعيا ً في البحرين. و علينا كشعوب أن نترك جميع مطالبنا المشروعة في الإصلاحات لنتلهى ببعضنا فهذا يتهم الآخر بالعمالة و التآمر على الوطن و الآخر يتهم الأول بالطائفية و يبقى من يؤجج نار الفتنة قويا ً ليفرض النظام.
إن هذه الفبركات الإعلامية الغبية هي عدو الشعوب العربية. فهي من جهة تحقّر العقل العربي و من جهة أخرى تحاول خلق حالة من الفوضى تحت اسم حفظ النظام و حب الأوطان. لذا فنحن ننصح القائمين على صحيفة السياسة الكويتية أن يحترموا عقولنا و أن يكونوا في مستوى الأحداث لا أن يكونوا مجرد أداة تستخدم لإثارة الفتنة هنا و هناك.
https://telegram.me/buratha