احمد عبد الرحمن
اثبتت تجربة الاعوام الثمانية المنصرمة ان اية صيغة لادارة شؤون البلاد سياسيا واقتصاديا وامنيا واجتماعيا لايمكن ان يكتب لها النجاح الا صيغة الشراكة الوطنية الحقيقية، لاسباب عديدة ، لعل من بينها طبيعة التركيبة الاجتماعية والقومية والدينية والمذهبية والسياسية للمجتمع العراقي، التي لاتحتمل اقصاء أي مكون من المكونات وتهميشه وابعاده عن دائرة الفعل والحراك العام في البلاد.ومن بين تلك الاسباب ايضا ان تركة المشاكل والازمات التي خلفها نظام البعث الصدامي المقبور كانت كبيرة للغاية، ومعالجتها والتغلب عليها يتطلب جهودا جماعية لانبالغ اذا قلنا انها جبارة، الى جانب النوايا الصادقة والارادات الصلبة، وادراك وفهم وتفهم حقائق الواقع، ومصالح المجموع.ومن بين تلك الاسباب ايضا ان طبيعة المحيط الاقليمي الذي يمثل العراق احد مكوناته يفرض بطريقة او أخرى ترجمة مفهوم الشراكة الوطنية الى واقع عملي على الارض، من اجل ان يكون للعراق علاقات خارجية متوازنة مع مختلف مكونات المحيط الاقليمي وكذلك المجتمع الدولي، ولنا في تجارب امم ومجتمعات متعددة في اوربا وغير اوربا خير مثال ونموذج لنجاح تطبيق مبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية.وربما لايختلف اثنان على ان صيغة الشراكة الوطنية لم تتبلور وتنضج وتتكامل حتى الان بما فيه الكفاية، ومازلنا بحاجة الى المزيد من الوقت والجهد والعمل الجاد والمخلص، للوصول الى الدرجة المطلوبة.وماطرحه رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم بهذا الشأن في الملتقى الثقافي الاسبوعي الاخير لامس الواقع الى حد كبير ، حينما شدد على ان الشراكة السياسية هي كالشراكة الاقتصادية تتطلب ايجاد التوازن المنطقي والصحيح ، اذ انها شراكة في القرار وشراكة في الفرص والادوار لتقديم الخدمة للمواطنين.بعبارة اخرى ان الشراكة الوطنية الحقيقية ترتب حقوق لكل الاطراف وكذلك ترتب عليهم واجبات، وتحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات هو الذي يفتح الافاق للنجاح والاستقرار والتعايش وبناء الثقة وبالتالي حل ومعالجة المشاكل والازمات القائمة بأقل الكلف والخسائر والتبعات والاستحقاقات.المدخل الصحيح والصائب اليوم للنهوض بالبلاد هو الشراكة الحقيقية بين جميع المكونات، كل وفق حجمه، وقوة حضوره، وعمقه وامتداده الشعبي والجماهيري.
https://telegram.me/buratha