السيد حسين محمد هادي الصدر
الخارطة السياسية الجديدة
معاناة العراقيين من الحكم الدكتاتوري الظالم البائد ، لا ينكرها الاّ جاهل أو مكابر .وأية معاناة أكبر ، من أن يُختزل الوطن بشخص الطاغية المقبور ، وأن يكون العراق، أرضاً وشعباً وثروات ، شيئاً من أشيائه ؟وليس في الساحة ألا القائد الواحد ، والحزب الواحد ، ولا خيار لأحد ،في أن يبدي رأياً ،أو موقفاً ،يتعارض مع ما تطرحه السلطة بايعاز من القائد الضرورة..!!!والغريب ان حال كبار القياديين هو حال أبسط المواطنين ، فهم مراقبون مراقبة دقيقة ، ولا يسوغ لهم بحال أن يحيدوا قيد أنملة عما يرسمه كبيرهم ..!!ومن هنا ان أسطورة الحزب ، لم تكن الاّ لتبرير، تربع الطاغية الغاشم على كرسي الرئاسة ، حيث لا معنى لتربعه على الكرسي، دون الاستناد الى ذلك الشعار الزائف ...ولقد صفّى الدكتاتورية بنفسه ،أهم أعضاء القيادتين القطرية والقومية ، في مؤشر واضح الدلالة ،على أنّ الحزب لم يكن ألا كذبة كبرى ، ومهزلة من المهازل .وحين تُخنق الحريات العامة ، وتُصادر الحقوق السياسية والمدنية للمواطنين ، وتُسلّط الأجهزة القمعية على الأرواح والأعراض والممتلكات ، وتُدار الدولة من قبل عصابات ، لا تحسن الاّ فن الطاعة العمياء للجلاد الأكبر ، تغدو الحياة صعبة مرّة ، لا تجد فيها من يهنأ بأيامه ، أو يستطيع أن يستثمر وجوده في مشروع حيوي مفيد ، ما لم يصب في خندق السلطة ...وهكذا امتصت مغامرات أمبراطور الارهاب ،وحروبه الطائشة ،خيرة شباب العراق ، وامتصت حملات الملاحقة والتعذيب للاحرار والحرائر ، الصفوة الطيّبة من رجال العراق ونسائه .وحين اقتلعت دعامات الدكتاتورية الغاشمة ، وانطوت تلك الملامح البشعة من الوجود ، غمر الامل والتفاؤل قلوب العراقيين ، وباتت أنظارهم مشدودة الى العراق الجديد الواعد ، بأن يكون واحة الحرية والديمقراطية ، والسعادة ، والحياة الحرّة الكريمة والأمن والسلامة والدعة وأستثمار ثروات العراق لصالح أبنائه ، دون تفريط أو أفراط ولكن ذلك لم يتحقق للأسف حتى اليوم ....وأذا كان من الصحيح القول ،بان هناك مجالاً واسعاً لأبداء الأراء ، وتشكيل الاحزاب ، واصدار الصحف من دون رقابة ، وان يرفل المواطنون بأرتداء ثياب الحرية .فان من الصحيح أيضا القول بأن أضطراب الأوضاع الأمنية ، واستحواذ الأحزاب السياسية على السلطة ، وسوء الخدمات ، وتفشي البطالة ، ولعلعة صوت المحاصصات الحزبية والمذهبية والقومية والمناطقية ،لم يدع عامة المواطنين العراقيين ينعمون بالحياة الهانئة التي يريدونها .أن حياتهم ، بالرغم من وجود أيجابيات كبيرة في جانب الحريات العامة، اصطبغت بلون قاتم من النكد والكاّبة ، لما يلاقونه من تهميش ، وما يرصدونه من أختراقات كبرى ، وسرقات لا تقف عند حدّ لثرواتهم الوطنية ، وأموالهم التي حرموا منها .يقول شاعرهم :تأملتُ في هذي الوجوه جميعِهافلم أر وجها بالسعادة ينتشي واّلمني أنّ الكأبة أطَبَقَتْ عليها ،وأضْنَتْها بلصٍ ومُرتشِ
تستمر مناورات تشكيل الوزارة بما يوازي مدة الحمل .ثم لا تسفر الاّ عن وزارة مترهلة ، انتهى المطاف ، ببعض السياسيين المقربين من رئيسها ، بأن يصفها ( بمهزلة ) .وهي حتى كتابة هذه السطور ، لم تكتمل بصيغتها النهائية بعد ، حيث ان الوزارات الأمنية - وهي وزارات لها خطورتها الكبرى وأهميتها في السيطرة على الأوضاع في البلاد - لا تزال شاغرة تشهد الشد والجذب بين مختلف الكتل السياسية ،وقد كثرت في الآونة الأخيرة أحاديث سحب الثقة من الحكومة ، أو أجراء تعديلات كبرى عليها ،بعد أنتهاء المهلة المحدودة ، ولم يعد أحتمال اللجوء الى حل البرلمان مستبعداً ، بعد أن تم التلويح بل التصريح بذلك .والسؤال :ماذا يعني استهلاك الوقت الطويل بتشكيل الوزارة ،ثم الأعتراف بان الشراكة الوطنية ( مهزلة ) ؟ انه لا يعني الاّ شيئاً واحداً انه الفشل بعينه وهنا يثور تساؤل أخر :من الذي يتحمل وزر هذه المهزلة،بكل تداعياتها الرهيبة ، واّثارها العجيبة ؟إن الانصاف يقتضينا ان نقول :ان أول أطراف المسؤولية ،هم أولئك الذين لم يحسنوا أختيار ممثليهم ، وأوقعتهم في الفخ مصائد وموائد وفوائد ...!!!وهم اليوم يندبون حظهم العاثر دون جدوى ،وثاني هذه الأطراف هي الأحزاب والكتل السياسية التي ظلت تبحث عن حصتها من الكعكة بعيداً عن هموم الوطن ، وطموحات المواطنين .وهكذا تراكمت المشكلات فأدت الى ظهور العديد من الأزمات .ولا نذيع سراً أذا قلنا بأن خارطة جديدة تنتظر العراق .ولا يمكن أن تعود المياه الى مجاريها ما لم يتم التخلص من وباء المحاصصات وما لم يمارس الناخبون العراقيون حقهم في أنتخاب ممثليهم ، عبر التمحيص الدقيق لمن يتصدى لترشيح نفسه من السياسيين .ومتى ما أستندوا الى أختيار الأكفأ ،من أصحاب القدرة والتجربة والنزاهه والخبرة والماضي المجيد ، والموقف الوطني الناصع ، سيشهد العراق أولى الخطوات بأتجاه الأستقرار والأزدهار .
حســـين الصـــدر
https://telegram.me/buratha