احمد عبد الرحمن
يمكن للمتابع لمسيرة العملية السياسية في العراق طيلة الاعوام الثمانية الماضية ان يشخص جملة مكاسبة وانجازات تحققت في الواقع العراقي على مختلف الاصعدة والمستويات، السياسية والامنية والاقتصادية، وكذلك جملة اخفاقات وكبوات ونقاط خلل وضعف في هذا المفصل من مفاصل الدولة والمجتمع او ذاك. ولاشك ان تحقق تلك المكاسب والانجازات يعكس ويعبر عن حقائق عديدة، من بينها وجود الارادة الصلبة للعراقيين على تجاوز الصعاب والتحديات الكبيرة والخطيرة، وعلى توفر النوايا الصادقة والمخلصة لدى الكثير من العراقيين، وعلى وجود زعامات وقيادات وطنية همها الاول والاخير الوصول بالبلد الى بر الامان والاستقرار والرفاهية، وعلى حسن اداء الدولة بمفاصلها المختلفة، وان كان ذلك الامر نسبيا ولم يرتق الى مستوى الطموح بالنسبة لبعض العناوين.والتوافقات السياسية بين الكتل والقوى المختلفة، لاسيما الرئيسية والفاعلة منها بشأن عدد من القضايا المهمة والحاسمة والخطيرة، رغم الاختلافات والتقاطعات في مواقفها وتوجهاتها، عكست تحولات ومتغيرات مهمة للغاية في مسيرة العملية السياسية. وربما يعني ذلك ان هناك تقديرا في الاطار العام لضرورات ومقتضيات المصالح الوطنية، وحرصا على الثوابت والمباديء التي من شأن التمسك بها والعمل عليها التقدم الى الامام لا التراجع الى الخلف. وفي ذات الوقت يمكن للمراقب والمتابع ان يتوقف عند قدر غير قليل من التعثر والتلكوء والضعف والتخبط في هذا المفصل الحكومي او ذاك، مما ينعكس على الواقع الحياتي والسياسي والامني للمواطن العراقي، والبلد على وجه العموم.ففي واقع الامر هناك احباطا واستياء كبيرا لدى اوساط وشرائح وفئات اجتماعية عديدة من تدني الخدمات الاساسية مثل التيار الكهربائي والوقود وتوفير فرص العمل، والاهتمام بدرجة اكبر بالمحرومين والمضحين والمضطهدين من عهد النظام البائد، الى جانب افتقاد معيار العدالة والانصاف في الكثير من مفاصل ومؤسسات الدولة، مما تسبب بحصول البعض على امتيازات ومكاسب على حساب البعض الاخر وبطرق قد لاتكون سليمة وقانونية بما فيه الكفاية، وفيها الكثير من المحسوبية والمحاباة. هذا جانب، وفي جانب اخر، يعكس ذلك التعثر والتلكوء والضعف والتخبط في جانب منه حجم الفساد الاداري والمالي في مختلف مؤسسات الدولة العراقية الجديدة، وقلة الخبرة والتجربة، والتقاطعات والاختلافات السياسية، اضافة الى عوامل اخرى.وطبيعي ان كل ذلك يؤثر على المكاسب والمنجزات المتحققة ويمكن ان يفرغها من محتواها ومضمونها.وهذا يعني اننا نواجه منعطفا حادا وخطيرا في هذه المرحلة بالذات يحتم علينا جميعا كعراقيين ان نتصرف بحكمة وعقلانية بعيدا عن النزعات والحسابات الفئوية الضيقة، لاجل ان نحافظ على ما حققناه بدمائنا وارواحنا وثرواتنا، والمحافظة على ما تحقق ربما يعد تحديا يفوق تحدي تحقيق المنجزات والمكاسب بحد ذاتها، والمنطلق الاساس لذلك هو العمل بروحية الفريق الواحد والمجتمع الواحد والشعب الواحد، بعيدا عن التقسيمات والتصنيفات، التي من الخطأ ان تكون معيارا ومنطلقا للتحرك والعمل.
https://telegram.me/buratha