الشيخ حيدر الربيعاوي
مسؤولية المرأة في السلم والحرب
========================
الشيخ حيدر الربيعاوي
يشتد الشعور بالغيظ والحنق عند كثير من المسلمين اليوم نتيجة الظلم والعدوان لذي يتعرض له ابناء الإسلام في كل مكان من العالم ، الامر الذي جعل المسلم اليوم يقف في معسكرين متضادين، معسكر الإحساس باليأس والإحباط ومعسكر الحماس والاندفاع نحو الجهاد ومقاتلة الأعداء. وفي ظل هذه الرغبة الجامحة عند المؤمن في القتال والجهاد تتساءل المرأة عن دورها هي في هذا الجهاد؟ وما الذي تستطيع ان تقدمه من اجل دعم الإسلام والمسلمين؟ وهل تستطيع ان تفعل كما فعل الرجل تترك بيتها واسرتها وتذهب لقتال الأعداء او لمساعدة المنكوبين من اخوانها المسلمين؟ مفهوم الجهاد========نبدأ اولاً بالتعريف بمفهوم الجهاد في الإسلام الذي قرنه كثير من المسلمين بمفهوم الحرب والقتال، بينما هو بمفهومه العام يشمل كل جهد انساني يحقق للأمة القوة والعزة والكرامة، فالجهاد كما يكون بالنفس يكون بالمال ويكون باللسان، فكل من يستخدم وسيلة من هذه الوسائل من اجل اعلاء كلمة الله فهو مجاهد في سبيل الله، خاصة ان الحرب التي تخاض ضد الإسلام ليست حربا بالسلاح فقط، بل ان هذه الحرب العسكرية تسبقها حرب فكرية تهدف الى تجريد المسلم من تاريخه وحضارته ولغته، وهي ايضاً حرب اعلامية تعمل على ابراز قوة الاعداء على حساب صمود المسلمين، وتعمل على الهاء المسلمين بالشهوات من اجل اضعاف عزيمتهم القتالية. من هنا فلا يجوز التقليل من شأن اي نوع من انواع الجهاد المذكورة سابقاً، ولتعلم المرأة ان الجهاد بالنسبة لها فرض على الرجل، وسلم بين ذلك بقوله: (جاهدوا المشركين بأموالكم وانفسكم وألسنتكم). وهذه الانواع من الجهاد التي ذكرها رسول الله (ص) يتساوى الحكم فيها بين الرجل والمراة، ما عدا الجهاد العسكري الذي يعد بالنسبة لها واجبا في بعض الحالات فقط، وذلك لأن الرسول محمد(ص) بين ان الجهاد الوحيد المفروض على المرأة والذي يتطلب الجهد والمشقة هو جهاد الحج. ولكن هذا لا يعني ان المرأة لا تشترك مع الرجل في اجر الجهاد، اذ انها بقيامها بالأنواع الاخرى من الجهاد تكون قد شاركت الرجل في الجهاد ويكون لها نصيب في النصر الذي يفوز به المجاهد، يقال في الدراسات العسكرية: إن الجندي الذي يقاتل في الميدان يخدمه 10 خارج الميدان، وهؤلاء مجاهدون كالجندي تماما.
اولا: مسؤولية المرأة في السلم ==================يختلف الجهاد في سبيل الله عن غيره من أنواع الجهاد والقتال بأنه يرتبط بالإيمان ارتباطا وثيقا، فالجهاد في الإسلام ليس اي جهاد، ولكنه جهاد بنية خاصة، لغاية خاصة، فهو جهاد في سبيل الله. ومن هنا فان غرس مبادئ الجهاد في النفوس أمر يتحمل مسؤوليته كل من المرأة والرجل على حد سواء، وان كان في معظمه يقع على المرأة التي على عاتقها تقع مهمة تربية أبنائها داخل البيت والمدرسة. اذا حاولنا ان نقسم أنواع التربية المفيدة في هذه المرحلة، نجعلها اقسام:
1_ التربية النفسية: يحتاج المجاهد في سبيل الله الى تربية نفسية طويلة، قبل نشوب المعركة، وذلك من اجل تطهير النفس من اي مطامع دنيوية وتخليص النية له في القتال، والاستعداد لتحمد الشدائد في سبيل الله، وهذا اللون من الوان التربية العملية، جرى به القدر على الانبياء واصحاب الدعوات في كل العصور. ومن اهم الاستعدادات النفسية التي ينبغي تربية المجاهد عليها:
1_ تحسين الصلة بالله عز وجل، والتي تلعب دوراً كبيرا في حصول النصر وقبول الهزيمة، لما لهذه الصلة من دور في سد الثغور بوجه الاعداء، عبر التحصن بالعقيدة السليمة التي تربط بين الجهاد والبأساء والضراء والزلزلة، وتكون ايضاً عبر القيام بالعبادات المفروضة والمحافظة عليها وخاصة الصلوات، اضافة الى الاكثار من النوافل، والالتزام بمبادئ الاخلاق الاسلامية وغير ذلك من الامور التي تقرب من الله عز وجل من جهة وتغيظ الكفار من جهة اخرى، هذه الامور التي يتغافل عنها كثير من المسلمين ادرك اهميتها الاعداء، فلقد ذكر عن غولدمائير رئيسة وزراء الكيان الصهيوني السابقة قولها: ان الخوف الحقيقي من المسلمين لا يبدأ الا حين تمتلئ المساجد في صلاة الفجر كما تمتلئ في صلاة الجمعة.
2_ تحديث النفس وترغيبها في الجهاد، لقول رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من مات ولم يغز، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبة النفاق)، ومن فائدة هذا التحديث انه يساعد على بث الهمم والعزم على الجهاد مما يجعل المسلم يفوز باجر الشهادة حتى ولو لم يغز. 3_ تربية العادة وكسرها، عبر تعويد النفس على عدم الركون الى الدنيا والاطمئنان اليها، وجعلها في الايدي لا في القلوب، لذا من المفيد في هذه المرحلة اكتساب العادات الطيبة التي تفيد في التربية على الجهاد والتي من بينها عدم الاسراف في الطعام والشراب، وممارسة الرياضة البدنية التي تكسب الجسد الليونة والقوة وتساعد المجاهد على سرعة التحرك اثناء المعارك2_ التربية الدعوية:
تكسب التربية الدعوية النسائية في هذه الايام اهمية كبرى ليس فقط لكون الدعوة امر واجب على كل مسلم ومسلمة، ولكن من اجل رد كيد الاعداء الذين بالانتصار عليهم نحمي ليس فقط المرأة ولكننا نحمي المجتمع بكامله، ونرد بذلك كيد الاعداء في نحورهم، فلنفكر بمدى النكاية التي نلحقها بائمة الكفار اذا تزايد اعداد المسلمين على حساب تعداد الكافرين.
3_ التربية الاسرية
تشكل الاسرة المسلمة الحصن القوي الذي يقف في وجه مخططات العدو في القضاء على الأمة الإسلامية، لذلك نجدهم في كل مناسباتهم ومؤتمراتهم يشددون على اهمية النفاذ عبر المرأة الى هذه الأسرة، وذلك لما تقوم به المرأة من دور فعال في المحافظة على بيتها والاشراف على اسرتها وانجاب وتربية جيل مجاهد عالم بكل ما يحاك للأمة من خطط ومكايد.
ومن المواقف الجهادية التي تقفها بعض نساء الامة اليوم تلك المواقف التحريضية التي يقمن من خلالها بتشجيع ازواجهن وابنائهن على الجهاد والقتال لأوامر الله تعالى الذي قال: (يا ايها النبي حرض المؤمنين على القتال)، سورة الانفال، 65، من هؤلاء ام نضال خنساء فلسطين التي جسدت اروع الصور لجهاد المرأة الفلسطينية، وقد ضرب فيها المثل بدفعها ابنها محمد للمشاركة في اقتحام مستوطنة صهيونية وقتل العشرات من مستوطنيها رغم صغر سنه، بعد ان نمت الجرأة في قلبه وهي تقول له: اريدك ان تقاتل بالسلاح لا بالحجر؛ وتقول ام نضال: كان من اجمل حياتي عندما امتلك محمد السلاح فأحضره لي ليسعد قلبي به، ويؤكد لي انه اصبح رجلا يمكن ان يسير في طريق الجهاد.
ثانياً: مسؤولية المرأة في الحرب: ===================تتعدد المسؤوليات التي تلقى على عاتق المرأة اثناء الحرب، واذا كان الجهاد بالنفس والرغبة في الاستشهاد في سبيل الله هو احد الأبواب التي تتمناه المرأة المسلمة فهناك مجالات اخرى لا تقل عنها في الاهمية والاجر، خاصة مع الغياب الطويل للرجل اما بسبب جهاده في المعارك او بسبب أسره او موته وما الى ذلك، فقد روي عن اسماء بنت يزيد الانصارية ان رفيقات لها بعثن بها للرسول (ص) لتقول له: (إن الرجال يخرجون للجهاد ويشهدون الجنائز، ونحن في البيوت نحفظ لهم الاموال ونربي لهم الاولاد، فهل نشاركهم في الاجر، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: يا اسماء اعلمي من وراءك من النساء ان حسن تبعل احداكن لزوجها وطلبها مرضاته تعدل كل ما ذكرت). ومن هنا فمن الاجحاف ان نطالب من المرأة الخروج الى القتال اذا ترتب عن هذا الخروج مفسدة كبرى كترك الاطفال الصغار بدون مربي ومعيل، او ترك الاسرة بدون ربان يقودها ويحافظ على مبادئها التي قد تتعرض لانفلات نتيجة غياب الرقيب. اضافة الى ذلك من المفيد ان نذكر دوراً آخر للمرأة تجاه اسرتها في تلك المرحلة، وهو الدور الذي يمكن ان تلعبه في حال اصابة احد افراد العائلة في الحرب اصابة تستوجب العناية والرعاية الدائمة.
كل هذا لا يعني ان تمتنع المرأة عن انواع الجهاد الاخرى، بل عليها ان تجاهد في ابواب الجهاد التي حث عليها الإسلام والتي منها جهاد النفس وجهاد المال، وجهاد اللسان.
1_ الجهاد بالنفس:
فرض الله عز وجل الجهاد وجعل له الثواب العظيم، قال تعالى: (ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل او يغلب فسوف نؤتيه اجرا عظيماً) سورة النساء، 74.
هذا وقد اجمع الفقهاء على وجوب الجهاد على المرأة عند دخول العدو دار الإسلام والنفير العام، اما في الحالات العادية الاخرى فإن الجهاد بالنسبة لها هو من فروض الكفاية التي يحق لها المشاركة فيه وتثاب عليه ويكون دورها هو القيام بخدمة المجاهدين وصنع الطعام لهم ومداواة مريضهم، وإسعاف جريحهم ونحو ذلك.
وقد كان النبي (ص) يخرج بالنساء في غزواته لهذا الغرض.
2_ الجهاد بالمال:
حث الله تعالى على الجهاد بالمال، فقال عز وجل: (وجاهدوا باموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلك خير لكم ان كنتم تعلمون)، سورة التوبة، 41. وتقوم المرأة بدور هام في هذا النوع من انواع الجهاد، وذلك بجمعها الاموال والتبرعات والزكوات والصدقات التي يحتاج اليها الجيش من اجل شراء الاسلحة والمعدات الطبية وغير ذلك من الامور التي تندرج في اطار القوة المادية الضرورية لمواجهة الاعداء.
اضافة الى ذلك فإن للمال دور آخر لا يستهان فيه في رد كيد الاعداء واضعافهم وذلك يكون عن طريق قطع اي تعاون اقتصادي بينهم، وهو ما يعرف بسلاح المقاطعة، فبامتناع المرأة المسلمة عن شراء المنتجات التي يصنعها العدو تساهم في اضعاف اقتصاده وبالتالي تؤثر على صموده في المعركة. ويعد سلاح المقاطعة سلاحاً حربياً فعالاً بل هو اكثر فعالية من دفع الاموال لشراء الاسلحة، وذلك على قاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وهذا النوع من الجهاد استخدمه النبي (ص) في حصاره لبني النضير وقطعه وتحريقه لنخيلهم، واستخدمه في العصر الحديث غاندي في الهند ضد انجلترا واستخدمته اليابان وكوبا مع امريكا.
3_ الجهاد باللسان: تكمن اهمية جهاد اللسان لارتباطه بالتكنولوجيا التي جعلت من الإعلام، سواء المقروء منه او المسموع او المكتوب، سلاحا حربياً فعالا يستخدمه العدو من اجل الغزو الفكري للعقول والقلوب من جهة وتغيير القيم والمفاهيم من جهة اخرى، وهكذا تحول الاستشهاد انتحاراً، والجهاد ارهاباً.
اولا_ الدعوة الى الله تعالى:
تأتي اهمية الدعوة الى الله تعالى في هذه المرحلة عبر ربط الجهاد بامور عدة:
1_ تعريف المسلم بواجباته نحو اخيه المسلم وخاصة المجاهد في سبيل الله الذي يقاوم من اجل اعلاء كلمة الله عز وجل، والذي يتعرض للاعتداء والتهجير والموت من قبل الاعداء الذين لا يفرقون بين المقاتل والمدني وبين المرأة والشيخ وبين الطفل والرضيع، فهذه المشاعر الاخوية مهمة جداً خاصة مع حاجة المسلم في ارض الجهاد الى مساندة اخوانه ليس فقط بالجهد المادي بل ايضاً بالجهد المعنوي عبر الدعاء لهم بالنصر والتثبيت والفرج.
2_ محاولة بث السكينة والاطمئنان في بعض القلوب الخائفة والقلقة والتي تشعر الإحباط والهزيمة النفسية، مما ينافي عقيدة المسلم الراضي عن الله عز وجل في كل الاحوال.
من المفيد في هذه المناسبة تذكير الناس بمواقف النبي (ص) واصحابه التي لم تكن، مهما عظم كربها، لتخرج النبي (ص)، عن سكينته ورضاه، مثل موقفه في الهجرة، حيث قال تعالى واصفاً حاله: (ثاني اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن الله معنا).
3_ استثمار الاحداث في انضاج وعي الناس، وبيان الاهداف الحقيقية للحرب التي تشن على المسلمين، والتي تتعلق بحماية امن اسرائيل، وتأمين هيمنتها على المنطقة، اضافة الى المطامع الاقتصادية التي لا تخفى على احد، والاهم من ذلك الحروب الصليبية التي تحدث عنها الرئيس بوش مدفوعا بعقيدة الكنيسة الإنجيلية المعمدانية التي ينتمي اليها.
4_ حض المؤمنين على الدعاء من اجل نصرة المجاهدين في كل مكان، ورد كيد الاعداء، فإن الدعاء يرد القدر.
لذا فمن المفيد، من اجل استجابة الدعاء اللهج به في مظان الإجابة، في القنوت، في أثناء الصلوات، في السجود والقيام بالاسحار، بين الاذان والإقامة، فإذا علمنا ان الدعاء يستخدمه الاعداء الكفار سلاحاً في حربهم فكيف هو الحال بنا ونحن المظلومون اصحاب الحق، فقد ذكرت الصحف ان الكونجرس الاميركي اصدر قراراً يوصي الامريكيين بـ الصوم، والصلاة تأمين الحماية الإلهية لأمريكا ضد الارهاب وللقوات التي تحارب في العراق. وقد تبنى مجلسا النواب والشيوخ هذين القرارين من اجل تأمرين حماية العناية الإلهية لشعب الولايات المتحدة وقادتها ومواطنيها.
انيا: الجهاد الإعلامي: ===============تستطيع المرأة المسلمة عبر سلوكها هذا الباب تبليغ رسالة الله عز وجل ونصرة المجاهدين عبر رفع معنوياتهم على ارض المعركة من جهة، اضافة الى فضح مخططات الاعداء وكشف اضاليلهم وكذبهم من جهة اخرى. فإذا كان هذا العصر يتميز بوجود الصحف والانترنيت؛ فمن الواجب على كل كاتب آتاه الله القدرة على الكتابة ان يسخر كلماته وحروفه من اجل المساهمة في الدفاع عن الإسلام، ويزداد هذا الواجب في اثناء الحروب حيث يجب عليه المجاهدة بالقلم كما وفي نهاية الحديث عن دور المراة، اشدد على اهمية بث مشاعر العزة بهذا الدين واليقين بالنصر وان طال، ولعل حكمة (لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم) نراها ان شاء الله ماثلة أمام اعيننا ونلمسها بايدينا. فالتسليح بالدعاء الذي به يدفع الله عز وجل البلاء ويفرج الهموم وينفس الكروب ويغير الأحوال، وصدق الله عز وجل بقوله: (ادعوني استجب لكم).
الشيخ حيدر الربيعاوي
https://telegram.me/buratha