حسن البحريني
في ظاهرة ملفتة وبعد اعلانه عن الغاء"حالة الطوارئ" او الاحكام العرفية العسكرية بتاريخ 2011/6/1 دعى مجموعة من علماء الدين من الطائفتين‘ اغلبهم من الذين يشغلون مناصب رسمية والمقربين من النظام ‘ للاجتماع بهم في جلسة علنية تغلّب عليها طابع الدعائي والاعلامي من حيث ان الذين حضروا الاجتماع كانوا مستمعين ولم يكونوا متحدثين وكانهم في "حفلة" استعراض خطابي وانشائي اراد ايصال مجموعة من "نصائح" وتوجيهات قيمية على "رعاع" جهال غير واعين لما يجري من حولهم .
خطاب حمد كان مليئا باالتدليس والخداع وتحوير للحقائق ولم يحتوي الا على اكاذيب والنفس الاستعلائية يعرفها الداني والقاصي ولم يكن ينطلي ذلك على احد خاصة وان هذا الملك لم يذكر في "خطابه" الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت ومازالت ترتكب وبامرته وامرة الجيش الغازي السعودي المحتل ‘ ولم يتطرق الى اي من التجاوزات الفظيعة لحقوق الانسان والتي نكرها هذا الملك وادعى كذبا وعن سبق اصرار بانه كان يتابع الامور بنفسه لكي لا تحدث "تجاوز للصلاحيات" وان جيشه ومرتزقته وقوات الاحتلال التي احتلت البلاد قاموا بتطبيق القانون وراعوا "المعايير" بمعنى انهم لم يرتكبوا اي انتهاكات او جرائم بحق الشعب وابناءه المسالمين ‘ادعاء كذبته الجرائم الموثقة بالصوت والصورة وقد وثقتها منظمات حقوق الانسان وحتى الاعلاميين والصحفيين استطاعوا بانفسهم مشاهدة تلك الجرائم والانتهاكات التي مازالت مستمرة وتحدث بشكل يومي وبوحشية بالغة وغير مسبوقة .
خطاب هذا الملك يذكرنا بخطاب المجرم القذافي الذي كان يخرج على مجموعة من ازلامه ومرتزقته ويدعي بامور تثير السخرية والاستهزاء لدي الرأي العام العالمي ‘ الحقائق على الارض وما يحدث من فظائع وقمع وجرائم وخروقات لحقوق الانسان تدين ما يدعيه هذا الملك وتكشف عمق الازمة التي يعيشها النظام .
النظام الخليفي وعلى رأسه "حمد" يسعى اليوم الى التهدئة بالطريقة التي يريدها هو وازلامه عبر اساليب تمرس وتعود عليها كل الطغاة التاريخيين ‘ فقد كشف في خطابه انه لا يريد الاصلاح ولا يريد ان يقرر الشعب مصيره بنفسه بل هو كطاغية يريد ان يقرر مصير الشعب ويمنحه حق هو من سلبه وهو اليوم يريد ان يمنّه عليه بطريقته الديتكتاتورية والاستعلائية حيث مفردات خطابه تشير الى ذلك فقد كثر في خطابه من مفردة "الذات" الملكية في اليات ادارة البلاد ومؤسساتها المدنية ودوره كديكتاتور في تصدير الدساتير والقوانين وربط مصير حتى البرلمان "المنتخب" بنفسه عندما اشار الى انه اراد من تشكيله كي "يستمر" وليس كي يقوم بين سنة و اخرى او سنتين بحله .
وقد كان واضحا وبارزا في خطابه امتعاضه و تأثره بدور الاعلام الخارجي في فضح جرائمه وكشف فداحة ما يرتكبه نظامه من قمع وتعذيب وقتل واعتداء على الحرمات وهدم الجوامع ودور العبادة وحرق منازل المعارضين وهدمها والعبث بممتلكات الناس في بيوتهم بعد اقتحامها ‘ هذه الانتهاكات وثقها الحقوقيون ومنظمات حقوق الانسان وابناء الشعب بانفسهم وهو ما يكذب ادعاءات هذا الملك الذي نستطيع القول انه يعلم بكل تلك الجرائم بل هو من يشرف عليها ويقودها ومن يقول غير ذلك هو شريك في جرائم هذا الملك الكذاب‘ فهو يعتبر ان كل تلك الجرائم والانتهاكات هي كاذبة ومفبركة ضاربا بعرض الحائط كل التقارير الموثقة لمنظمات عالمية حقوقية ولكل الصور والوثائق التي نشرت على شاشات الفضائيات العالمية ‘ ولعل شهادة ذلك الاعلامي الامريكي البارز لاحدى اشهر الصحف الامريكية حول ما رأه بام عينيه في المغتسل على جسد الشهيد علي صقر من اثار التعذيب الوحشية في مؤتمر الصحفي الذي عقدته وزير ة التطهير الطائفي وزيرة الصحة البلوشية "فاطمة البلوشي" تفند كل ادعاءات حمد وتفضح كذبه وتكشف مدى تمادي هذا الملك في التدليس والاستخفاف بعقول البشر والرأي العام العالمي .
في الحقيقة ان المراقبين وعدد من المطلعين على مجريات الاحداث في البحرين يرون في خطاب حمد بن سلمان ال خليفة امور عدة: اولا: ان النظام يسعى للعودة الى المربع الاول دون اعطاء اي تنازل او تعهد بالاصلاح الحقيقي وخاصة في ما يخص تقرير الشعب مصيره بنفسه .
ثانيا: مؤشرات الخطاب وفي حضور جمع من علماء الدين وخاصة علماء شيعة غير محسوبين على المعارضة تؤكد ان النظام يريد الاستفراد بالمعارضة وقمعها وعزلها وتهميشها وفرض بديل يوافق هواه ومخططاته ‘ وحتى جمعية وفاق الحذرة في بياناتها وخطاباتها ومواقفها السياسية والاعلامية المسايرة وليس "الممانعة" غدت مستهدفة رغم اعتدالها اوكما قلنا مسايرتها للوضع السياسي بما لا يستفز النظام حيث ان النظام يسعى لفرض البديل المسير والتابع الذيلي له ينفذ ولا يناقش بما يامر به .
ثالثا: يسعى الملك جلب ود الجمهورية الاسلامية في ايران وحاول في خطابه الغمز الى ذلك والايحاء بانه على استعداد لفتح حوار معها كطرف مدعيا ان الاعلام هو من يريد دق الاسفين بين ايران والدول العربية واعلن ايضا رغبته في مد "يده لايران وما هي المشكلة ونجتمع ونقول لها ما هي المشكلة!!؟؟" .. بالطبع هذه الاشارة لايران وبعبارات "ودية" دليل عجز النظام وضعفه و تستهدف :
الايحاء بان ما يجري في البحرين ايران طرف فيها من خلال تحريك عناصرها والمؤيدين لها في الداخل ع وهذا كذب وغير صحيح لان دور الجمهورية الاسلامية كان واضحا وقد تمثل فقط في الدعم المعنوي والسياسي واعلاميا وقفت ايران بجنب المظلومين ووضعت وسائل اعلامها في اطار الحملة الاعلامية الداعمة لحقوق الشعب البحريني بدافع انساني بعد ان رأت تخاذل معظم وسائل الاعلام العربية والعالمية في ذلك وتعمد تلك الوسائل في تجاهل مظلومية شعبنا .
الامر الاخر ان الملك يرى ان وقوف ايران وبكل قوة بجنب حقوق الشعب البحريني وتنديدها بالاحتلال السعودي والتحرك على المستوى العالمي لنصرة شعب البحرين ولاخراج المحتلين يشكل انعطافة غير مسبوقة اعطت زخما معنويا لنضالات الشعب البحريني وادخلت نظام ال خليفة في نفق من الضياع والتخبط وهو ما ازعج حمد كثيرا ويريد عبر هذا الخطاب اغلاق اخر منفذ استطاعت المعارضة والشعب من ايصال صوته الى العالم و ليس من اجل حل المشاكل كما يدعي حيث اسلوبه في الخطاب كيدي ومخادع خاصة اذا عرفنا ان حمد الملك يصفه شعبه بانه " ناكث الوعود" وكذاب ! ‘
ونحن هنا نراهن ان النظام سوف يعود الى سابق عهده حتى وان أعادت الجمهورية الاسلامية العلاقات الطبيعية مع النظام الذي يرى في رفع "الفزاعة" الايرانية مخرجا له من ازمته وتعليقها على المشجب الايراني يهدف الهروب الى الامام والتملص من التزاماته الدستورية القانونية المشروعة شرعيا وحقوقيا وعالميا ‘ ونحن نعتقد ان ايران واعية لمكر وخداع النظام وتعلم جيدا ان حكامه واجهزتهم الامنية لهم دور كبير في اثارة الاحقاد والطائفية والكراهية عبر الاعلام في المنطقة من خلال خطاب عنصري وطائفي فيه تجنى كبير على الحقائق التاريخية وعلى شعوب المنطقة ومعتقداتها خاصة مع تلك الاوصاف العنصرية التي يضربون على وترها مثل المجوسية والصفوية وابناء المتعة وغيرها من الخطابات الطائفية التي غدت سائدة في اوصاف الجلادين والمعذبين في سجون ال خليفة ولا نعتقد ان ذلك سوف ينطلي على ايران او يمنعها من الاستمرار في دعم الشعب البحريني معنويا وسياسيا.
حسن البحريني كاتب وباحث سياسي من السويد
https://telegram.me/buratha