المقالات

من المسؤول عن الدماء التي تجري في العراق الجديد ؟

1103 19:27:00 2011-05-10

بقلم : شاكر حسن

سؤال اوجهه الى الشعب العراقي المسكين الذي عانى في السابق لسنيين طويلة من كافة انواع الظلم والاضطهاد والتمييز العنصري والطائفي والمناطقي على يد ابشع نظام مجرم وحشي عرفته البشرية في القرن العشرين والذي استمر اربعة عقود من الزمن ارجع العراق الى العصرالحجري والتي لاتزال اثاره باقية حتى الوقت الحاضر.طبعاً سيكون الجواب المنطقي والمعقول هو ان النظام البعثي السابق قد ولى وان قادة العراق الجديد هم المسؤولون عما يحدث الآن في العراق من قتل وتفجيرات عشوائية تطال اغلبها المواطنيين المدنيين الابرياء في الشوارع والاسواق وبيوت العبادة من اسلامية وغير اسلامية، ومن سنية الى شيعية، لا يهم ذلك المهم هو القتل العشوائي وبأي ثمن كان.

هناك معلومة امنية مهمة قد تغيب عن الكثيرين من الناس والتي يؤكدها خبراء مكافحة الارهاب وكذلك الواقع في العراق وهي انه من الصعب جدا وربما من المستحيل السيطرة التامة بالطرق التقليدية على العمليات الانتحارية والتي يقوم بها اناس مؤدلجون حاقدون الى حد الهوس. فالشخص الذي يعتبر كل مخالف كافر وان قتله واجب شرعي ويؤدي الى دخول الجنة والتمتع بالحوريات الجميلات الباكرات، لا احد يستطيع منعه وايقافه مهما اتخذنا من اجراءات امنية مشددة والدليل على ذلك انه قبل كل مناسبة دينية او وطنية يخرج علينا المسؤولون الامنيون ويؤكدون بأنهم اتخذوا كافة الاجراءات الضرورية والاحترازية للحيلولة دون وقوع اي عمل ارهابي ولكن مع الاسف الشديد دون جدوى، حيث يذهب في كل مرة ضحايا بالمئات بين قتيل وجريح اغلبهم من المدنيين الابرياء وتخريب الممتلكات وعندئذ تبدأ برقيات التعازي والاستنكار والشجب والتي مللنا منها وملت منا ولا من حل يلوح بالافق وتتكرر الماساة بعد فترة.لقد بلغ عدد القوات الامنية في العراق في حدود المليون شخص، وهو رقم خيالي بالقياس الى عدد السكان البالغ حوالي 30 مليون شخص. اي ان هناك عسكرياً واحداً لكل 30 شخصاً. وهذا الرقم هو الأعلى في العالم، ومع ذلك لا يستطيع هذا العدد الهائل من حماية ارواح المواطنين او ضمان سلامتهم .

حسب رأيي المتواضع ان الذين يخططون ويمولون بالمال والسلاح والاهم من ذلك عن طريق غسل ادمغة الشباب بالافكار التكفيرية الحاقدة والشحن الطائفي، هم اعداء النظام الجديد على نوعين:

النوع الاول: الاعداء الخارجيون وهم على نوعين:أ - الانظمة الدكتاتورية المستبدة الوراثية والتي تخاف وترتعد من عدوى انتقال الديمقراطية والحرية النسبية التي يتمتع بها الشعب العراقي.ب - الانظمة التي تضطهد الاقليات الدينية والقومية في دولهم والتي تمارس اقسى انواع التمييز ضدهم. فبعد حصول جميع مكونات الشعب العراقي الدينية والقومية على حقوقهم في الحكومة والبرلمان شجع ذلك الاقليات في هذه الدول على المطالبة بحقوقهم في الحرية والمساواة.

النوع الثاني : وهم الاعداء الداخليون والذين يمكن ان نسميهم بالطغمة التي ادمنت على الحكم والسلطة في العهود السابقة وهم مجموعة من المرتزقة الانتهازيين النفعيين الذين لا دين ولا مذهب لهم، هذه الطغمة فقدت اغلب امتيازاتها الهائلة التي كانت تمتعت بها لعقود طويلة حتى سقوط سيدهم في 09-04-2003 والتي اتخذت في السابق جميع الوسائل غير الشريفة لتمزيق النسيج الاجتماعي للمجتمع العراقي والذي نعاني من آثاره حتى الوقت الحاضر، فسكان هذه المنطقة او المدينة هم افضل من بقية المناطق ولهم كافة الامتيازات، وهذه العشيرة افضل من تلك العشيرة، وهذه القومية اوهذا المذهب هم الافضل والبقية "زفت" كما يقول اخواننا المصريون. حتى الجنسية لم تسلم من شرهم فأخترعوا لنا "موديل" جديد لا نضير له في جميع دول العالم لزيادة التفرقة والتمييز بين ابناء البلد الواحد وهذ الاختراع هو (شهادة الجنسية). فالجنسية العراقية وهوية الاحوال المدنية لا تكفي بل يجب الحصول على شهادة الجنسية لتثبت عراقيتك وهذه بدورها مقسمة الى نوعين تبعية عثمانية وتبعية ايرانية. انني اجزم بأن اكثر من نصف الاشخاص الذين حكموا العراق في القرن الماضي هم من غير العراقيين من ملوك الى رؤساء الوزارات.

هذه الطغمة مستعدة لعمل اي شئ في سبيل افشال التجربة الديمقراطية الوليدة ولديها الامكانيات المادية والخبرة العسكرية والعلاقات القوية مع انظمة الحكم الاستبدادية والعنصرية والطائفية في المنطقة والتي تمدها بكل العون المادي والاعلامي. ولا يخفى على احد ان لهذه الطغمة عناصر مندسة في جميع مرافق الدولة، في الحكومة والبرلمان، في الجيش والشرطة، وفي جميع وسائل الاعلام هدفها الاساسي هو افشال التجربة الديمقراطية الوليدة، وتشويه سمعة الحكومات والاحزاب التي تحكم العراق الجديد واثارة الفتنة الطائفية بكل الوسائل الممكنة وغيرالشريفة تمهيداً لعودة حزب البعث بإسم جديد ووجوه جديدة عن طريق الغدر والخيانة كما فعلوها مع الزعيم الخالد عبدالكريم قاسم في8 شباط 1963، فبعد محاولة اغتياله الفاشلة على يد هذه الطغمة جرى القاء القبض على اغلبهم وتمت محاكمتهم واصدار احكام الاعدام على البعض منهم. وفي صباح يوم تنفيذ احكام الاعدام بحقهم ذهب الزعيم عبدالكريم قاسم بنفسه واطلق سراحهم وقال كلمته المشهورة (عفا الله عما سلف) هؤلاء اولادي. وبعد فترة من الزمن رد البعثيون هذا الجميل بأغتيال ثورة 14 تموز وقتل اشرف وانظف زعيم حكم العراق وربما جميع الدول العربية.فحذار حذار من هذه الطغمة التي لاتعرف معنى الوطنية والاخلاق والانسانية، وعلى المخلصين من ابناء هذا البلد العمل على تطهير دوائر الدولة منهم وخاصة الدوائر الامنية والدوائر التي لديها ارتباط مباشر بالمواطنين.

وفي الختام لا بد من التأكيد على انه لا يمكن تصور اية تنمية اقتصادية او اجتماعية او سياسية في اي بلد من بلدان العالم بدون وجود بيئة آمنة. فالأمن مهم جداً لجلب رؤوس الاموال للاستثمار، سواء أكان هذا رأس المال وطنياً او اجنبياً. فرأس المال كما يقال في علم الاقتصاد جبان، فهو يهرب بسرعة في حال شعوره بالخطر.

ويجب على الاحزاب المشاركة في الحكومة والبرلمان وغير المشاركة والتي تؤيد العراق الجديد الخالي من اي تمييز بين مكوناته الجميلة والرائعة، الاهتمام الجدي بالأمن ومصلحة الشعب المسكين بدلاً من الهرولة وراء المناصب والامتيازات والتي اصبحت حديث الشارع العراقي، وترك الخلافات الجانبية، وكذلك على افراد المجتمع التعاون مع الاجهزة الامنية والابلاغ عن اي تحرك يقوم به اعداء العراق الجديد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك