المقالات

النائب والاعلام

653 23:10:00 2011-05-10

جواد العطار

لا شك ان دور النائب في اي نظام برلماني لا ينحصر داخل قبة او اروقة مبنى مجلس النواب، بل يتعداه الى التواصل مع جمهوره وناخبيه سواء بالتواصل المباشر (الميداني) من خلال الزيارات واللقاءات، او غير المباشر من خلال وسائل الاتصال الحديثة او عن طريق سكرتير او ممثل خاص ينهض بمهام تلك المسؤولية مساعدا او بديلا. هذا الدور يحتم على النائب تلمس مشاكل ومطالب ناخبيه من جهة، والموازنة بينها وبين القضايا العامة الاكثر اولوية وأهمية والمطروحة من قبل الآخرين، منعا للتداخل او تعطيل المصلحة العامة لحساب مسألة شخصية قد تثيرها طائفة من ناخبيه. اذن النائب يتحمل مسؤوليات جسيمة؛ تبدأ من النظر بتمعن في جزئيات ناخبيه مرورا بقضايا واهتمامات كتلته السياسية او اقرانه من النواب ( ان كان مستقلا ) وصولا الى مواضيع ومسائل تتعلق بالمصلحة الاشمل ذات المساس بالعموم والمجموع الوطني الذي يمثله البرلمان. فلا يمكن؛ وفقا لهذا المقياس؛ ان ينبري النائب لطرح قضايا وشؤون على هواه، لأنه في الاصل محكوم بالوظيفة التشريعية التي تقتضي ان يؤطر طرحه ضمن مشروع او مسودة قانون او حتى اقتراحه، لذا لا نرى تصريحات للنواب في الدول الموغلة بالديمقراطية الا في اطار محدود ومقنن الى درجة لا يدركها الا الباحث في شأن تلك البلدان او متتبع الاخبار والاحداث او مواطني تلك الدول انفسهم. فالكتل السياسية الكبيرة او الصغيرة تخضع نوابها الى ضوابط صارمة تحول دون تصرفهم في اطار شخصي او تجاوزهم حدود اللياقة او الخطابة البليغة التي لا تجرح احد، او دخول النائب او كتلته في مشاحنات تضر بالمشروع البرلماني وتفرغه من محتواه في عيون مواطنيه. اما اطلاق التصريحات جزافا او الخوض في شؤون خارج وظيفة الاطار التشريعي او الرقابي، فهي محرمة على النائب تماما، وتتحملها اصلا في تلك البلدان مثل بريطانيا لجان برلمانية متخصصة سواء في طرح القوانين او اقتراحها او التصريح والمخاطبة بشأنها او الرقابة على الاداء الحكومي. لذا نرى ان نوابا في مجلس العموم مثلا ينهون الفصل التشريعي دون ان يدلوا باي تصريح صحفي لوسائل الاعلام، وهذا لا يعني خمول النائب او تقاعسه عن اداء مهامه النيابية بقدر ما يعني ممارسته لها في اطارها الايجابي من خلال المشاركة في اللجان البرلمانية او الحديث باستئذان من السيد رئيس الجلسة الذي يدعى (speaker) او نقل مطالب دائرته الانتخابية الى قيادة حزبه او داخل اروقة المجلس بطريقة منتظمة .. وهي الوظيفة الاهم . لكن، هل سمعنا يوما ان نائبا في مجلس العموم البريطاني او الجمعية الوطنية في فرنسا، تدخل وطالب بحقوق مالية لمصلحة فئة من المجتمع ( هي خارج اطار دائرته التي ترشح عنها اصلا )، او اطلق تصريحات مغالى فيها،الغاية منها جذب انتباه الفئة المتضررة اليه، او مارسها بشكل متكرر لاغراض الدعاية الواضحة وعبر منبر المؤتمرات الصحفية المخصص اصلا للكتل السياسية. وهل رأينا مشاحنة كلامية بين مجموعة نواب او نائبين يمثل مقعد كل واحد منهما ما لا يقل عن 50 الفا من ابناء الشعب العراقي، تظهرهما بصورة مخالفة لشروط وصورة التمثيل النيابي، وهل رأينا او سمعنا نائبا يطلق التصريحات جزافا بخصوص قضايا خارجية تتعلق بدول الجوار.. مثلما فعل النائب حيدر الملا حينما شبه الامام الخميني؛ الذي يعتبر مرجعا دينيا لشريحة واسعة من المسلمين كما ويحظى باحترام الملايين من العراقيين؛ بالطاغية صدام، او هجومه على الشقيقة الكويت؛ التي يحاول العراقيون منذ اكثر من عشرين عاما ازالة اثار الغزو عنها؛ ليصفها بانها تحمل العدائية للشعب العراقي. ولا نعرف ما جدوى الموازنة العامة للدولة اذا كانت الاقتراحات تأتي بعد اقرارها، ولا نعلم هل الغيت وزارة الخارجية؛ حتى يخوض النواب في شؤون وعلاقات حساسة مع دول الجوار بتصريحات لا تنم عن الدبلوماسية بشيء او اختصاص او حصافة او فهم لتأثيراتها السلبية التي لن تقع على النائب فحسب، بل على عموم البلد وعلاقاته الاقليمية مع دول تجاوره او حتى سمعته الدولية. اما من يدفع بان المشاحنات والخلافات داخل بعض البرلمانات في جنوب شرق آسيا تصل الى حدود التجاوز بالايدي والالفاظ النابية، وان تصريحات النواب وتعاملهم مع الصحافة تتم في بعض البلدان ضمن صفقات مكشوفة ومفضوحة، فحري بنا؛ ونحن تجربة ديمقراطية حديثة العهد في المنطقة؛ ان نضرب مثلا في التصرف الاخلاقي البعيد عما يجعلنا مثلا يضرب.. لا قدوة يحتذى بها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك