وليد المشرفاوي
لا يخفى على أحد من المنتمين إلى الطائفة المحقة الشيعة الإمامية أن علماءنا الأبرار الواصلين إلى مقام المرجعية بحق وحقيقة وكفاءة علمية والمشهود لهم من أهل الخبرة العدول الذين وصلوا مراتب عالية من التقوى هم المؤهلون لنيابة صاحب الزمان (عج) روحي وأرواح العالمين له الفداء ومقام المرجعية والاجتهاد ليس أمرا عاديا يوصل إليه بالأصوات والانتخابات والشهرة والدعايات وحسب الأهواء والميول الشخصية، أو حسب موقعه العرقي أو الجغرافي أو اللساني. أو ترشيح المرجع يأتي عن كثرة الأعمال الخيرية وكثرة المؤلفات، المرجع هو الفقيه الأعلم العادل التقي الأورع الحي الذي لا يقل ضبطه عن المتعارف والمرجع السيستاني واحد من أولئك الفقهاء الأعلام من مراجعنا العظام من الطبقة الأولى من المراجع الجامعين لشرائط الفتوى والأمة مجمعة على صلاحه وأهليته لكفالة أيتام آل محمد ولا يفهم من كلامي أن النيابة منحصرة فيه فإن الوصف ليس له مفهوم وليس منصوص عليه بالنص الخاص من الإمام وإنما هذه الأوصاف ولاسيما الأعلمية مطروحة على نحو القضية الحقيقية.فالطائفة المحقة أعني الشيعة الإمامية ليست فقيرة في هذا الجانب فإن حوزتي النجف وقم غنيتان بمراجع الدين وحصون المذهب ونواب ولي العصر أدام الله ظلالهم وسدد الله خطاهم ونفع بهم. المراجع يشابهون الأئمة عليهم السلام من ناحية تعدد الأدوار وليس معنى ذلك أن المرجع إذا اختص بشيء أو برزت عنده ناحية يكون هو الأفضل بشكل مطلق حتى لا نغالي في إبراز مرجع نميل إليه عاطفيا لاختيار تقليده أو أي اعتبار آخر ونلغي الآخرين من الفقهاء ونعتبرهم شيئا عاديا لأنني لا أرجع إليه في التقليد أو لم يمل القلب إليه فإن هذه وساوس شيطانية.لابد من النظر إلى علمائنا بعين الإكبار والاحترام لأنهم نواب صاحب الزمان فلا عليك أيها المؤمن أن يأتي لك أحد ويقول لك لا تقدس العلماء فإن هذا الكلام باطل، فإنه لابد من التقديس والإكبار والتبجيل لعلمائنا ماداموا جامعون لشرائط الفتوى من علم وعمل وتقوى، الذي لا يقدس بضم الياء وفتح الدال هو المنحرف. فقد برز الإمام الخوئي في تخريج المراجع وفقهاء الشريعة ما لم يبرز عند أحد من علمائنا من حيث كثرة الخريجين ولو لم تكن إلا هذه الخصلة لخير ما طلعت عليه الشمس هذه واحدة من خصاله قدس سره غير التصنيف والتأليف وقيادة الأمة والإنجازات العظيمة في الدعوة إلى الله من خلال المراكز الإسلامية في العالم. وقد برز الإمام الحكيم في التعمق في الفقه وأصوله والتجديد والإبداع، وليس المقصود التجديد الذي يفهمه رائد قاسم ومؤيد الماجد ومن يسير نحوهما من الحداثيين الذين يخرجون عن الأصالة ويتبعون الباطل ويفسرون الأمور برأيهم القاصر الذي لا ينهض أمام الدليل والبرهان والاستدلال المنطقي وإنما كلامهم اختلاق عبارات خلابة فيها بريق والباطل له بريق ولذلك يدسون الشبه والمغالطات حول الدين والمذهب والأئمة والعلماء باسم الثقافة والعصرنة لاستقطاب الشباب المهزوز عقائديا وفكريا.هؤلاء الذين يسمون أنفسهم مجددين عليهم أن يتوبوا إلى الله ويرجعوا إلى الحق ويأخذوا بأقوال علمائهم لأنهم المتخصصون في علوم الإسلام وعلوم أهل البيت فالسيد الحكيم رحمه الله إضافة لتغلغله في علمي الأصول والفقه لديه معرفة وخبرة في أمور الحياة سواء كانت الحياة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الإدارية فهو ابن بجدتها فقاد الطائفة المحقة وأخذ بأيدي أهل الإيمان إلى نحو الإيمان وأفتى تلك الفتوى الجريئة في الشيوعية بأن الشيوعية كفر وإلحاد وأمضى وأيد علماء النجف فتوى الإمام الحكيم قدس سره، وقد برز علماؤنا رضوان الله عليهم في قيادة الشعوب الإسلامية في الثورة على الطواغيت والظالمين حتى أسسوا دول إسلامية تعمل بكتاب الله وسنة رسوله بدل الحكم الجائر والمنحرف عن خط الرسول والأئمة، وقد برز العلامة الحلي في هداية شعب كامل يقوده نحو مصدر الخير منهج آل محمد ودخل الملايين من إيران في التشيع ببركة العلامة الحلي، وجاء شرف الدين رضوان الله عليه وأقام الحجة بوجوب التمسك بأهل البيت على جميع المسلمين لو أن المسلمين اطلعوا على كتب شرف الدين ولفهموا أن الحق مع أهل البيت فعلماؤنا كلهم مصدر خير وبركة على جميع البشر وليسوا مستبدين بآرائهم وإنما هم مع الدليل يسيرون أين ما سار الدليل.أنظر ماذا يقول شرف الدين في كتابه المراجعات إن الأدلة أخذت بأعناقنا في إتباع مذهب أهل البيت ولولا وجود الأدلة لاقتفينا أثركم لجعل الأمة صفا واحد كما هو مضمون رده على الشيخ سليم البشري. وأمعن النظر إلى فقيه أهل البيت الشيخ ميرزا جواد التبريزي وموقفه الصلب من بعض التشكيكات التي أثارها بعض الذين يسمونهم ويسمون أنفسهم مجددين ولاسيما في الزهراء فلولا هذه المواقف لتزعزع جمهور الشيعة وتنازل عن بعض الثوابت لثقته العمياء في بعض رجال الدين والمثقفين، وأنظر إلى الإمام السيستاني أدام الله وجوده على ماله من علم غزير في الفقه والأصول والحديث والرجال والفلسفة والكلام والاقتصاد والسياسة فإن هذا الرجل العظيم ذو أهمية كبرى ورجل خطير في نظر كبار الساسة العالميين والدوليين ومحل تقدير لساسة الدول الإسلامية والعربية والخليج فهو أبرز شخصية علمية عالمية امتازت بالحكمة في أعلى مراتبها في ظل هذه الظروف المعقدة فإن هذا الرجل بحق وحقيقة الأب الروحي للعالم الإسلامي بل الحق أن يكون الإنصاف هو القائد الروحي لكل الأديان والطوائف فهو الذي عمل لإخماد نار الفتنة الطائفية في العالم وليس في العراق فحسب.السيد السيستاني دام الله ظله العالي حامي الشريعة والعقيدة وهو الناصر لدين الإسلام والمجاهد بقلبه ولسانه وعقله من أجل إسعاد العراق بل من أجل إسعاد العالم، السيد السيستاني على درجة كبيرة من الورع والتقوى والزهد يشبه جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في الزهد والتقشف والأموال بين يديه وله الحق في ذلك ولكن هذا السيد العظيم يأبى أن يعيش عيشة الأثرياء والمترفين سواء في مسكن أم في ملبس أم في مأكل أم في مشرب، كان يساوي نفسه بضعفة الناس بل يعيش أضعف الناس حتى في شرب الماء، كان يشرب الماء العادي خصوصا قبل سقوط الطاغية حيث كان صدام يرفه على بطانته ويحرم الشعب العراقي البائس حتى من الماء الصحي النظيف المقطر وقد رأيناه ويأبى أن يشرب من الماء المقطر الصحي ومع ذلك لا يناسبه صحيا والعالم يعرف أين يعيش السيد، يعرف العالم أنه يعيش في كوخ في النجف عوض أن يعيش في بناء شامخ كما يعيشه وعاظ السلاطين وعلماء البلاط، وتراه في زهده يأكل الجشب ولا نقول أن الزهد بهذه المثابة فالزهد العمل بالواجبات وترك المحرمات ولا يجوز تحريم الطيبات والسيد لا يحرم الطيبات ولكن يكون قدوة حتى يحس بألم المحرومين الذين حرمهم الطواغيت من النعم الكثيرة من رب العالمين التي لا تعد ولا تحصى، فكان هذا السيد العظيم يقدم المعونات والمساعدات لفقراء ومستضعفي العالم حسب الموازين والأولويات ويقوم بنصرة المذهب في إنشاء المؤسسات العلمية والدينية والمبرات والخيرات ومراكز الدعوة والعمل على رص صفوف المسلمين وحثهم على التلاحم والاعتصام بحبل الله وعدم التنازع، فالسيد السيستاني هو حامي الحمى في العراق وغير العراق فهو صمام الأمان وهو خامد نار الفتنة الطائفية فبدوره حفظ العراق وبفضله وضع دستور العراق وبفضله قامت دوله في العراق لولا مباركة السيد حفظه الله لحدثت الطامات والبلايا فهو الأب الروحي للمسلمين وهو المقتدى، لابد للناس أن يعرفوا أن الانضمام تحت عباءة المرجعية هو السبيل المستقيم وأن الانضمام لغير المرجعية هو انحراف وبعد عن أوامر الأئمة عليهم السلام المفترض أن لا تغرنا الشعارات البراقة أن يأخذنا الحماس ونتبع غير الحق ونميل إلى الباطل ولأن الباطل له بريق وجماعة الباطل كثيرة. فحفظ الله المعظم أية الله العظمى السيد علي السيستاني وحفظ مراجعنا العظام ورحم الله الماضين نسأل الله سبحانه وتعالى أن يفرج عن المسلمين وأن يعجل فرج إمام زماننا والحمد لله رب العالمين.
https://telegram.me/buratha