احمد عبد الرحمن
في أي نظام سياسي ديمقراطي يعتمد السياقات السليمة في ادارة شؤون المجتمع والتداول السلمي للسلطة، تكون الاختلافات في الرؤى والتصورات والمواقف السياسية امرا طبيعيا، بل انه لابد ان تكون مساحة الاختلافات -ولانقول الخلافات-كبيرة للمحافظة على ديمومة النظام الديمقراطي، وقطع الطريق على اية نزعات استبدادية اقصائية لهذا الطرف او ذاك، من شأنها ان تفتح الابواب لنشوء سلطات ديكتاتورية تصادر الحقوق والحريات وتقلب المعادلات والتوازنات السياسية والاجتماعية القائمة في المجتمع رأسا على عقب.ولعلنا من خلال المتابعة والرصد للتجارب الديمقراطية المختلفة نجد مصاديق الاختلافات السياسية بصورة واضحة وفي ظظل مستوى عال ومقبول جدا من الاستقرار السياسي والهدوء الامني، وتوفر المستلزمات والاحتياجات الحياتية لعموم افراد المجتمع على اكمل وجه.عنصر النجاح في تلك التجارب يكمن في عملية الفصل الحقيقي بين ما هو سياسي، يتمحور حول اختلاف وتنوع البرامج والرؤى والمشاريع السياسية للقوى والتيارات السياسية المتحركة في الساحة والمتنافسة بأستمرار على اصوات الجمهور، وبين ماهو يمس بأوضاع الناس بشقيه الامني والخدمي.والمعادلة بين هذين الطرفين هي في الواقع معادلة حساسة جدا ، واي اختلال فيها لصالح السياسي يتسبب بكم كبير من المشاكل والازمات، ويمهد الطريق لاختلالات وتصدعات وهزات واضطرابات لايمكن للنظام الديمقراطي ان يحافظ على وجوده بوجودها.فغياب الامن يعني غياب السلم الاجتماعي، ويعين لفقدان الثقة، ويعني الاحتكام الى قوة السلاح، ويعني انحسار دور الدولة لصالح دور العناوين الاخرى.وغياب الخدمات يعني غياب مبدأ العدالة، واتساع مساحات الظلم والغبن والحيف والاهمال، ويعني تفشي ظواهر ومظاهر الفساد بكل اشكاله وصوره، ويعني رجحان كفة الدمار والخراب على كفة البناء والاعمار.وغياب الامن والخدمات يبرز جليا حينما تتجه القوى والفاعليات والشخصيات السياسية الى تجيير كل ما يمكنها تجييره واستغلاله لتأمين مصالحها الخاصة، وتحقيق المزيد من المكاسب والامتيازات في اطار دوائر ضيقة ذات عناوين معينة على حساب الدائرة الوطنية الكبيرة.وللاسف فأنه في العراق مازالت المعادلة بين السياسي، والامني والخدمي مختلة ومضطربة، واذا لم يصار الى تعديلها وتصحيح مسارها فأن أي حديث عن الاصلاح والتقدم والنهوض لن يتعدى الشعارات، ولن يتجاوز حدود المنبار الاعلامية والسياسية، ومااكثرها.
https://telegram.me/buratha