المقالات

البطالة في العراق ,, بين سوء التخطيط والتطلع إلى الاستثمار

1549 22:24:00 2011-05-14

حسين دويج الجابري

تعتبر البطالة بشكليها المقنع والكلاسيكي تهديدا يؤثر على الحياة العامة في العالم , وقد ازدادت نسب البطالة في المجتمعات كافة في العقود الأخيرة لأسباب كثيرة يأتي في مقدمتها الزيادة الواضحة في ارتفاع نسب السكان وكذلك التخطيط المنقوص الذي لا يضع كافة الاعتبارات الآنية والمستقبلية في حساباته ,, كما إن النظريات الاقتصادية المعمول بها في المراحل المختلفة بعد الثورة الصناعية في بريطانيا كانت تلتفت إلى تحقيق الأرباح وتعمل على زيادتها وتتغافل عن العوامل المجتمعية التي تزداد تضرر يوما بعد آخر ,, كما إن المجتمعات والعربية منها على وجه التحديد أثبتت على مر العصور بأنها تنفجر وتغير في السياسات التي يتحكم بها الاقتصاد كلما زادت نسب البطالة ,, ولكن غالبا ما تصادر جهود الشعوب بعد أمد قصير من فرحة التغيير لتجد واقعا لايختلف كثير عن الواقع الذي دعا للثورة ,,

ولان العراق احد البلدان التي تتمركز فيها أسباب الاقتصاد المتفوق مثل الموارد النفطية الكبيرة والمساحات الزراعية الواسعة والموارد البشرية فان ارتفاع نسب البطالة هي ضمن دائرة التخطيط غير الناضج ,

ويقول رئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي والاستثماري في مجلس محافظة ذي قار الأستاذ احمد طه الشيخ علي إن البطالة في العراق لاتعد بطالة في مقاييس البلدان الأخرى فنحن نعرف إن العاطل عن العمل هو الإنسان الذي لايتوفر لدية عمل في المؤسسات الحكومية والأهلية أو مشاريع صغيرة على المستوى الشخصي ,, وان الحال إن الكثير من أبناء العراق يمتلكون أعمالهم الشخصية مثل المشاريع التجارية أو المشاريع الصناعية الصغير والعاملون الحرفيون في المهن المختلفة كما لدينا الكثير من الحرف , ويقول إن هؤلاء رغم وجودهم في أعمالهم المستقرة نسبيا والتي توفر لهم مداخيل جيدة هم يعتبرون أنفسهم عاطلين عن العمل ويطالبون بالتوظيف على ملاكات دوائر الدولة ,, ويقول إن المفهوم السائد في العراق إن الموظف على ملاكات الدولة هو فقط غير العاطل عن العمل ,, ويشير الشيخ علي إلى إن المؤسسات الحكومية منذ العام 2003 اتخمت بالملاكات وهي تنوء بأثقال كبيرة ومرهقة نتيجة البطالة المقنعة المتراكمة ,, ويرى رئيس لجنة التخطيط إن الانفتاح الاقتصادي وفتح آفاق الاستثمار التوجه الواضح للحكومة العراقية سوف ينقل البلد إلى نقلة جديدة تحد من أزمة البطالة بشكل جذري ,, وأضاف إن العالم اليوم يدرس أسلوبا جديدا للاقتصاد الاجتماعي الذي تدعم فيه الحكومات السلع الأساسية وتراقب الأسعار وهذا يعد مقتربا للفكر الإسلامي الذي بادر إلى أطلاق هذا المعنى ,, وأكد على إن المستقبل القريب سوف يكون أكثر ازدهارا وان المطالبات بالتعين على ملاكات دوائر الدولة سوف تتقلص إلى حد كبير ,, وقال ربما نشهد موجة استقالات من الوظائف الحكومية والتوجه إلى برامج التجارة والصناعة والاستثمار ,,

فيما عزا عضو مجلس محافظة ذي قار الأستاذ هادي ياسر كريم أزمة البطالة إلى سياسة النظام السابق والتراكمات من ألا تخطيط وقال إن البطالة تدمير لأهم عنصر في التنمية وقتل للموارد البشرية التي تتنازعها صراعات نفسية كبيرة تؤثر على الحياة العامة , ورمى الكرة في ملعب وزارة التخطيط كونها لم تختار البرامج المناسبة للنهوض بالواقع العراقي , وقال يجب أن يأخذ القطاع الخاص دورة في الحياة العامة وتعزز لدى رجال الأعمال والشركات العراقية روح الانتماء والوطنية خاصة وإننا مجتمع معظمة من المسلمين الذين يؤمنون بالتكافل الاجتماعي والتعاون والإيثار ,, ونوه إلى إن الاستثمار والانفتاح بحاجة إلى بنى تحتية متينة وان المرحلة الحالية من حياة العراق تركز على تأسيس هذه البنى التي من غيرها لانقدر على استقطاب الرساميل الأجنبية ,, وأضاف إن ثمانية أعوام ليست كبيرة في أعمار الشعوب وان العراقيون تجاوزوا أزمة لو قدرت أن تكون في بلد آخر لما استطاع أن ينهض بهذه السرعة ,,

ومن جانبه قال مسؤول قسم الأعلام والعلاقات العامة في هيئة استثمار ذي قار حيدر عجيل زاجي إن البحث في المجتمع العراقي وشخصية الفرد في هذا المجتمع لها اثر كبير في العمل والبطالة ,, وان الإنسان العراقي وفقا للظروف المحيطة به يعمل على قاعدة التميز التي غرسها فيه المجتمع وان نزوح الطبقات مع بيئتها الأساسية ألا ما تظنه أفضل شكل مشكلة جديدة آثرت بفاعلية على المجتمع والاقتصاد وتحكمت في السياسة أيضا ,, وقال أن قانون الاستثمار والذي تعقد علية الحكومة العراقية الآمال لنقل العراق من الفكر الاشتراكي إلى الانفتاح لايمكن أن يأتي ثماره في الوقت الحاضر خاصة وان العالم ورؤوس الأموال الكبيرة اليوم لاتجازف كما قبل الأزمة الاقتصادية العالمية '' وقال لماذا كل هذه الآمال على الاستثمار في أن يحقق قفزات نوعية في الاقتصاد العراقي ؟ ولماذا لانلاحظ ما فعلة تبني سياسة الانفتاح في مصر ؟ وهل شكل الاستثمار والانفتاح فيها وبعد أكثر من عشرين عاما ألا امتيازات هائلة للمستثمرين وفقر فاق التصورات للشعب ,, وقال إن البطالة على مايبدوا والمقنعه منها تؤثر سلبا على القرارات السليمة والتخطيط الواعي للمستقبل ,, كما أشار ألا إن الاستثمار بحاجة إلى مقومات من أولوياتها البنى التحتية المتينة وليس المشاريع المتهرئة التي يحصل عليها رجال الأعمال العراقيون بأساليب غير شرعية ولاتشكل في الأساس حلا لأي مشكلة اقتصادية ,,

ويرى المواطن أنور جعفر الموسوي إن الحياة في العراق أصبحت قاسية جدا وان البحث عن عمل في هذه الظروف أصبح بحكم المستحيل , وقال إن الحكومة بين الأحيان تعلن عن وظائف كثيرة في ميادين مختلفة وفي قطاعات كثيرة ولكن على مايبدوا إن حالة الواسطة والمحاصصة لن تفارق العراق أبدا ,, فلقد كنا نسمع عن دولة يحكمها الأخيار ويساهمون في إشاعة العدل بين أبناءها , وقال أنهيت دراستي في المعهد التقني منذ العام 1992 ووجدت أن الظروف قاسية وان العمل في الوظيفة الحكومية لايتناسب ومتطلبات العيش في ظروف اقتصادية وأمنية غاية في الصعوبة فاضطررت إلى ممارسة العمل كسائق سيارة تكسي ولكن هذا العمل رغم انه كان يوفر مستلزمات العيش في تلك الظروف ألا انه لم يعد كذلك هذه الأيام '' فيما قالت السيدة نهاد موسى بأنها تخرجت من معهد المعلمات في العام 1998 وهي لم تحصل على وضيفة حتى هذا اليوم بينما الكثير من نظيراتها ومن الخريجات الجدد أخذن فرصتهن في التعين على ملاكات التربية , وتقول إن الأسباب هي أنها من المجتمع العراقي الفقير الذي لايستطيع تقديم الرشوة والذي لايمتلك واسطة قوية ,,

وقال الفلاح ثجيل عريف الجابري إن ملاك الأراضي في العقود الماضية أعجبتهم الحياة المدنية من جانب وتحت ضغط أبنائهم الذين التحقوا أما بالجيش أو الوظائف تركوا الزراعة واغرقوا الحرف والصناعات والتجارات الصغيرة في السوق العراقية , ونتيجة لعدم خبرتهم في هذه الأعمال فقد شهدت هذه الصناعات ضعفا استمر إلى يومنا هذا كما إن الأراضي الزراعية أصبحت بورا ,, وقال في منتصف التسعينيات من القرن الماضي قام النظام البائد بممارسات تعسفية ضد الشعب العراقي أجبرت أصحاب الأراضي للنزوح مرة أخرى إلى الريف وبداء العمل في الزراعة من جديد , ولكن شحت المياه والتخطيط غير الناضج لتسويق المحاصيل اثر سلبا على الاقتصاد من جديد ,, وحث ثجيل الجابري الحكومة على تفعيل المبادرة الزراعية وتشجيع الفلاح على زراعة المحاصيل الزراعية الأساسية التي اشتهر بها العراق لكي نقفز من مرحلة الاستيراد إلى مرحلة الاكتفاء ومن ثم التصدير ,,

وقال احمد الزيدي صاحب مراب لتصليح السيارات '' إن الإحياء الصناعية تفتقر إلى التنظيم والى الأيدي العاملة الماهرة , وان الكثير من العاملين في الأحياء الصناعية هم من الخريجين أصحاب الشهادات الكبيرة , وهم جاءوا إلى العمل بلا رغبة منهم في تعلمه أو تطويره , وان أنظارهم معلقة باتجاه التعين في دوائر الدولة , لذا فان الحرف المختلفة في الأحياء الصناعية أصابها الخلل , وقال إن الكثير من المهن الأخرى لاتختلف عن ميكانيكا السيارات فالعاملون بها ينظرون أليها كمهنة مؤقتة لحين حصولهم على مكتب فارة , ومن هنا انتهى الإتقان وتصاعدت الشكاوى من قبل الزبائن ,, وأضاف إن المهنة مهما كانت إذا لم تجد النفس الراضية والحب والقابلية على التطور لايمكن أن تكون مفيدة بل تكون عباء ثقيلا على المجتمع ,,

فيما قال جابر مهدي راضي مدير شركة السما للمقاولات المحدودة ,, إن الازدهار في قطاع البناء والناتج عن الحركة العمرانية الكبيرة التي تشهدها البلاد وزيادة مداخيل الموظفين ورغبتهم في تشييد دورهم أو تطويرها استوعب الكثير من الأيدي العاملة العراقية , غير إننا غالبا ما نقع في مشكلة أساسية وهي عدم توفر الأيدي العاملة الماهرة , فالعراق الجديد بحاجة ماسة إلى توفر الطاقات الماهرة من اجل البناء السليم ,, وقال إن الأيدي العاملة في هذا القطاع كثيرة جدا , وان الكثير من أبناء العراق يلجاءون إلى العمل في مجال الإنشاءات كحل وقتي لمشكلة البطالة '' وقال نحن بانتظار مباشرة الشركات العالمية في تشييد مشاريعها الاستثمارية والتي سوف يكتسب من خلالها عمال العراق الخبرات في البناء المتطور ,,

مهما اختلفت الآراء فان البطالة تبقى تشكل خطرا محدقا بالبناء الاجتماعي وتهدد الاقتصاد , وهي بحاجة فعلية إلى رؤيا متجردة من المصالح الضيقة وخطوط واضحة باتجاه الإصلاح , .,,, هل يقدر لأمثالنا أن نرى ذلك الحلم البعيد وهو يلوح في أفق بلدنا المحبوبة ؟ سبحانه الله الذي ينفخ في العظام وهي رميم فيعيدها إلى الحياة ''

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
احمد ابراهيم
2011-05-15
للقضاء على البطالة اقترح اعادة من لديه حمسة عشر سنة ان يقدم طلبا على التقاعد برغبته وبدون اجبار كان هذا القرار منصفا لابناء الشعب العراقى ويحل تقريبا نسبة من البطالةلان اكثر الناس تعتقد وهو صحيج ان الوظائف الحكومية ضمان للمستقبل له ولافراد عائلته وشكرا
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك