عبد الكريم ابراهيم
اثار تقرير منظمة العفو الدولية حول العراق الكثير من ردود الافعال المتباينة ، بين مؤيد لكل ما ذهب اليه ، ومعارض يحاول التشكيك بالنوايا الحقيقية من وراء هذا التقرير .لو نظرنا للامور بنوع من الحيادية ، نجد ان منظمة العفو الدولية وهي هيئة دولية مستقلة تنطلق بتشخيصها من زاوية المصداقية التي تؤطر اغلب تقاريرها ،مع مبالغة في بعض الاحيان بسبب ضعف المصادر الاستقصائية المعتمدة في مناطق معينة.اشار التقرير الى جوانب مهمة كحقوق الانسان ، البطالة ، الفساد الاداري ، الخدمات ، المرأة وعقوبة الاعدام .و لو اخذنا كل هذه المفردات وناقشناها من كون العراقيون اهل المصيبة "واهل مكة اعراف بشعابها " .اولا مسألة حقوق الانسان في العراق قضية ذات ابعاد متشعبة وتحمل دلالات مختلفة ،وهناك بعض الضبابية التي تسود عمل بعض الاجهزة الامنية ،ولكن لاترتقي من اجل اثارتها بهذه الحدية العالية ؛لان الظرف العراقي معقد ومتداخل ، نجد معه من الصعوبة الوصول الى الحقائق بدقة متناهية ، ومع كل هذه الضبابية واحيانا يحب ان يطلق عليها المعارضون بالسوداوية ،يمكن القول ان وضع العراق في مجال حقوق الانسان افضل بكثير من بعض الدول المستقرة ولاسيما بعض دول الجوار . اما موضوعة البطالة ،فكانت النسبة التي اطلقها التقرير وهي 50 % مبالغ فيها ، فلايعقل ان يكون نصف سكان العراق تحت وطأة البطالة اذما اضفنا اليها البطالة المقنعة ،وحسب بعض الخبراء الحياديين ان النسبة الحقيقية تتراوح مابين 20 - 30 % وهي نسبة معقولة ومنطقية ورغم الاعتراضات الحكومية عليها .ربما يقول الفساد الاداري هو اخطر ما يواجه العراق اليوم ، لاسيما انه غدا سرطان استعصى على مؤسسات ذات العلاقة محاربته في ظل ظروف مشجعة تساهم من تفشيه في الكثير من مفاصل الدولة واتهام بعض المسؤولين بالكثير من قضايا من هذا النوع ،لم يستطع القضاء العراقي حسمها ،بسبب سياسة المجاملة وتسويف الحقائق ، ولعل ضعف الخدمات لا احد من العراقيين يختلف عليها ، حيث مازالت المؤسسات الخدمية غير جدية في معالجة الاوضاع واصبحت لازمة وماركة عراقية بامتياز ،لاسيما الكهرباء وماء الشرب والسكن والمجاري .المرأة العراقية هي الاخرى كانت حاضرة بقوة في هذا التقرير ، حيث المعاناة وانتهاك لحقوقها رغم قوانين "الكوتا " التي تحاول وضع بعض الضمانات الدستورية لها ،مع كل عانت المرأة العراقية من امتهان لحقوقها من قبل الجماعات المسلحة وزادت اعداد الارامل بسبب التركة الماضي الثقلية والعمليات الارهابية والتهجير القسري ،كل هذه الامور مجتمعة ولدت جيشا من الثكلى يئن بمشكلاته امام المؤسسات الحكومية التي وجدت نفسها عاجزة عن تحمل هذه الاعباء لانتشار الفساد الاداري في مفاصل شبكات الحماية الاجتماعية ورعاية الاسرة .اخطر ما في التقرير اثارته لموضوع عقوبة الاعدام التي تسعى بعض المنظمات الدولية الى الغاءها ،ولكن وضع كالعراق يجعل تطبيق عقوبة الاعدام ،امرا ضروريا لحماية حقوق الانسان من شرور من هو محسوب على صنف الانسانية ،وتأخير انزال هذه العقوبة ساهم في تدهور اوضاع العراق الامنية وبالتالي انعكس سلبا على جميع الاوضاع الاخرى .يمكن ان نعد تقرير منظمة العفو الدولية شحنة ضمير قد يقدر لها ان تذكي بعض النائمين في العسل وتغيير الامور السلبية وتحولها الى امور ملموسة تناغم هموم المواطن العراقي .
https://telegram.me/buratha