وليد المشرفاوي
يمكن للإعلام المنحرف والمأجور أن يشكل خطرا كبيرا على مجمل التحركات، فبالإضافة إلى انه يربك السياسات ويثير الفوضى في المواقف يشل حركة الأمة التي تحاول الانسجام مع أطروحة التغيير إن لم نقل يقهقرها إلى المربع الأول، لذلك جعل الأطر والضوابط التي من شانها توجيه القنوات الإعلامية والارتقاء بها إلى مستوى الإعلام الهادف والمسؤول أمر في غاية الأهمية والضرورة فهو لا يتقاطع مع الإبداع والابتكار وخدمة الحقيقة لان التنظيم لا يلازم فقدان الآراء وسحق الاختيار اللذان هما عماد الإعلام الحر القادر على التأثير كسلطة رابعة تساهم في بناء الأمة وتنظيم المجتمع وصولا إلى الأهداف السامية ومرضاة الله تعالى.لذلك فان ظروف العملية السياسية وتداعيات الانفتاح الديمقراطي يملي على الإعلاميين أداء رسالتهم بمنتهى الحذر لتجنيب العراق والمنطقة ما يراد لهما من شر وانتكاس. ما يتناقل اليوم على السنة الجميع وبالخصوص من المهتمين بالأمور السياسية والإعلامية والثقافية، بان الإعلام أصبح السلطة المؤثرة الرابعة بعد سلطات الدولة الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، حيث أصبحت هذه السلطة (الإعلامية) هي الكاشف والمبين الأول لسريان الأحداث وأبعاد توجه العملية السياسية الجارية في البلد وما يدور حولها من دفع وجذب أو اصطفافات وتكتلات وائتلافات سياسية متفقة أو مختلفة. كما أصبحت الأمة تقاس بوعيها وحريتها السياسية وتقبل الرأي والرأي الآخر وان كان لا ينسجم مع طموحات البعض، كما أن الإعلام يعرّف بالحالة الاجتماعية والصحية والأمنية والحضارية للبلد، وقد أصبح السلاح الأقوى للدفاع عن وجود الأمة وتطلعاتها وتمييز موقعها بين الأمم وخصوصا عندما يكون إعلام هادف ونظيف وتتطابق فيه حركاته وأهدافه مع عقيدة الأمة وغاياتها الكبرى. ومن المعلوم أن الأعلام أصبح حقلا واسعا مترامي الأطراف والأبعاد ذو مدارس ومناهج لها أساليب وخطط. كما انه يتطلب أحيانا التضحية بالنفس من اجل الكلمة الصادقة وإحقاق الحق. وفي الوقت نفسه يمكن أن يكون إخطبوطا مخيفا ومرعبا في تزييف الحقائق وتسفيه العقول والآراء واستعمار الشعوب بل استحمارها وتدمير إرادتها ومنعها عن مواكبة مسيرة التحضر وتطورها، وهو بعد ذلك الفعال في تأثيره السلبي وتشويش أفكار الطلائع الإسلامية الشابة وانزلاقها وراء الانحراف والغواية والفساد والتفرقة. وقد نرى ذلك فيما يمارسه الإعلام الكاذب وبما فتحت له من نوافذ كثيرة ومتعددة من الباطل والإغراء. بحيث اخذ يزاحم الإعلام الصادق بل يخاصمه ويقلب عليه حقائقه إلى أكاذيب وخدع وتزوير، تقوده مؤسسات إعلامية ضخمة وفضائيات فاسدة مشبوهة مسخرة من اجل حرف الأجيال عن أهدافها العليا وقيمها الإنسانية النبيلة لتكون مشلولة وعاجزة عن أداء رسالتها وبناء أوطانها.ومع الأسف أن هذه المؤسسات والفضائيات المرتبطة بالدوائر الظلامية المشبوهة والتي يشرف عليها ويقودها الكثير من الكوادر النفعية والمأجورة سابقا يساعدها بذلك أيتام النظام المقبور وأعوانه ومؤيديه من الحاقدين على أتباع أهل البيت (عليهم السلام) من إعلامي الدولة العربية وحكامها المجرمين الذين صعب عليهم نهوض العراق وتمتعه بالحرية وتنفسه الصعداء بعد سني الكبت والدكتاتورية والظلم البغيض. هذه الأجهزة الإعلامية الضالة سخرت كل وسائلها الخبيثة ضد العملية السياسية الجارية في العراق، وقد آلت على نفسها إلا تذوق النوم أو الراحة إلا بإرجاع كان إلى ما كان ليسود الظلم والتفرقة في بلد الرافدين ويخيم الخوف مرة أخرى عليه لا سامح الله تعالى.. ومما يزيد الطين بلة إن الإعلام المؤمن بالعراق الجديد وبالعملية السياسية الجارية لا توجد بين مواقعه وحدة تنسيق ولا توجد له برامج إعلامية متقاربة أو متظافرة في الأهداف والوسائل والغايات. فأكثرها يشرق أو يغرب أو يغرد خارج السرب ضعيفا وحيدا. وقد يتقاتل داخليا بعلم أو دون أن يعلم وفي أكثر الأحيان تكون حركته عشوائية وبعيدة عن الطرح الموضوعي والسليم فضلا عن التناصح والتوجيه المسؤول. كما أن فيه حالة غير مرضية وغير صحية وهو التأخر في طرح الحقيقة بل عدم الواقعية لذا يترك جماهيره مدة غير قصيرة في حيرة عن فهم المطلوب لذا تلعب به الشائعات والأكاذيب التي تخلق من الحبة كبة ومن الذرة جبل فتنقلب الحقائق ويتحول الليل نهار والنهار ليل وهكذا دواليك لذا على إعلامنا الوطني الإسلامي الأصيل أن لا يكون خفيف في الميزان ويركض وراء السراب ويعتقد الحقيقة كوليمة جحا. وان يحذر الخدع الإعلامية المدفوعة الثمن التي يروج لها الإعلام العالمي المدسوس. إن المطلوب من إعلامنا في هذه المرحلة أن يكون السلاح الأوفر حظا في هذا الزمان لكشف دسائس الأعداء الشيطانية، كما انه هو المسؤول الأول عن تنقية الأجواء التي يخلقها الإعلام المسموم المعادي للأمة والدين والوطن. وعليه أن يتصدر الخطوط الأولى في الدفاع عن الشعب وان لا يبقى متفرجا ثانويا ليس عنده رأي حيث يسبب سلوكه هذا تعثر في أكثر قضايانا السياسية وعدم إعطاء الرأي فيها.وعليه أيضا أن يطرح المسائل دون خوف أو تردد، وان يكون إعلاما نشطا ومبادرا وليس تبعيا بل ناطقا بالحق صريحا يضع النقاط على الحروف غير آبه أو متملق، كما ينبغي أن يكون شفافا في طرح القضايا العصية موجها ومنظما وليس أداة تخريب بين العاملين السياسيين. كما أن المطلوب منه أن يكون حريصا على لم الشمل ووحدة الحركة الإسلامية التي جاهدت الطاغوت أكثر من نصف قرن، وعلى إعلامنا أن يكون واضحا غير مجهول في غاياته وأهدافه، وان يتخلق بأخلاق الله تعالى بعيدا عن حالة الوخز والتجريح واهانة الآخر أو تحقيره بل إعطاءه أخطاءه بيده صراحة وان يكون إعلاما ثابتا ولا ينجر إلى الفوضى والمهاترات. وان أجمل ما في إعلامنا نحن إتباع أهل البيت (عليه السلام) أن يكون ذا مصداقية في نشر مطالب الشعب ومظالم المجرمين وعلى كل المستويات ويجب أن تكون أهم محاوره حمل هموم الشعب وظلامة الدين وكشف مؤامرات الأعداء قديما وحديثا لكي يؤرخ للحقيقة الضائعة. ومن مهمات إعلامنا حفظ وحدة الوطن والشعب ومحاربة التمزق والاختلاف والتحلي بالروح الوطنية الرحبة البعيدة عن الطائفية والعنصرية والروح الحزبية المقيتة، كما عليه أن يتناول الأمور بأفق واسع بعيد عن ضيق الأفق أو التحامل على الآخرين بدون أرقام أو أسباب موجبة كما عليه أن يبتعد عن المصالح الشخصية ويكون رائده الحق وبعيد عن الصفقات السرية والضغوطات الطامعة، والتي بسببها تختل القيم والموازين ويسود الكذب وروح النفاق. إن المطلوب بصورة ملحة في هذه المرحلة الارتفاع بالحراك الإعلامي إلى مستوى الدول المتطورة ولو نسبيا وتدريجيا حتى نبلغ المرام المطلوب وهذا اقل ما يمكن أن يقوم به إعلامنا إلى شعبنا الكريم الذي عانا ما عانا من حكام الجور والظلم .
https://telegram.me/buratha