كريم الوائلي
يرجع تشكيل الرؤية القيادية عند شخصية القائد الى فهم عوامل النهوض والاصلاح في امته ووعي ادوات ومهيمنات الاستبداد والقدرة على مد المقاربات مع مختلف مكونات الامة واطيافها والتغلغل بين طبقات وشرائح الجمهور الذي يشكل البيئة التي استمد منها القائد رؤيته وملامحه القيادية ومن اهم عوامل تبلور الشخصية القيادية الوعي المبكر بمسؤوليتها وتكليفها واحقيتها في تبني قضايا الوطن والامة ، وتختزن الحالة العراقية كم هائل من الزخم والعزم الذي افرزته جهادية الشعب العراقي عبر عقود طويلة من المواجهة مع الاستبداد السلطوي ، وغالبا ما يجد شعب العراق نفسه في مواجهة انماط جديدة من الاضطهاد والتسلط تختلف بأختلاف الحاكم والمرحلة التاريخية ومهيمناتها ، وعند العودة السريعة الى بواكير نشوء الدولة العراقية والقيادات التي حكمت العراق نجد انه رزخ تحت سلطة حكام لا دور للشعب في اختيارهم ، ففي عام 1921 استقدم الحاكم و الشعار والعلم من منظومة مختلفة عن المنظومة المحلية وفي عام 1958 وما تلاها قفز حكام الى السطة عبر وسائل الاكراه والقوة ولم تكن لهم سابق بمعرفة باسس انشاء الدول ولم يكونوا رجال حكم بالاصل او ناشطون في العمل المدني ذات الصلة بالجماهير وبالانشطة الاجتماعية المختلفة ، ولم يكن زمنهم قادر على منحهم دربة في العمل الوطني ولا دراية لهم بهموم الناس وليس لهم تجربة في العمل الجماهيري المباشر ، بل ، هم نتاج النزعة العسكرتارية التي كان ينظر لها على انها منتهى الانضباط والقسوة ومعيار الرجولة والسلطة وكانت البزة العسكرية والانواط المجانية تحسب على انها دال الوطنية الوحيد ، ولم تكن لمعانات الجماهير ومحروميتهم وهضم حقوقهم اي اعتبار يذكر ، وعلى ذلك نمت الريبة ونبت الشك وتقهقرت الثقة بين الجماهير والسلطة وبعدت الازاحة بينهما الى حد بعيد في وقت توارت فيه الشخصية القيادية المنبثقة من الوسط الجماهيري ، وكان من نتاج ذلك استنباط فكرة يتوارثها حكام العراق تفيد بأن الشعب العراقي لا يمكن لأي حاكم ان يستمليه او يرضيه وتبعا لذلك لا مناص من حكمه بالحديد والنار والقهر ، ووصل الامر بصدام حسين ان قال جهارا بأن الشعب العراقي عصي على الاستملاء وعلى ذلك انعدمت مصادر جماهيرية ((القائد)) الذي يمثل هنا رأس السلطة المستبدة وتفاقمت عزلتها وانزواءها بعيدا عن الجماهير فتشرنقت في القصور الرئاسية وما توفره لهم من رفاهية على حساب ملايين العراقيين المحرومين . وبقدر ما تتعدد جسور العلاقة وتتقارب الازاحة بين القائد وشعبه تتحدد مصداقية القيادة وتتعمق التجربة القيادية وتتسلح بمستويات جديدة من انماط القيادة وتقترب من معانات واحتياجات الجماهير وبذلك تتشكل الرؤية المستقبلية للقائد ومنها يستنبط خارطة الطريق الى بناء بلد مزدهر تتحقق فيه اماني القائد المخلص لشعبه بتحقيق ما يرجوه لبلاده . ويأتي الارث الجهادي للشخصية القيادية ليشكل المصدر الاهم لجماهيرية القائد بوصفه يعطي مصداقية حقيقية ومجربة للقيادة الشابة التي ورثت من الآباء والاجداد القيادة المركبة من العلم والمعرفة والامانة والمنزوعة تماما من مهيمنات السلطة واغراءآتها والمزينة بالسماحة والايمان والمختارة من افاضل العلماء وسواد الناس ، ويعد هذا المصدر من اسباب ثقة الجماهير بقائدها الشاب .وتتصدر سلسة التضحيات الضخمة بالاموال والارواح والمعانات وطول عهد الاقصاء والاستبداد على مرأى ومسمع من الامة لتشكل صورة الشخصية القيادية وقوة عمادها وصلابة عودها فتمد القائد بمصدر موثوق من مصادر الجماهيرية ، كا يؤشر الزهد بالحكم والمناصب واحد من اهم مصاديق وثقة الناس بقائدهم الماسك بزمام التغير و القادر على دفع الجماهير للخوض في المعترك التحرري والعبور الى ضفة الخلاص والامن والرفاهية والاستقرار . وتتسع جماهيرية القيادة الشابة اثناء الخوض المباشر في المعترك الاصلاحي في مرحلة توصف بالتعقيد والخطورة وفي زمن غابت فيه القيادات الموثوق فيها العاجزة عن الإيفاء بوعودها ، وانحياز الامة الى ولاداتها التاريخية سليلة المدرسة الاسلامية الاصلاحية التي تختزن التجربة الجهادية وتتصف بالحنكة والدراية
https://telegram.me/buratha