وليد المشرفاوي
الإمام السيستاني يعتبر من أولئك الرجال الأفذاذ تتجلى في كل جزء من فكره أخلاق الأنبياء , ويتجسد في روحه السلم واللاعنف , وقد نهل من ذات المدرسة التي تعلم منها أستاذه وأستاذ الأساتذة والعلماء الأفذاذ زعيم الحوزة العلمية الإمام الخوئي (قدس) فالقنابل أينعت في يديه نخيلا (كنخيل دجلة والفرات )من العطاء أثمرت رطبا جنيا , أثمرت صمودا رائعا , الإمام السيستاني نموذجا للأخلاق الفاضلة , جامعة للعطاء , كان من حواري زعيم الحوزة (الخوئي العظيم) , من تلاميذه الذين أصبحوا عاصفة خير هبت على دنيا الإسلام في العراق , الإمام السيستاني أشعل بصمته وحواره وسلامه وخلقه وتواضعه الجم قناديل النصر , أيقظ ضمير الأمة , جعل الفجر ينهض كسرب حمام , استبدل الزمن السيئ بزمن الكرامة , زرع حقول الأجيال بثياب القرنفل , أعاد للمصابيح المنطفئة أنوارها , السيستاني في مجلس الفقهاء تراه الفقيه الاورع الصائب المسدد ,وفي الأخلاق الفاضلة معلم صديق أمين مجدد , وفي السياسة سهم ورمح وسيف مهند يأتي اليه الساسة ليأخذوا الدروس والعبر والمواعظ والإرشاد من سياساته الحكيمة , وفي الحوار تراه الرجل المحاور من الطراز الأول , وفي اللاعنف والسلام تراه كيف يحول البارود إلى رماد ورمل مفروش بالسلم والأمان , هذا هو السيستاني الذي تخرج من تلك المدرسة التي كانت سحابة تسقي الأرواح بمزن الربيع , وشلال فكر يمزق حجب الظلام , ليقول العالم انه تخرج من مدرسة باب مدينة رسول الله المدرسة التي تقول ((علمني رسول الله ألف باب من العلم يفتح من كل باب ألف باب )),ومع كل ماجرى في العراق منذ سقوط النظام ألصدامي بقي السيستاني اطهر من كل ألاعيب الساسة والقادة وفوق الاتجاهات والميول , ولطالما أكد ويؤكد حرصه على الجميع ورفضه لمحاباة زيد أو عمر ,فهو أبو العراقيين بعربهم وعجمهم , بشيعتهم وسنتهم , بمسلميهم ومسيحييهم وصابئتهم ,بمؤمنيهم وملحديهم , الخيمة التي يستظل بها الجميع , وهو ذو القلب الرحيم الكبير والعقل النير الحكيم , سيبقى السيستاني عصيا على الانتهازيين والفاشلين , وسدا منيعا بوجه كل المؤامرات التي تحاك ضد العراقيين ,وصمام الأمان في صراع الإرادات الوافدة على ارض الأنبياء والأوصياء , إن مرجعية الإمام السيستاني لم تسلم من حقد الحاقدين وكيد الكائدين وقد تم توظيف جهود كبيرة وحثيثة للإساءة إلى الإمام السيستاني بشتى السبل , فقد تعرضت هذه المرجعية الرشيدة إلى اكبر قدر من الانتقادات لمعرفة الحاقدين بأهمية هذه المرجعية وعظمة هذا الرجل بالذات , وظلوا يروجون الأكاذيب وترهات مفادها إن السيد السيستاني يهادن الاحتلال , وقد عاد هذا الزور والبهتان إلى أصحابه بعد المواقف السياسية الرائعة التي اتخذها السيد السيستاني واهما الدعوة إلى الانتخابات والتي أثمرت بانبثاق حكومة ائتلاف وطني يمثل جميع الأطياف العراقية ولعمري بان الانتخابات هي أول واهم الخطوات لتحرير العراق من الاحتلال وتخليصه من الأجنبي ,إن المتتبع لتاريخ المراجع يجد أمثلة رائعة على مقارعة الظلم ومقاومة الأجنبي , وكانت الحكومات المتعاقبة على العراق تحسب لمراجع الشيعة ألف حساب , ولكنها الحكمة البالغة التي كان يتعامل بها المراجع مع الحكومات ظاهرها المهادنة وباطنها الصبر على البلوى من اجل الحفاظ على بيضة الإسلام , إن تحرير العراق لن يتحقق بعمليات الاختطاف والقتل وذبح المدنيين الأبرياء وهذه العمليات لن تستنزف العدو أصلا لان الأمريكان تعلموا كيف يحصنون أنفسهم , العراق سيحرره السيد السيستاني بنداء سلمي سيأتي في وقته وستحسب أمريكا لذلك النداء ألف حساب ,خاصة وان أمريكا لم تهزم الجيش العراقي والعراقيين بل هزمت الجيش ألصدامي الذي انهزم من تلقاء نفسه لأنه جيش غير مؤمن بما يقوم به , فالتحرير عملية صعبة معقدة له طريقان احدهما سلمي والآخر عسكري , ولا يخفى عقلا استحالة إلحاق الهزيمة بالآلة العسكرية الأمريكية في مثل هذه الظروف ,وإما من الناحية السياسية نقول نعم ,وقد ثبت أن المقاومة السلمية هي الأخرى مقاومة , وقد تكون أقوى وانجح من المقاومة العسكرية وكلنا نعرف كيف استطاع المهاتما غاندي هذا الرجل النحيف ذو الرأس الحليق والذي يرتدي وزرة بيضاء وهو في أرذل العمر أن يحرر بلاده من الاستعمار وكيف انه لم يكن يدعو إلى عصبية بل كان يدعو إلى الهند الموحد ,وكان مبدأه التسامح فقاد شعبه الفقير المشتت ذو الأطياف المتعددة نحو الاستقلال ,ولم يسجل عنه بأنه رد على الغوغاء الذين تعرضوا له بالاهانة ,وهكذا السيد السيستاني الذي لم يسبق له أن دعا إلى إقامة دولة شيعية مع إن الشيعة هم الأكثرية ولم يدع إلى تغليب مصلحة الشيعة على الآخرين وقام برعاية العملية السياسية كأب لجميع العراقيين ,فهو صانع الديمقراطية وصانع السلام وصانع التحرير الأكبر , وان السيد السيستاني الذي درأ الحرب الأهلية بكوارثها سيدرأ الحرب مع أمريكا أكثر وأكثر ويوصل الشعب العراقي إلى غايته في التحرير بصورة سلمية وإذا لزم الأمر سيكون هو أول المضحين من اجل كرامة الأرض وهو سليل الإمام الحسين (ع) لذي علم البشرية كيف يكون الثبات والإباء والتضحية وعلم البشرية كيف ينتصر المظلوم , إن وجوده الشريف بركة وصلاح للجميع , لان من فجر اكبر وأقدس واشرف ثورة هي الانتخابات قادر على أن يحرك الأرض من تحت أقدام الغزاة الطامعين إذا استوجب الأمر وفي الوقت المناسب .
https://telegram.me/buratha