احمد عبد الرحمن
مازالت الهوة واسعة جدا بين المسؤول والمواطن.اين يكم الخلل في ذلك؟..لاشك ان الاسس الدستورية والقانونية التي استندت عليها التجربة الديمقراطية في العراق الجديد، هي اسس صحيحة وسليمة رغم وجود بعض الملاحظات والتحفظات والمؤاخذات عليها من قبل هذا الطرف او ذاك، وهذا امر طبيعي جدا ومتوقع ازاء تجرية حديثة العهد ولم تتعد وتتجاوز بعد مخاضات التأسيس والنشوء والولادة، ولم تتغلب على الكثير من المصاعب والمخاطر والتحديات.والمشكلة قد لاتكمن في الاطر النظرية الا بمقدار قليل جدا، ولكنها بجزها الاكبر تكمن في امور اخرى تتعلق وتتمحور حول السياقات العملية ومنظومات السلوك، وثقافة الادارة والتوجيه.وفي النظام الديمقراطي-أي نظام ديمقراطي-ينبغي ان يكون المسؤول، وخصوصا في السلطتين التشريعية والتنفيذية قريبا جدا من هموم المواطن ومشاكله وطموحاته وتطلعاته، وان يبذل اقصى جهده من اجل تحقيقها، وان يكون مستعداد للمساءلة والاستجواب والاستيضاح، ويمتلك اجوبة مقنعة يطرحها عبر المنابر السياسية او من خلال وسائل الاعلام، بعيدا عن الخداع والتضليل والتمويه واطلاق الوعود الزائفة والبراقة كيفما اتفق.ولكن ان يحيط المسؤول نفسه بمظاهر الابهة والفخامة مستفيدا من الصلاحيات الممنوحة له والامكانيات الكبيرة الموضوعة تحت يديه، ولايكلف نفسه النزول الى الشارع للوقوف على الحقائق، بل واكثر من ذلك لايكلف نفسه متابعة ما تنشره وتبثثه وسائل الاعلام من تقاريري عن الناس ومشاكلهم، والاكتفاء بالتقارير المضللة التي ترده من جهات تتعمد تزييف الحقائق وقلبها، ورسم صور غير الصور الموجودة على ارض الواقع، لنيل رضا المسؤول وكسب الامتيازات، اذا كان الامر كذلك، وهو بالفعل كذلك في العراق حاليا، الا استثناءات قليلة، فهذا يعني ان هناك خللا كبيرا وخطيرا ، تزداد خطورته عندما يغيب نكران الذات ووتفاقم وتستفحل ظاهرة الانا لدى المسؤول، بحيث يصبح جل همه التفكير بأمتيازاته ومكاسبه، وفي افضل الاحوال الاهتمام بالدائرة الضيقة المحيطة به من اقاربه وذويه واتباع حزبه.ما يحصل في مجلس النواب من تعاطي مع القضايا التي تمس حياة الناس وشؤونهم، ومايجري في الحكومة، ومايجري في عموم المشهد السياسي الراهن يؤشر بوضوح الى المسؤول لم يقم بواجبه حتى الان، والمواطن لم ينل ولو جزء من حقه.
https://telegram.me/buratha