محمود غازي سعدا لدين
ما دعاني إلى كتابه هذا المقال , بعد أن كنت قد عزمت التوقف لفترة عن الكتابة وعدم الخوض كثيرا في الشؤون السياسية عموما , لعدة أسباب ومنها التفرغ لدراسة لغة الدولة التي احتضنتني وآوتني وشملتني برعايتهم وإنسانيتهم التي لا حدود لها , ولكن الخطأ الذي وقعت فيه أو بالأحرى أوقعت فيه من خلال مقالي الأخير(يعجبنا وما يعجبنا) والذي أشرت فيه إلى وفاة الفنانة الكوميدية العراقية الرائعة أمل طه , بعد شيوع خبر وفاتها عبر صفحات الإنترنت والعديد من المواقع الالكترونية والمنتديات , وقد حاولت جهد الإمكان من خلال استبيان ومتابعة ذلك حتى أصبح خبر وفاة الفنانة أشبه بالمؤكد لي , بعد الكم الكبير من الأخبار التي روجت حول ذلك , ولكن بعد اتصالي عبر الايميل بقناة العراقية وردني تأكيد بان لا صحة للخبر وان خبر مثل ذلك سيذاع عبر القناة العراقية ولن يكون ذلك أمرا خافيا مخفيا .هنا أريد أن اعبر عن أسفي للفنانة القديرة متضرعا إلى الله أن يمنحها العافية والصحة وتعود إلى أروقة الفن العراقي الأصيل وتمتع مشاهديها بفنها الكوميدي الرائع , الذي بات الشعب اليوم العراقي اليوم أحوج لمن يرسم بسمة على شفاهه وسط قتامه الأحزان والكوارث والمصائب التي أصابته من وراء جماعات الإرهاب والجريمة والفساد ,, وليس أفرادا يريدون إطفاء شمعة الأمل في نفوس من يريد بث روح الأمل والحياة والابتسامة على شفاه من فارقت شفاههم الابتسامة .الغريب في ألأمر أن المواقع والمنتديات التي أذاعت الخبر لم تنفك لتؤكد الخبر وصحته ولم تتحرك قيد أنملة لنفي الخبر بل أصرت على صحته , ولحين كتابتي هذه ألأسطر لم يتسنى لي صحة الخبر من عدمه رغم استقبالي للرسالة الالكترونية من القناة العراقية ..هنا أود القول هل باتت ثقافة وأخبار الموت تستهوينا ولينشر خبر موت فنان وهو من المحتمل أن يكون على قيد الحياة وبصحة وعافية وخير ,, فهل باتت مجتمعاتنا وأعلامنا في الدرك الأسفل وبمستوى هذه الثقافة الوضيعة لكي تستبدل ثقافة الحياة والسلام والطمأنينة , ويؤخذ ويستعاض عنها بثقافة الألم والموت والمآسي والتي تلف وطننا على يد جماعات الإرهاب والجريمة ..لا استغرب أن يصل إعلامنا الهزيل في مجتمعاتنا( مع أخذي بنظر الاعتبار بعض الاستثناءات البسيطة هنا وهناك) إلى حدود الوضاعة والخسة بان يحولوا كل شيء ويحرفوه , حتى بت أستطيع القول أنهم قد أضحوا ليحيوا الموتى ويميتوا الإحياء,, أو بمعنى أدق واشمل يخرجوا الحي من الميت ويخرجوا الميت من الحي والعزة لله وحده ...هذه هي الطامة الكبرى التي أصابت هذا الإعلام الهزيل ,, بالأمس القريب عندما اعدم المقبور صدام وأشيع خبر إعدامه (صعق من صعق وذهل من ذهل قائلين ,, أفصداما يشنقون في يوم العيد) وخرجت الكثير من وسائل الإعلام والفقهاء والشخصيات المختلفة على اختلاف مشاربها طبعا ليطعنوا في خبر موته وقبره وقاموا بسرد وخلق القصص والأساطير حوله وان صورته قد ظهرت على القمر وكانوا قاب قوسين أو أدنى ليقولوا وما شنق وما قتل ولكن شبه إليهم ولكن الله رفعه إلى السماء !!نفس الحدث تكرر بمقتل زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي إسامة بن لادن وضج الإعلام (بعد الصدمة طبعا) وباتوا يتخبطون لا يعلمون (رأسهم من رجليهم) وباتوا يتخبطون ويبحثون عن الخزعبلات والقصص الخرافية حول حادثه قتله المباركة ,,لا لشيء سوى تشويه الحقيقة وتعكير الفرحة التي فرح لها كل صاحب ضمير إنساني حي يحب ويعشق الحياة والسلام , ويكره الظلام والموت والحقد والضغينة والإجرام ..ثقافة الموت يروجها الوعاظ على المنابر ولطالما صموا آذاننا وملئوها بخطبهم الفارغة وتهديدهم لبسطاء الناس بالوعيد والموت وسوء العذاب لأتفه الأسباب وأحقرها , منكر ونكير ملكا الموت باتت وسيلة لتهديد البسطاء والفقراء والسذج من قبل فقهائنا على المنابر حتى مابرح من يسمع صفات منكر ونكير يسقط مغشيا عليه من وصفهم وصفاتهم (أن أصواتهما كالرعد القاصف وأعينهما كالبرق الخاطف وأنيابهما كالصياصى لهب النار في أفواههما، ومناخرهما ومسامعهما، ويكسحان الأرض بإشعارهما ويحفران الأرض بإظفارهما، مع كل واحد منهما عمود من حديد لو اجتمع عليه من في الأرض ما حركوه ,, فينتهرانه انتهارا تقعقع منه عظامه وتزول أعضاؤه من مفاصله , وان اخف العذاب هو وضع جمرة تحت قدم واحد منا لتغلي منه دماغه التي في رأسه ) وكانه يخيل لي ويخيل لأي منا انه سيقابل زبانية صدام كالكيماوي ووضبان والسبعاوي او انه سيدخل إحدى شعب التعذيب التي كان يديرها نظام البعث ,, والله هو الغفور الرحيم التواب العدل العفو القدير !! أما المجرمون والسفاحون والطغاة فلهم عقبى الدار ودار الشهداء والصديقين والأبرار والصالحين .لقد بأنا نذوق الخسارة بعد الخسارة وأصبحنا ضحايا الأوهام والخزعبلات في ضل سطوة الفقهاء الذين باتوا يشوهون ويحاولون قدر الإمكان تجميد وتقييد العقل الذي تحرك قليلا ,, فرق كبير بين المشعوذين والزنادقة والمصلحين هؤلاء يريدون كسب الشهرة والإفساد والظهور بمظهر التملق والخداع والنفاق بعكس المصلحين الذين يصبحون شموعا تضيء طريق من تاه عن طريقه وتهديه إلى جادة الصواب ,, وقد حان الوقت لكل الساكتين أن يتحدثوا ويرفعوا بأصواتهم وتعلو أصواتهم منادين بالحياة ولاشيء غير الحياة , واختم قائلا بمقولة احد الحكماء عندما قال : لا تخف من الحياة ولكن آمن بأنها تستحق العيش، واعتقادك هذا سيساعدك على الوصول إلى الحقيقة .
محمود غازي سعدا لدينبلجيـــــــــكا
https://telegram.me/buratha