حافظ آل بشارة
مذابح جديدة يومية في بغداد وحرص حكومي على نشر اقل ما يمكن من اخبارها ، آخرها كانت مذبحة يوم الاحد الدموي ، تم انجازها عبر 13 انفجارا استخدمت فيها مفخخات وعبوات ناسفة واسفرت عن 87 ضحية بين شهيد وجريح ، الاوساط الرسمية والشعبية استقبلت الحدث ببرود ، هذا الرقم الصغير لا يكفي كي يهتز الجمهور وحكومته غضبا ، مذبحة عابرة ، محررو الاخبار في الصحف والقنوات والوكالات يلقون اقلامهم ايهم يقدم الصياغة الافضل للتحليل المعتاد لمثل هذه المجازر ، لم يقدموا جديدا لأن عناصر تحليل المذابح اصبحت ثابتة ومعروفة كمحفوظة مدرسية في ساحة الاصطفاف ، يعرفها الحاكم والمحكوم والقاتل والمقتول والناس من سيادة الرئيس الى اصغر بائع فلافل ، السباق بين المحررين والناطقين يجري على اساس تقديم الصياغة الافضل فحسب ، الاستهلال الاكثر اثارة والقالب الأكثر جاذبية ؟ ، يتضمن التحليل الشعبي لمذابح الوطن الآمن اولا ذكر الجهات المستفيدة من المذبحة ، فيقال عادة ان المستفيد الاول هو منظمة القاعدة التي تقول امريكا انها قتلت قائدها اسامة بن لادن في باكستان وهي يجب ان تأخذ بثأره من امريكا بقتل اكبر عدد ممكن من العراقيين العرب المسلمين المدنيين العزل الذين يعيشون على بعد آلاف الفراسخ عن واشنطن عبر المحيطات . المستفيد الثاني : التوجه الذي يريد التمديد للقوات الأمريكية في العراق خلافا لموعد نهاية هذه السنة المدرج في اتفاقية السحب ، اذ يعزز قناعة البقاء لدى دعاة الانسحاب داخل امريكا وفي الاتحاد الاوربي ومجلس الأمن وداخل العراق برسم صورة مأساوية للوضع الأمني في البلاد . المستفيد الثالث : الفريق الوطني الذي اعتاد على استخدام المذابح في الضغط على شركاءه وابتزازهم لتحقيق مكاسب سياسية ، وكلما تصاعدت حدة الخلافات بين القوى الوطنية حدثت موجة مذابح ليعقبها رضوخ قوم لقوم آخرين ، هذه العناصر اصبحت أحدى محفوظات الشارع المكررة . وعندما تتضح هوية القاتل والمقتول والدوافع الاستثمارية ، تاتي محفوظة ثانية تتدفق من تحت اقلام المحررين في ذيل الخبر ، تلك المحفوظة تقول : ماهي العوامل المساعدة على تنفيذ هذه المجازر النموذجية بهذه السهولة زمانا ومكانا ووسيلة ؟ ، فيأتي الجواب من المقاهي والاسواق ومواكب المشيعين والمعزين وافواج الشحاذين واجتماعات الساسة والاعلاميين جوابا موحدا يقول : العوامل المساعدة هي : 1- بقاء الوزارات الامنية بلا وزراء لأجل غير مسمى وتسييس الموضوع . 2- وجود قادة مطلوبين للمسائلة على رأس القوى الأمنية بدعم حكومي .3- استبعاد الضباط المخلصين من القوات الأمنية .3- تخلف القوى الامنية استخباريا وتدريبا وتسليحا وتثقيفا وتوجيها . 4- تفشي الفساد بكل اصنافه المعروفة في المؤسسة العسكرية . 5- اعتماد القوى الأمنية في عملها على المبادرة الفردية للرجال الشجعان والمخلصين . مع ان هذه المحفوظات الوطنية شائعة جدا يحاول بعض المستفيدين توجيه تهمة الخيانة الى من يذكر هذه الحقائق ، وهذه قصة اخرى ومحفوظة ثالثة تحتاج الى شرح في الاعداد المقبلة .
https://telegram.me/buratha