المقالات

ثورات العرب وأزمة الفكر /

878 14:10:00 2011-05-26

حافظ آل بشارة

موجة التغيير في العالم العربي تتسع ولكنها تتباطأ ، سرعة التغيير في تونس ومصر لن تتكرر في بقية البلدان سيكون للتغيير ثمن باهض ، قتل وخسف ورعب وريح سوداء ، لكن الموجة لن تتوقف حتى تعم الآفاق ولن يبقى عرش الا انقلب على صاحبه ، احتقان متراكم ولحظة تأريخية تحتقر فيها الشعوب حكامها الذين يحمون انفسهم بقوة الحديد والنار ، أذا فقدت تلك القوة اعتبارها ولم يعد أحد يخشى الموت انتهت سطوة الحاكمين ، كانت شعوب المنطقة تعاني عبودية مقنعة بكل معنى الكلمة ، مجتمع عبودي مغلف بالتطور الشكلي ، رقيق على نطاق واسع ، المواطن الشرق اوسطي يعرف هذه الحقيقة ويعرف انه مملوك لحكامه ، كرامة البشر لا تسمح له بمكاشفة النفس بهذا المستوى من قسوة الاعتراف لكنه عندما يقرر التمرد على العبودية فهذا يعني حدوث متغير تأريخي سيصنع المعجزات ، هذه موجة وعي عربي وتحرر نفسي هائل تشبه الموجة التي رافقت ثورة العبيد التي تزعمها سبارتاكوس سنة 73 ق م ضد الامبراطورية الرومانية وشارك فيها مئة الف متحرر وقد حطموا قلاع الاباطرة واذلوهم وكادوا ان يسقطوا دولتهم ، بقيت تلك الثورة الرائعة في ذاكرة البشرية . تعاني الموجة العربية الجديدة خللا هو فقدان الاطار الفكري ، المعالجة الاعلامية وحدها لا تكفي ، الاعلام ينقل ما يجري وليس من وظائفه البحث في الخلفيات والحاضر وتصور المستقبل . بلدان المنطقة تمتلك حشودا من الاعلاميين وشعراء الزجل والفنانين لكنها بلا مفكرين ، الفراغ الفكري في المنطقة العربية يتم املاؤه بمفكرين موالين للغرب ينسجون على نوله ، وقد اختفت الهوية الفكرية للمنطقة التي تؤطر الحراك الاجتماعي والثقافي وتعطيه بعده ورؤيته الكونية الخاصة به ، المهمة الاولى للتوجيه الفكري لهذه الموجة التمييز بين انجاز التغيير اي انقاذ البلدان من الحكام الجبابرة وبين صناعة البديل ، فالمسافة بين القضيتين طويلة ومتعبة ، التغيير يحتاج الى غضب وشجاعة وايثار ، وصناعة البديل تحتاج الى بصيرة وتأن وتفكير ، في هذه الايام الحساسة من حياة المنطقة يتولى الاعلاميون والساسة التحدث في الشأن الفكري فيرتكبون اخطاء ، لو كان هناك بحث فكري لوجدنا من يقدم توقعات علمية حول الحاضر والمستقبل ، كمثال ، يتوقع احد المفكرين ان صناعة البديل تتطلب عدة معارك تختلف عن معركة اسقاط الحكومات ، معركة لمنع اتباع الانظمة الساقطة من العودة الى السلطة ، ومعركة لمنع المعارضين القدامى القاعدين من سرقة الثورة ، ومعركة ثالثة لتصحيح نهج الثوار الجدد الذين سيستخدمون الديمقراطية باسلوب استبدادي ، أخيرا قد يأتي النظام الديمقراطي المطلوب . هناك فرصة لاحاطة الشعوب بهذه الرؤية مثلا وغيرها عبر وسائل الاعلام السائدة ، يجب ان يبعث المفكر العربي موجة رأي عام لحماية الثورة وتزويد قواها بالوعي التأريخي والبصيرة والصبر ، لكل قوم زرقاء اليمامة التي تبصر لاجلهم عبر مسير يومين والمفكرون هم زرقاء اليمامة لهذه الشعوب السائرة نحو الحرية بأي ثمن .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك